هذا الفيلم أحبه ... باب فاتن حمامة المفتوح

تاريخ النشر: الأربعاء، 24 يوليو، 2019 | آخر تحديث: الأربعاء، 24 يوليو، 2019
فاتن حمامة وصالح سليم في فيلم "الباب المفتوح"

لكل منا مكتبته السينمائية عشرات الأفلام يحب مشاهدتها ولا يمل منها، الجديد منها والقديم، واحد من الأفلام التي أفضلها هو "الباب المفتوح" يعرض هذا الفيلم كثيرا عبر القنوات الفضائية وفي كل مرة اتنقل بين القنوات وأراه على الشاشة أجد نفسي اتركه وأتابعه.

يعرض الفيلم حياة فتاة مصرية من أسرة متوسطة، وتتماشى أحداثه مع أحداث تاريخية مهمة مرت بها مصر، إذ يبدأ في فترة الأربعينيات مرورا بحريق القاهرة ثم ثورة 1952 وحتى العدوان الثلاثي، محطات كان لها تأثيرا على بطلته الباحثة عن الحرية في مجتمع ذكوري رجعي.

الفيلم يستعرض نمادج مختلفة من السيدات الأم الخاضعة لسلطة الأب القاسي والابنة التي ترغب في التحرر والانطلاق، وهناك ابنة الخالة التي تتزوج من رجل كبير في السن لكنه ثري وتخونه بحثا عن السعادة والشباب، وقصة حب الصديقة والأخ اللذان قررا الاتحاد معا والمضي للإمام.

الفكرة الأساسية للفيلم تدور حول الفتاة وما تواجهه في حياتها من صعوبات في تلك الفترة الزمنية، وعلى الرغم من تحرر الفتاة المصرية من الكثير من القيود التي كانت تفرض عليها سابقا، لكنه يناسب ما تمر به بعض الفتيات الآن سواء في طريقة التفكير أو الخضوع لتقاليد تحكم المجتمع.

"الباب المفتوح" مأخوذ عن قصة تحمل الاسم ذاته للكاتبة لطيفة الزيات، وأخرجه هنري بركات عام 1963، وحرص بركات طوال أحداثه على الاعتماد على الصورة، ففي كثير من المشاهد كان تعبير الوجه أبلغ من الكلام، نظرات الخوف والرعب أو ابتسامة الأمل.

"ليلى" التي جسدتها فاتن حمامة، تتطور حياتها وتختلف نظرتها للأمور مع كل حدث سياسي تمر به البلاد، البداية مع ثورة المصريين ضد الاحتلال الإنجليزي لتثور مع فتيات المدرسة، وتقابل هذه الثورة بتجمد في أفكار والدها، وحتى والدتها وابنة خالتها وبعض زميلاتها في المدرسة غير مقتنعات بفكرة تحرر الفتاة.

وتبحث "ليلى" عن مخرج لها ويكون الحب هو الحل، حب ابن خالتها واندفاع عاطفي نحوه، لكن سرعان ما تكتشف حقيقة هذا الأمر وأنه مثله مثل الآخرين لا يتغير عنهم كثيرا في الأفكار، وهو الأمر الذي نجد بعض الفتيات يفعلنه حتى الآن يهربن من مشاكل كثيرة من خلال الحب فيقعن في أخطاء أكبر، وكأن القصة تصلح لكل زمان.

تلتقي "ليلى" بـ"حسين" صالح سليم، صديق شقيقها وهو الذي يمثل الطريق الصحيح في حياتها، الحب الحقيقي والرأي الصائب، الشاب الذي يفتح لها الباب لتخرج طاقتها، لا يجبرها على شيء بل يعطيها الفرصة للاختيار يدفعها للأمام، لطن الظروف تفرقهما.

يبعث الفيلم رسائل كثيرة حول فكرة تحرر المرأة ومقاومتها لكل ما هو جامد في المجتمع، وأن الرجل دوره ليس سلطويا ذكوريا بل دافع وداعم لتحرر المرأة.

"اعملي اللي بتؤمني بيه قبل فوات الآوان"، "لا أريد لك أن تفني كيانك في كياني ولا في كيان أي إنسان أريد لك كيانك الخاص المستقل" جمل قالها "حسين" لحبيبته "ليلى" في خطابات أرسلها لها، هذه الجمل تصلح في كل وقت لكل فتاة تحلم وتحاول الوصول لهدف.

يستعرض الفيلم شخصيات عديدة مختلفة في التفكير، تتناقض مع نفسها، وتستمر قصة "ليلى" وصراعها الداخلي بين تمسكها بحريتها وخوفها من والدها والمجتمع، وفي مرحلة الجامعة تلتقي بالدكتور "فؤاد" محمود مرسي، الرجل المثالي ذو الآراء الصائبة من وجهة نظر والدها، وتستلم "ليلى" للظروف المحيطة بها وتخطب لـ"فؤاد".

وتتجسد فكرة أن الفتاة حمل وعبء على الأسرة في مشهد عقب خطبة "ليلى"و "فؤاد" إذ تجلس الأم مع الأب ليلا وتتحدث عن أن حمل انزاح عن اكتافهما لأنها خطبت، وكأنهما تخلصا من عبء ثقيل لمجرد أنها ستتزوج،ليس من المهم طموحها أو أي شيء آخر تفكر فيه طالما وجدت العريس.

ورصدت لطيفة الزيات في شخصية "فؤاد" الرجل الشرقي المتناقض، فهو أمام الناس شخص محترم يحكي ويقول في محاضراته وينطلق بأفكاره، لكن في حياته الشخصية ما هو إلا صورة مكررة من الأب والرجل الشرقي المتسلط، تعجبه شخصية "جميلة" ابنة خالة "ليلى" السيدة المتفتحه، لكنه عندما يتزوج يبحث عن الفتاة المطيعة، لا يؤمن بالحب فهو لا وجود له فقط يتزوج لأنه عثر على الفتاة التي ستسمع وتنفذ أوامره، جسد محمود مرسي هذه الشخصية ببراعه من نظرات عيونه أو نبره صوته.

لكن لأن الفيلم يريد دعم فكرة الحب وقوته، تكون رسائل "حسين" داعمة لتثنيها عن الزواج من هذا الشخص، ولتأتي حرب العدوان الثلاثي 1956 لتكون قوة لمصر وقوة لـ"ليلى" التي تقرر ترك خطيبها والسفر إلى بورسعيد لتلحق بحبيبها وتساعد بلدها.

نهاية الفيلم مناسبة لفكرته، تتخذ "ليلى" قرارها وتترك خطيبها وتجري مسرعة نحو أمل جديد وباب آخر وحياة مختلفة، واختار بركات محطة القطار ليختتم فيلمه، تكسر البطلة خوفها ومع وجه تملأه نظرات الخوف تعطي لخطيبها دبلته وتخبر والدها بسفرها، تجري مسرعة نحو القطار وعندما تسمع صوت حبيبها يتحول الخوف المرسوم على وجهها إلى ابتسامة أمل.