قبل أن تقرأ: هذا التحليل يبدو فنيا، لكنه في الأساس اجتماعي.
وإن كان على الفرق اللي بينا واللي بس يخصنا
كل الحكاية إن إنت جيت الدنيا بعدى بكام سنة
والله مهما اتكلموا أنا هبقى ليك
وأنا عايزه ايه فى الدنيا دى غير الأمان
ما سبق، مقطع من أغنية "شايفاك كبير" وهي الأغنية رقم 8 في ألبوم المطربة والممثلة مي كساب الجديد "أنا لسة هنا" والذي تولى الإشراف عليه زوجها مطرب المهرجانات المعروف محمد صلاح والشهير بـ"أوكا".
بعد 4 سنوات ونصف تقريبا من الارتباط، ردت كساب لكن بكلمات مغناة على حملة هجوم عنيفة صاحبت إعلان ارتباطها من المطرب المثير للجدل هو وشريكه في النجاح أحمد متولي الشهير بأورتيجا.
نحن هنا لسنا أمام محاكمة جديدة لأغاني المهرجانات، وهو الفن الذي لا يزال صامدا وجمهوره لا يتناقص عكس التوقعات بانه سيكون موضة تتبخر سريعا، الأمر الذي يتطلب دراسة حقيقية على مستويين، الأول لماذا لاقت هذه الأغنيات نجاحا ممتدا، والثاني لماذا صمد أوكا وأورتيجا تحديدا عكس آخرين، حتى استحق أوكا أن تغني له مي كساب "شايفاك كبير" كلمات أحمد المالكي وألحان محمدي وتوزيع أوكا نفسه.
من يستمع للأغنية والتي تعد الأهدأ والأكثر رومانسية في ألبوم حمل مغامرة فنية حقيقية لكساب، ويعود لتوقعات فشل الزيجة قبل بدايتها، سيدرك سريعا كم المحاكمات الظالمة التي ينصبها المجتمع المصري أو من يتحدثون باسمه ليس فقط للشخصيات الشهيرة، لكن لكل من يحاول أن يتمتع بحرية في تصرفاته واختياراته، والمجتمع هنا ليس فقط المعلقين عبر السوشيال ميديا، لكن هناك فنانين وصحفيين وإعلاميين وغيرهم حتى من الشخصيات التي من المفترض أنها تتمتع بقدر من التعليم والخبرات الحياتية، تشارك في تلك المحاكمات بأراء تنم على أن الفصل لديها حاضر دائما بين الأفكار وما نقوله على أرض الواقع.
الإعتراض على ارتباط مي كساب وأوكا، لم يكن فقط بسبب فارق السن بينهما، أوكا أصغر بتسع سنوات، ولكن لأن هناك فئة رأت أنه لا يجوز أصلا لمطربة وممثلة معروفة أن تتزوج من مغني مهرجانات، وكأنهم يطبقون الفوارق الإجتماعية على العلاقات بين الفنانين .
إقرأ أيضا: 40 صورة من حفل زفاف مي كساب وأوكا
هو مقال إجتماعي إذن لكن بطلته مطربة، تحملت تعليقات وأراء وسخافات لا حصر لها، فقط لأنها قررت أن تتزوج من شاب أصغر منها سنا، ويتعرض لحملات لا تفصل بين شخصه وبين فنه ( أنا شخصيا لا أحب أغنيات المهرجانات، لكنني أتكلم هنا عن مساواة ندعي الإيمان بها قبل أن نرتد عنها حسب الأهواء).
وما بين صيف 2015 حيث الزفاف وذورة حملة الهجوم، وصيف 2019 حيث احتفال مي كساب بألبومها الجديد ، كان "الرد في الملعب" كما يقول أهل الكرة، الزيجة استقرت واثمرت عن طفلتين، وألبوم أشرف عليه أوكا، وحقق انتشار طيبا في أسابيع طرحه الأولى، وأكد أوكا من خلاله قدرته على إدارة موهبة كساب التي كادت تعتزل الغناء بسبب ما يحدث في سوق الكاسيت، دون أن يمنع وجوده مشاركة العديد من الملحنين والشعراء مثل أحمد المالكي وعزيز الشافعي ونصر الدين ناجي.
إقرأ أيضا: مي كساب تحتفل بإصدار "أنا لسه هنا"
بالتأكيد لن يعتذر الذين هاجموا كساب وزوجها وسيكررون ذلك مع أي حالة مماثلة، فالاعتذار يمنع المخطئ من التكرار، بالتالي يبق الحل الوحيد لمواجهة هذه الأمراض المجتمعية هو الإستمرار والصمود والحفاظ على الحرية الشخصية داخل سياج لا يمر من خلاله المتطلفون ومنهم من قد يهدي أغنية "شايفاك كبير" لمن يحب دون أن يعترف حتى ولو أمام نفسه بأنها أخطأ في حق أوكا وكساب.
شاهد: أغنية شايفاك كبير