الكبار على الكروازيت: الأفلام العشرة الأكثر ترقبًا في كان 72

تاريخ النشر: الجمعة، 10 مايو، 2019 | آخر تحديث:
الملصق الدعائي لمهرجان "كان"

عندما يحل مساء الثلاثاء المقبل 14 مايو، ستتجه كل أنظار محبي السينما في العالم إلى مدينة صغيرة صار اسمها مرتبطًا للأبد بالفن السابع. كان، المنتجع الراقي على الريفيرا والذي يتحول في كل صيف عاصمة لصناعة السينما العالمية، ونقطة لقاء لأكبر المخرجين الذين لا يؤثر قدر النجاح الذي حققه أي منهم حول العالم في رغبته للسير على سجادة كان الحمراء بطريق الكروازيت، وتقديم فيلمه لأربعة آلاف صحفي ومثلهم أو أكثر من محترفي الصناعة، يأتون كل عام ويتزاحمون في صفوف الانتظار من أجل مشاهدة أكبر عدد ممكن من الأفلام التي يصير كثير منها أهم أفلام العام.

55 فيلمًا طويلًا جديدًا اختارها كان 72 في برنامجه الرسمي (21 المسابقة الدولية، 18 نظرة ما، 4 خارج المسابقة، 2 عروض منتصف الليل، 10 عروض خاصة)، بالإضافة لحلقتين من مسلسل " Too Old to Die Young" لنيكولاس ويدنج رفن، وبرنامج حافل من كلاسيكيات السينما المرممة، ومسابقتين للأفلام القصيرة وأفلام الطلبة، دون حساب أفلام البرامج الموازية (نصف شهر المخرجين، أسبوع النقاد، آسيد). لتكون مهمة الاختيار عسيرة كالمعتاد على كل من سينال فرصة حضور المهرجان.

لكن وبغض النظر عن اهتمامات كل شخص من الحضور، تظل الأعمال العشرة التالية هي الأكثر ترقبًا نظرًا لمسيرة مخرجيها وأعمالهم السابقة، مع التأكيد على أن سيرة مهرجان كان هي تاريخ من المواهب التي يتم اكتشافها من رحم المشاركة، ومن المواهب التي حقق أصحابها خطوات مقبولة في منتصف مسيرتهم، حتى يأتي أحد أفلامهم في كان ليقلب الموازين ويضع صاحبه ضمن قوائم كبار العالم.

إليكم أفلام العشرة الكبار في كان 72..

ذات مرة في هوليوود Once Upon a Time in Hollywood

هو الحدث المرتقب في الدورة حتى وقوع أمر من اثنين: ظهور فيلم أيقوني أو خروجه فيلم كوينتن تارانتينو التاسع بصورة محبطة، وإن كان الأمر الثاني بعيد عن التوقعات، فتارانتينو امتلك على مدار مسيرته حدًا أدنى من الإمتاع يصعب تصور عدم تحققه في عمل وصفه توم روثمان رئيس مجموعة سوني بيكتشرز بأنه "أفضل سيناريو سُمح لي بقراءته على الإطلاق".
"ذات مرة في هوليوود" والذي اضطر مخرجه للبقاء داخل غرفة المونتاج لأربعة أشهر، وفق ما ذكره مدير المهرجان تيري فريمو في البيان الذي أضاف مجموعة من الأفلام للبرنامج المُعلن في المؤتمر الصحفي، تدور أحداثه عام 1969 في لوس أنجلوس، وترتكز على العلاقة بين ريك دالتون نجم التلفزيون الذي خفتت ضهرته (يجسده ليوناردو دي كابريو) وكليف بوث الدوبلير الذي اعتاد تأديه مشاهده الخطرة لفترة طويلة (يجسده براد بيت)، وهي المرة الأولى التي يجتمع فيها دي كابريو وبيت في عمل واحد.

خلال محاولة البطلان إيجاد وسيلة لاستعادة النجاح يتقاطع مصيرهما مع شارون تيت (مارجو روبي)، وتيت هي شخصية حقيقية للممثلة الشابة التي كانت زوجة للمخرج رومان بولانسكي، والتي قُتلت عندما كانت في الشهر الثامن من حملها بطفل بولانسكي، الجريمة الشهيرة التي أودت بحياة أربعة أشخاص آخرين تُعرف إعلاميًا بجريمة عائلة مانسون (مرتكبي الجريمة). وبالرغم من واقعية الزمن والحدث، يصمم تارانتينو التأكيد على أن فيلمه ليس عن الجريمة الشهيرة، وهو الأمر الذي يسهل أن نصدقه بسهولة من مخرج سبق وأن أنهى الحرب العالمية الثانية على طريقته فقتل أبطاله هتلر في نهاية "أوغاد ملعونون Inglorious Bastards".

ألم ومجد Pain and Glory

وسط عالم مهووس بالقضايا السياسية والاجتماعية والعناوين الكبيرة، لا يزال الإسباني بيدرو ألمودوفار يعيش الحياة على طريقته، يروي حكاياته المشغولة بالنفس البشرية وانقلاباتها التي تخرج كثيرًا عن المألوف، مستغلًا عناصر القوة الثلاثة التي يعرفها كل عشاق أفلامه: السيناريو والألوان وأداء الممثلين. هذا مخرج يعشق التعامل مع النجوم وإخراج أفضل ما لديهم من قدرات.

"ألم ومجد" هو سادس فيلم لألمودوفار يتنافس في مسابقة كان، بعدما نال من قبل جائزة الإخراج عام 1999 عن فيلم "كل شيء عن أمي All About My Mother"، ثم جمع جائزتي السيناريو وأحسن ممثلة (لكامل فريق التمثيل المكون من ست ممثلات" عن عمله الأيقوني "فولفير Volver" عام 2006.

في فيلمه الجديد الذي تشير تقارير لكونه مستمدًا من سيرة صانعه الذاتية، يعود ألمودوفار مجددًا للتعاون مع اثنين من ممثليه المفضلين: أنطونيو بانديراس وبينلوبي كروز. الفيلم يتابع ـ وفق المعلن عنه ـ الحياة المضطربة لصانع أفلام يجسده بانديراس، والذي كان بطل آخر فيلم لألمودوفار لاقي استقبالًا نقديًا جيدًا "الجلد الذي أسكنه The Skin I Live In"، بعدها قدم المخرج فيلمين قيل إنهما "محاولات منه لتقليد نفسه"، فهل سيعيد التعاون مع بانديراس نسخة ألمودوفار الأكثر أصالة؟

مكتوب، حبي: اللحن الفاصل Mektoub, My Love : Intermezzo

من المتوقع أن يكون الجزء الثاني من ثلاثية المخرج الفرنسي تونسي الأصل عبد اللطيف كشيش هو آخر فيلم يُعرض ضمن المسابقة الدولية لكان 72، فالمهرجان أعلن صراحة في بيان استكمال البرنامج أن النسخة النهائية للفيلم لم تكتمل بعد وأن برمجته في نهاية المهرجان تهدف لمنح كشيش الفرصة لإنهاء عمله الذي وعد ألا يزيد زمنه عن أربع ساعات!

هذا الإعلان يكشف عن الثقة الكبيرة التي يمتلكها المهرجان في كشيش الذي توّجت مشاركته الأخيرة في كان بالسعفة الذهبية عام 2013 عن "حياة أديل: الأسود أدفأ الألوان Blue Is the Warmest Color"، قبل أن يعرض فيلمه التالي، الجزء الأول من ثلاثية مكتوب، في مهرجان فينسيا قبل عامين، لتنقسم الآراء حول الفيلم ذي الإيقاع الهادئ، الذي لا يكترث لفضيلة الإيجاز أو التعقيدات الزمنية التقليدية، فقط يفتح الباب الواسع لتأملات صانعه للجسد البشري، للشباب والحب والرغبة، ولاكتشاف العالم متمثلًا في بطله الشاب الذي يقضي أجازة صيفية صاخبة في مدينة متوسطية فرنسية.

على كل الأحوال، لم يكن عبد اللطيف كشيش أبدًا من المخرجين الذين تُجمع عليهم الآراء؛ ككل فنان حداثي يحاول دفع سقف حريته الإبداعية وعدم الارتكان للتوقعات وحدود المسموح، ستجد دائمًا الانقسام حول أفلامه بين متيم بها وساخط عليها. موقف تكرر مع جزء "مكتوب" الأول، ومن المتوقع جدًا أن نشهده مجددًا في كان 72، فزمن الأربع ساعات يخبرنا أن كشيش لم يتخل في الأغلب عن خياراته المختلف عليها، بل أخذها لخطوة أكثر عمقًا وإثارة للجدل.

دييجو مارادونا Diego Maradona

من العسير أن يُجادل أحد في حقيقة كون البريطاني آسيف كاباديا أفضل مخرج وثائقيات سيرية على قيد الحياة، فبعد محاولات متوسطة النجاح مع الأفلام الروائية أدهش كاباديا العالم بفيلمين وثائقيين هما "سينا Senna" عن السيرة الذاتية لمتسابق الفورمولا البرازيلي آيرتون سينا، آخر من لقى حتفه داخل حلبة السباق، و"آمي Amy" عن المغنية البريطانية آمي واينهاوس ورحلة صعودها لقمة المجد ثم انهياراتها الشخصية والمهنية وصولًا لوفاتها في سن السابعة والعشرين.

خلق كاباديا أسلوبه القائم على استخدام المواد الأرشيفية فقط في سرد نسخة إنسانية من حياة الشخصية موضوع الفيلم، وكل من شاهد "آمي" الفائز بالأوسكار يصعب أن ينسى كيف تمكن المخرج من تحويل الأرشيف إلى عمل روائي الطابع، أكثر حقائقه إيلامًا هي أن كل ما يدور على الشاشة حدث بالفعل، ليس مجرد أحداث خيالية في فيلم روائي.

يعود آسيف كاباديا إلى كان بفيلمه الجديد عن أسطورة الكرة الأرجنتينية مارادونا، اللاعب الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الكرة. الترقب الكبير للفيلم الذي سيُعرض ضمن الاختيار الرسمي خارج المسابقة لا يعود فقط لأعمال مخرجه المدهشة، ولكن لأنها المرة الأولى التي يتناول كاباديا شخصية على قيد الحياة. وإذا كانت المواد الأرشيفية قد منحته كما وصف "علاقة صداقة متينة بشخصيات لم يقابلها في حياته ولو لمرة"، فإن الكل يترقب نسخة كاباديا من شخصية مثل دييجو، الذي قد يحضر بنفسه إلى كان، وحتى لو لم يحضر، ستطارد الصحافة رد فعله ورأيه في الفيلم.

أحمد الصغير Young Ahmed

لا غرابة في اختيار الفيلم الجديد للشقيقين البلجيكيين جان بيير ولوك دردان لمسابقة كان، فعندما تكون أفلامهما قد شاركت من قبل سبع مرات في المسابقة لتفوز في ستة منها بجوائز، من ضمنها سعفتان ذهبيتان عن "روزيتا Rosetta" عام 1999 و"الطفل L’enfant" عام 2005، فإن رغبة المهرجان في عرض عملهما الجديد تصير أمرًا منطقيًا، لا سيما مع قدرة الأخوين دردان على الحفاظ على وحدة وجاذبية أسلوبية تستحق الاحترام.

أعمال تقوم على سيناريو مكتوب بذكاء، يتعلق عادة بقضية اجتماعية أو سياسية ساخنة، لكنه يجعلها خلفية لحكاية إنسانية تقترب من نفس شخصية رئيسية أو أكثر، مع اهتمام خاص بأداء الممثلين، وبنقل النص للشاشة دون أي استعراض تقني، فقط التركيز على امتلاك زمام الإيقاع الملائم للحكاية. وصفة يبدو أنهما حاولا تحقيقها مجددًا في "أحمد الصغير".

مراهق مسلم في الرابعة عشر من عمره، يعيش في بلجيكا مضطربًا بين جذوره الدينية وعالمه المعاصر، حتى يقنعه شيخ متطرف أن يقتل معلمه في المدرسة. هذه هي الخطوط العريضة التي تم الكشف عنها حتى الآن من الفيلم، لكن الأخوان دردان أكدا في حوار نُشر بعد اختيار الفيلم لكان أن "أحمد الصغير" ليس فيلمًا عن التطرف، هو فقط فيلم عن طفل". وصف يحمل الكثير من المعاني والكثير من الترقب لجديد شقيقين اعتادا إثارة دهشتنا وتحريك مشاعرنا بأبسط الطرق.

حياة مخفية A Hidden Life

ثمانية سنوات مرت منذ نال الأمريكي تيرانس ماليك سعفة كان الذهبية عن "شجرة الحياة The Tree of Life" عام 2011، سنوات أنجز ماليك خلالها أربعة أفلام غابت جميعها عن كان بعدما طاف صاحبها بها على فينيسا وبرلين وساوث باي ساوثويست. للعودة إذن قيمتها، ففي المرتين السابقتين اللتين حضر ماليك فيهما إلى كان عاد بجائزة رئيسية" (الأولى كانت أحسن مخرج عن "أيام من الجنة Days of Heaven" عام 1978.

يزيد من قيمة عودة ماليك ثلاثة تفاصيل: الأولى هي إعلان ماليك عن عودته في "حياة مخفية" لشكل سردي متماسك وفيلم تم تصويره اعتمادًا على سيناريو مكتوب و"مرتب بعناية" حسب وصفه، بعد تجارب من الأعمال الشعرية التي صوّرها دون سيناريو، والتي انقسمت الآراء حولها بعنف، قبل أن يعود ماليك ويصرخ بأنه رغم تمكنه من الإمساك "بلحظات من التلقائية والحرية" فإن طريقة التصوير أسفرت عن "صعوبة التنسيق مع العاملين في الفيلم، فكان مصممو الإنتاج ومديرو المواقع يصلون كل صباح للتصوير دون أن يعلموا ما الذي سنقوم بتصويره وفي أي مكان".
"حياة مخفية" يقوم على القصة الحقيقية للنمساوي فرانتز ياجرشتاتر، الشاب الذي رفض الخضوع للتجنيد والقتال في صفوف النازي؛ مما أدى لإعدامه عام 1943 بتهمة الخيانة العظمى، قبل أن يعود لتعلنه الكنيسة شهيدًا بعد انقضاء الحرب العالمية الثانية. حكاية قد يعالجها غالبية مخرجي العالم في فيلم بيوجرافي اعتيادي، لكن ماليك سيمنحها بالتأكيد طابعًا مغايرًا.

نعتذر لافتقادك Sorry We Missed You

إذا كان ماليك قد بدأ مشاركاته في كان عام 1978 ويستعد للتنافس للمرة الثالثة، فإن هذا الرقم سيبدو متواضعًا بالمقارنة بالبريطاني المخضرم كين لوتش الذي بدأ الظهور في كان بعد ماليك، والذي يستعد للتنافس في مسابقة كان للمرة الرابعة عشر، ليكون ربما أكثر مخرج من حيث مرات المشاركة في المسابقة العريقة، ناهيك عن كونه أحد أعضاء النادي الذهبي لمن نالوا السعفة الذهبية مرتين، فنالها عن "الريح الذي تهز الشعير The Wind That Shakes the Barley" عام 2006 و"أنا دانيل بليك I, Daniel Blake" عام 2016.
لوتش بدأ مسيرته في كان عام 1981 بفيلم "نظرات وبسمات Looks and Smiles" يمتلك في جعبته بخلاف السعفتين الذهبيتين ثلاث من جوائز لجنة التحكيم عن "أجندة خفية Hidden Agenda" 1990 و"تمطر أحجارًا Raining Stones" 1993 و"نصيب الملائكة The Angel’s Share"، بالإضافة لجائزة أحسن سيناريو عن "حلاوة السادسة عشر Sweet Sixteen" 2002 وجائزة أحسن ممثل لبيتر مولان بطل فيلمه "اسمي جو My Name is Joe" عام 1998.

من الصعب توقع أي تغيير يُحدثه لوتش ذو الـ82 عامًا على أجندة اهتمامته ذات الميول اليسارية، خاصة عند قراءة الملخص المعلن عن "نعتذر لافتقادك" والذي يدور حول محاولة عامل توصيل وزوجته إيجاد سبيل للتعايش مع الأوضاع الاقتصادية الحالية في بريطانيا. لكن يبقى عرض أي فيلم جديد لكين لوتش حدثًا يستحق الترقب.

وكأنها الجنة It Must Be Heaven

عائد آخر ممن لم يسبق لهم الحضور إلى كان إلا وشكلوا فارقًا. الفلسطيني إيليا سليمان، المخرج العربي المعاصر الأكثر أصالة وخصوصية على الإطلاق، يعود للمسابقة الدولية برابع أفلامه الروائية الطويلة، فيلم يعمل إيليا على إنجازه لأكثر من خمس سنوات.

"وكأنها الجنة" هي ترجمة اجتهادية لمعنى العنوان الدولي لفيلم لم يكشف مخرجه عن عنوانه العربي بعد، وللعنوان في أفلام إيليا سليمان، فالجميع يذكر إصراره على أن الاسم الصحيح لفيلمه السابق هو "الزمن الباقي" وليس "الزمن المتبقي" كما ذكر البعض، فالباقي من البقاء أم المتبقي يُشير لزوال الجزء الأكبر، وإذا كان الأمر يتعلق بالوطن فالفارق بالطبع كبير.
في فيلمه الجديد يواصل سليمان تقديم رؤيته الخاصة للوضع الفلسطيني، بلوحاته المشهدية المشبعة بالعبث والمهتمة بدقة التكوين والسيطرة الكاملة على كل عناصر الكادر. سليمان هو بطل أفلامه كالمعتاد، هذه المرة يسافر خارج فلسطين، إلى باريس ونيويورك وربما غيرهما، من أجل اختبار إمكانية العثور على وطن بديل.

يمتلك إيليا سليمان سجلًا مدهشا: فيلمه الأول "سجل اختفاء" نال جائزة أحسن عمل أول في فينيسيا 1996، ثم فاز فيلمه الثاني "يد إلهية" بجائزتي لجنة التحكيم الخاصة والإتحاد الدولي للنقاد في كان 2002، واختير الفيلم الثالث "الزمن الباقي" لمسابقة كان الدولية 2009 قبل أن يحصد عديد الجوائز. هذه هي أطول فترة انتظار بين فيلمين في مسيرته، والكل يترقب أن تكون العودة على قدر التوقعات.

الموتى لا يموتون The Dead Don’t Die

يمتلك الكثيرون وجه نظر تعارض اختيار فيلم افتتاح يُنافس في المسابقة الرسمية، باعتبار ذلك يمنح الفيلم أفضلية مبدئية على منافسيه، لكن الأمر يغدو بلا قيمة في كان حيث تنال جميع أفلام المسابقة اهتمامًا إعلاميًا دوليًا ضخمًا على القدر نفسه، الأمر الذي جعل إدارة المهرجان تمنح مقعد الافتتاح والاشتراك في المسابقة معًا لأحد أصدقاء المهرجان القدامي، المخرج الأمريكي جيم جارموش، تمامًا كما نال الإيراني أصغر فرهادي العام الماضي. فيلم فرهادي جاء محبطًا لمحبيه، لكن جمهور جارموش ينتظر أن يكون اختيار كان في محله هذه المرة.

جارموش الذي يعتبر البعض أحد الآباء الروحيين للسينما الأمريكية المستقلة الحديثة، يواصل ما بدأه في أعماله الأخيرة من طرق باب أفلام النوع بعمل أفلام تنتمي لنوعيات لا يقدم عليها عادة كبار المخرجين، والكل يذكر ما حققه فيلمه المنتمي لعالم مصاصي الدماء "الأحباب فقط بقوا علي قيد الحياة Only Lovers Left Alive" قبل خمس سنوات. في "الموتى لا يموتون" يقدم جيم جارموش للمرة الأولى فيلمًا عن الزومبي.

"أعظم كاست في تاريخ أفلام الزومبي"، هو الوصف المصاحب لفيلم يلعب بطولته كل من بيل موراي وآدم درايفر وتيلدا سوينتن وستيف بوسيمي وداني جلوفر وسيلينا جوميز وإدجي بوب وآخرين. فريق مكون من نجوم أغلبهم سبق وأن عملوا مع جارموش الذي يمتلك في جعبته ثلاث جوائز سابقة من كان، بدأها عام 1984 عندما فاز فيلمه "أغرب من الجنة Stranger Than Paradise" بجائزة الكاميرا الذهبية لأحسن عمل أول، ثم السعفة الذهبية للفيلم القصير عام 1993 عن "قهوة وسجائر: مكان ما في كاليفورنيا Coffee and Cigarettes: Somewhere in California" والجائزة الكبرى عام 2005 عن "ورود مكسورة Broken Flowers".

أفضل سنوات حياة The Best Years of a Life

جدل كبير أثاره اسم الفرنسي كلود لولوش في مصر بعدما أعلن مهرجان القاهرة السينمائي العام الماضي عن تكريمه ثم تم إلغاء التكريم بعد هجوم فيه الكثير من المغالطة والاجتراء على مسيرة مخرج ذي باع طويل في السينما الفرنسية. إلا أن أكثر كارهي لولوش لا يمكن أن ينكروا الأثر الذي أحدثه فيلمه الأشهر "رجل وامرأة Un homme et une femme" الذي كان زلزالًا هز السينما العالمية عام 1966 بطريقة تصويره وأسلوبه السردي ومزجه بين الألوان والأبيض والأسود، لينال كل الجوائز الممكنة: السعفة الذهبية والأوسكار والجولدن جلوب والبافتا.
نجاح "رجل وامرأة" الهائل جعل كلود لولوش بشكل ما أسيرًا لهذا النجاح، فمهما أنجز وحقق بأفلامه، يظل بالنسبة للجميع هو صانع "رجل وامرأة"، الوصف الذي أزكاه بنفسه عندما عاد عام 1986 ليقدم جزءًا ثانيًا من الفيلم بعنوان "رجل وامرأة: بعد عشرين عامًا Un homme et une femme, 20 ans déjà"، وإن لم يلاقي الفيلم النجاح المأمول.

في كان 72 يعود لولوش مجددًا بجزء ثالث من عمله الشهير. "أفضل سنوات حياة" الذي اختاره المهرجان للعرض خارج المسابقة هو استكمال للقاءات الثنائي جان لوي دوروك وآن جوتيير، الشخصيتين الأيقونيتين اللتين يجسدهما مجددًا نفس النجمين جان لوي ترانتنيان (88 سنة) وآنوك إيميه (87 سنة). من الصعب وضع توقعات كبيرة علي فيلم لولوش الجديد، لكن النوستالجيا ستكون بالتأكيد دافعًا كافية لمشاهدة الرجل والمرأة معًا في لقاءٍ أخير