منذ عام 2017 شهدت الحالة الفنية اعتراضات وتقلبات بسبب بعض القرارات التي تم اتخاذها وقتها، كانت من المفترض أن تؤدي إلى تحسن مستوى الفن بشكل عام والغنائي بشكل خاص، ولكن، ومع الأسف، لم تتحقق هذه الأهداف.
لكي نتذكر ما حدث وقتها، وتحديدا مع نهاية عام 2017، صدر قرار بضرورة حصول الشاعر على موافقة من جهاز (الرقابة على المصنفات) قبل أن يتم التنازل عن العمل أو إعطاء ترخيص بغنائه، وهو ما قوبل ببعض الاستياء من قبل عدد من الشعراء وقتها لأسباب كثيرة، ولكن تم العمل بهذا القانون ومن وقتها وإلى الآن، لحماية الفن من الانحطاط والانحدار والرقي بذوق المستمع.
والآن وبعد مرور أكثر من عام، هل تحقق هذا الحلم؟ هل تمكنت الرقابة من الرقي بذوق المستمع؟ هل تم منع صدور الأعمال غير المحترمة أو المسفة؟ هل عاد الإنتاج الفني لما كان عليه والمكانة التي كان يتمتع بها؟
الحقيقة المؤلمة لا.. لم يتم منع الأعمال الغنائية غير الراقية من الصدور، ولم تتمكن الرقابة بهذه القوانين أن ترتقي بذوق المستمعين كما كانت تطمح، ولم تزد حركة الرواج الموسيقي بين صناع هذا المجال، بل على العكس قل الإنتاج الفني تماما، وأصبح شبه منعدما.
ومن النقاط المهمة أن الرقابة على المصنفات مختصة فقط بالأعمال التي سيتم طبعها وطرحها في ألبومات، ولكن كل ما يتم رفعه على الإنترنت أو يتم طرحه إلكترونيا ليس عليه رقابة، وفي حالة الخروج عن الآداب العامة ونشر الرذيلة تتدخل جهات أخرى لوقف ومعاقبة هؤلاء الأشخاص بناء على تحرك من أشخاص وبلاغات فقط.
ومن الوارد أن يتم رفض نص لأحد الشعراء بسبب كلمة قد يراها الشخص المختص لا تناسب الأغنية من وجهة نظره، على الرغم من اقتناع الشاعر صاحب النص بما كتبه إذ لا يجده فيه أي خطأ وأنه لا يقصد به أي إساءة إلا أنه لن يحصل على الموافقة إلا بعد التعديل، وإن لم يكن مقتنع به، وهو ما حدث بالفعل مع عدد كبير من الشعراء حتى وأن كان لهم تاريخا كبيرا في هذه الصناعة.
ومن جانب آخر تأثر عدد من الشعراء والملحنين بهذا القرار بسبب أن الموافقات على الأعمال الفنية قد تستلزم أكثر من 15 يوما، وفي بعض الأحيان يحضر مطرب أو مطربة من خارج مصر للزيارة وقد يعجب بعمل من أحد هؤلاء المبدعين ولكن بسبب الإجراءات التي قد تعطل سفره يتنازل عن هذه الأعمال، وهو ما حدث مع عدد من هؤلاء بالفعل.
المهرجانات الغنائية بكل أشكالها والتي يتم طرحها إلكترونيا فقط لا تحتاج الحصول على موافقة من الرقابة على المصنفات الفنية لأنها لا يتم طرحها في ألبومات ولا تحتاج هذه الموافقات ومع ذلك هي الأكثر انتشارا والأعلى مشاهدة والأكثر بحثا على المواقع بما تحمله من كلمات ومعاني قد تكون مسفة وتافهة في بعض الأحيان، ومع ذلك لا يمكن منعها مالم تتسبب في مشاكل أو تحمل معاني جنسية أو إسقاطات دينية وأو سياسية.
يأتي كل هذا في الوقت الذي تتراجع فيه الصناعة الموسيقية بشكل كبير وملحوظ، فالمطربون يقدمون أعمالهم بدون شركات إنتاج وينتجوها لنفسهم وعلى نفقتهم الخاصة لمجرد التواجد، أما شركات الإنتاج فعدد كبير منها توقف عن الإنتاج تقريبا خشية الخسارة ولعدم ضمان حقوقها، واكتفت بدور الموزع الفني فقط، فهل استفادت الصناعة من هذه القرارات بعد مرور أكثر من عام؟