عندما ينجح مسلسل في جذب انتباهك، وتبدأ في متابعة حلقاته، يصحبك إلى عالم مختلف تغرق في تفاصيله وتتفاعل مع شخصياته، كأنهم جزء من حياتك. في حالة الأعمال التليفزيونية الأمريكية، فإن شركات الإنتاج تنجح في توطيد العلاقة بينك وبين المسلسل على مدار سنوات طويلة، وفجأة تصل إلى نقطة النهاية إما لأسباب فنية أو لضعف نسب المشاهد أو لارتباط الممثلين بأعمال أخرى.
في فترة التسعينيات تعلق الجمهور بمسلسلات مثل Friends، وWill & Grace، وBuffy the Vampire Slayer، لكنها انتهت في منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، تكرر الأمر في السنوات العشر الأخيرة مع أعمال تليفزيونية مختلفة مثل Breaking Bad، وLost، وThe Vampire Diaries، وHow I Met Your Mother. وسيتعرض محبو Game of Thrones لنفس التجربة في العام المقبل مع عرض الموسم الثامن والأخير من المسلسل الذي حطم مجموعة من الأرقام القياسية على شبكة HBO.
شعور الوحدة والهجر الذي ينتابك فور انتهاء مسلسلك المفضل، ليس وهما تتخيله، بل هو شعور حقيقي، على الرغم من معرفتك بأن جميع الأحداث والشخصيات غير واقعية. وقد يدفعك هذا إلى إعادة مشاهدة بعض الحلقات لتتذكر مواقف قريبة من قلبك أثرت فيك حد البكاء أو اقتنصت ضحكاتك دون عناء.
ما زال الجمهور يعيد مشاهدة حلقات بطريقة عشوائية من Friends ليرى تجربة "روس" مع البنطلون الجلد، أو كيف نجح كل من "مونيكا" و"شاندلر" في إخفاء علاقتهما لمدة عن باقي الأصدقاء، وأحيانا يحاول تذكر Breaking bad في حلقة الصراع بين "والتر" و"جيسي" مع ذبابة في مكان مغلق، التي تضمنت لحظات ضعف وانكسار وقوة ومشاعر متأرجحة ما بين رغبة البوح بالأسرار والخوف من كشفها.
يقسم موقع The Odyssey Online المراحل التي يمر بها المشاهد عقب انتهاء المسلسل إلى خمس هي؛ إنكار الحقيقة والعشم في طرح مواسم جديدة، ثم الغضب من القائمين على العمل سواء منتجين أو ممثلين، مرورا بالمساومة مع النفس والاستمرار في مشاهدة حلقات مميزة، وصولا إلى مرحلة الاكتئاب التي تدفعك إلى فقدان الرغبة في مشاهدة أي شيء، وأخيرا تقبل الواقع والبحث عن أعمال جديدة.
لماذا يجد البعض صعوبة في الإقلاع عن مشاهدة أعمالهم التليفزيونية المفضلة؟ هذا ما حاول موقع E! News الإجابة عنه، مستعينين برأي متخصص في الطب النفسي.
تقول الطبيبة كاثرين سمرينج إن البشر يبحثون عن مجتمع ينتمون إليه، والمسلسلات نوع من أنواع المجتمعات. نبدأ بالتعرف على الشخصيات والمشاكل التي يواجهونها، بعدها نتعاطف مع بعض الأبطال ونكره البعض الآخر، حتى نتورط تماما مع القصة والأحداث.
تشير الطبيبة إلى أن أحد أسباب تعلقنا بالمسلسلات؛ الرغبة في الهروب من الواقع، موضحة: " "إنها حكاية، إنه سرد لحياة أناس آخرين، وبذلك نتمكن من عدم التفكير في مشاكلنا والدخول في عالم خيالي مختلف. أعتقد أننا جميعًا في حاجة إلى القليل من الخيال الآن".
وأضافت: "أعتقد أننا نصبح مخلصين لمسلسل ما، لأن القصص تعني الكثير بالنسبة لنا. الأمر الأكثر إشباعا في حياتنا هي الحكايات. إننا نعيش الحياة من خلال القصص والروايات المختلفة. والقصة الجيدة لا يمكن تركها بسهولة. أنها تصبح مثل صديق قديم، تحاول الحفاظ على علاقتك به، وزيارته من حين لآخر".
وحول ضرورة حذف المحتوى الذي يسبب لك ضغوط، تقول سمرينج، "حسناً ، أعتقد أنه عندما يكون لديك خيار تشغيل المحتوى أو إيقافه، وينتج عن ذلك ضغوط نفسية، فقد حان الوقت لكي تصبح واعياً أنك لديك القدرة على قول لا... أنا دائماً أخبر مرضاي أنهم يتمتعون بحرية الاختيار... أمامك الاختيار بين الشعور بالرضا أو الشعور بالسوء، وإذا كان الاحتفاظ بمسلسل ما على جهازك يساعدك على تحسين مزاجك، مثل الطعام، فعليك ألا تحذفه بأي حال من الأحوال. ولكن إذا كان هذا العمل يسبب لك ضغطًا كبيرًا، فقد تكون في حاجة إلى صديقك يساعدك على حذف بعض الأشياء".
في النهاية، يرتبط المشاهدون ببعض المسلسلات بسهولة دون عناء لأننا بشر. "القصص هي نسيج حياتنا. القصص الجيدة التي عرفناها منذ مرحلة الطفولة هي الأشياء التي تدعمنا وتثير خيالنا وتمنحنا الراحة والجموح".
اقرأ أيضًا:
بالصور- تعرف على القصة الحقيقية وراء الفيلم الكوميدي Tag.. لعبة تقتحم الجنازات من أجل الفوز!
آراء النقاد في Deadpool 2.. جرعة أكبر من الضحك أم أقل إثارة ومتوقع؟!