من بين السلاسل المختلفة التي أطلقتها مارفل في إطار Marvel Cinematic Universe ”عالم مارفل السينمائي“ يأتي فيلمي Thor في ذيل الإيرادات، مقارنة بأفلام كابتن أمريكا وآيرون مان، وبالطبع آفنجرز.
اشترك "ثور" مع "كابتن أمريكا" في أن بدايتهما جاءت بفيلمين مقبولين أو جيدين على أقصى تقدير، لكن الأخير نجح في تقديم مفاجأة سارة في جزئه الثاني، الذي يعد أحد أفضل أفلام عالم مارفل على الإطلاق، كما أن هذا الفيلم عرّفنا بالأخوين روسو اللذان أخرجا الفيلم، والجزء الثالث من "كابتن أمريكا"، بالإضافة لعملهما حاليًا على الفيلم القادم للآفنجرز، وهذا يكشف مقدار الثقة التي توليها مارفل فيهما.
على العكس لم يكن الجزء الثاني من Thor: The Dark World يحمل تطورًا كبيرًا عن جزئه الأول، لتصبح السلسلة هي الأقل تطورًا والأقل جماهيرية بين سلاسل مارفل التي استُكملت بأجزاء جديدة.
لهذا كان الفيلم الثالث من السلسلة Thor: Ragnarok فيلمًا مصيريًا في السلسلة، خاصة وأنه من المحتمل أن يكون الأخير، إذا كانت مارفل ستكتفي بثلاثية لكل من أبطالها الأوائل.
راجناروك
يدور فيلم ثور بعد فترة من أحداث فيلم Avengers: Age of Ultron، وتبدأ الأحداث سريعًا مع ظهور هيلا (كيت بلانشيت) إلهة الموت التي تستمد قوتها من آسجارد موطن ثور وترغب في السيطرة على الكوكب، ومن بعده الكواكب الأخرى. بعد معركة تتغلب فيها بسهولة على ثور (كريس هيمسورث) وأخوه غير الشقيق لوكي (توم هدلتسون)، يجد ثور نفسه في كوكب آخر مطالبًا بخوض قتال مع العملاق هالك (مارك روفالو) حتى يستطيع أن ينال حريته، ويعود إلى كوكبه، ثم، إذا نجح، عليه أن يفكر في طرقة للخلاص من هيلا التي تفوق قوتها قوته.
راجناروك هي واحدة من الأساطير الإسكندنافية، وفيها تدور معركة كبيرة بين الآلهة الأسطورية، تُسفر عن فناء جزء كبير من الكون، كما ينتهي عدد من هؤلاء الآلهة. الفيلم يستوحي الأسطورة، وهكذا تكون المعركة في الفيلم هدفها السيطرة على الكون، وخلالها يدور الصراع بين عدد من الآلهة الأسطورية.
كعادة مارفل في أفلام الأجزاء، يبدأ الفيلم سريعًا بمعركة لافتة بصريًا قبل أن يدخل إلى الأحداث، ومع المشاهد الأولى بعد المعركة يظهر الإطار الجديد الذي يضعه مخرج الفيلم تايكا وايتيتي، بمشاركة كتاب السيناريو إرك بيرسون وكريج كايل وكريستوفر يوست.
نشاهد ثور في الفيلم كما لم نعرفه من قبل، إذ يبدو شخصية هزلية وساخرة حتى في أعنف المواقف، لم يعد الشخص الذي تسهل إثارته ويعتمد على عضلاته قبل كلماته في الرد كما شاهدناه في الأفلام السابقة. ربما صارت الكوميديا علامة ثابتة في أفلام مارفل مؤخرًا، ولكن بمرور دقائق الفيلم، نشعر أننا شاهدنا هذا الشكل من قبل.
على خطى حراس المجرة
رغم النجاحات الكبيرة التي حققتها أغلبية أفلام مارفل، يظل فيلم Guardians of the Galaxy (حرّاس المجرة) متفردًا في نجاحه.
الفيلم لا يعتمد على شخصيات مشهورة ولها شعبية بين عشاق الكومكس، ولا حتى على أبطال لهم شعبية كما هو الحال مع روبرت داوني جونيور في سلسلة آيرون مان، ورغم ذلك حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا جعله يحتل المركز الثالث في قائمة إيرادات عالم مارفل الممتد وقت صدوره.
يعود هذا لتركيبة الفيلم التي مزجت عالم الخيال العلمي والمخلوقات الخيالية من الكواكب الأخرى، بالكثير من الكوميديا الجيدة التي تنبع من عدة شخصيات وليس شخصية واحدة كما هي العادة، هكذا تكررت هذه الوصفة ومعها تكرر النجاح في الجزء الثاني من هذه السلسلة، من هنا جاء الإغراء، لماذا لا نعيد تقديم ثور بمعايير حرّاس المجرة؟
يمكن القول أن ثور هو جزء جديد من حرّاس المجرة بتغيير الشخصيات.
يدور جزء كبير من أحداث الفيلم في كوكب آخر، كوكب ساكار، يشترك في تصميماته مع حرّاس المجرة، الكثير من الألوان الزاهية، والملابس والكائنات الغريبة، وفوق كل هذا الكثير من الكوميديا، ولما كان ثور وحده لا يكفي لتعويض شخصيات حرّاس المجرّة، فقد تحولت معظم الشخصيات التي نعرفها في الفيلم إلى شخصيات هزلية، وعلى رأسها ثور، لا توجد شخصية جادة واحدة في الفيلم باستثناء هيلا وأودين (أنتوني هوبكنز).
ويبدو أن هذا لم يكن كافيًا فأضاف السيناريو عددًا من الشخصيات الجديدة، والتي اعتمدت هي الأخرى على الشكل الكوميدي، مثل الجراند ماستر (جيف جولدبلوم) والكائن الخيالي كورج (أداء صوتي تايكا وايتيتي).
هكذا أصبح لدنيا كوكب جديد، الكثير من الألوان، عدد من الشخصيات الخيالية، وكمية كبيرة من الكوميديا.
امنعوا الضحك
الكوميديا صارت السمة الغالبة على أفلام مارفل الأخيرة، باستثناء Captain America: Civil War، ولكن الأمر زاد عن حده في فيلم ثور. فمن الممكن تقبل الكوميديا من شخصيات جديدة، لكن أن تتحول شخصية ثور فجأة إلى شخصية هزلية، بل وساذجة أيضًا في بعض المشاهد لإثارة الضحك، فإن هذا أمر غير مقبول.
يمتد أثر الكوميديا على العلاقة بين الشخصيات أيضًا، هكذا نجد أن العلاقة المتوترة دائمًا بين لوكي وثور تُعالج في الفيلم بعدد من التعليقات الساخرة.
الطريف في الأمر أن الشخصيات الجديدة التي قدمها الفيلم ظهرت بشكل أفضل، وقدمت كوميديا جيدة بالفعل، وربما لو كان السيناريو اكتفى بالمساحة الجيدة المعطاة لشخصيتي جراندماستر وكورج تحديدًا لما كانت هناك مشكلة، ولكان في الفيلم مساحة جيدة من الكوميديا الخاصة به.
ما يؤخذ على الكوميديا في هذا الفيلم أيضًا، أن الكثير منها كان متوقعًا، مثل أن يطلق شخص ما صيحة ليبدأ القتال، وتكون النتيجة أن يقع منه سلاحه أو يقع هو شخصيًا على الأرض، هذه المشاهد التي صارت محفوظة لدى المشاهد منذ أيام تشارلي تشابلن. بل قتلت الكوميديا عددًا من المشاهد الحوارية الجادة بشكل مفاجئ.
رُغم هذا لا يُتوقع أن تقدم مارفل على تقليل جرعة الكوميديا في أفلامها المقبلة، إلا عندما يُظهر الجمهور ضيقه منها.
وايتيتي وشركاه
بعيدًا عن الكوميديا، يقدم سيناريو الفيلم بناءً جيدًا للأحداث، ويربط الفيلم بشكل منطقي مع أفلام مارفل الأخرى، بل إنه يجيب عن السؤال الذي طرحه متابعو فيلم Civil War حول سبب اختفاء ثور وهالك أثناء المعركة التي دارت في ذلك الفيلم.
أدار السيناريو بهدوء وحرفية انتقال ثور لكوكب ساكار، ثم عودته لآسجارد، ثم الصراع بينه وبين هيلا، وساهم المونتاج في صناعة إيقاع جيد، فلم نشعر أن الانتقال بين الكوكبين كان حادًا، أو أن أحدهما يستهلك مساحة أكبر من اللازم، بل كان هناك سلاسة دائمًا في هذا الانتقال.
قدمت كيت بلانشيت كعادتها أداءً مناسبًا للشخصية، وإن لم يكن استثنائيًا، ولا يعود هذا لمشكلة لديها بل لطبيعة الشخصية نفسها كما هي مكتوبة، شخصية شريرة ذات بعد واحد تود أن تدمر وتبيد كل من يعترض طريقها.
الأداء الأبرز في الفيلم كان لجيف جولدبلوم، شخصيته هزلية كما ذكرنا، الجراندماستر هو قائد لكوكب ساكار، يتحكم في حلبة المصارعة ونظام المراهنات، لكن ما أداء جولدبلوم هو التلقائية الشديدة التي يلقي بها عباراته، بشكل يقنع المشاهد أن هذه هي طبيعة الشخصية بالفعل، دون أية مبالغة أو افتعال.
وهنا يجب أن نتحدث عن دور المخرج تايكا وايتيتي، على الرغم من التوظيف الجيد للأدوار المساعدة الجديدة، باستثناء شخصية سكرج (كارل إربن) التي كانت تقليدية كتابة وأداءً، إلا أنه من الصعب الخروج من الفيلم وتذكر بصمة واضحة للمخرج.
حاول وايتيتي صنع بعض اللقطات الممتعة بصريًا مثل لقطة الصراع بين جيش الفالكايري وهيلا، واللقطات الخاصة بالرسومات الجدارية على سقف القصر في آسجارد، لكن بخلاف هذا لم يقدم شيئًا استثنائيًا، على مستوى المعارك تحديدًا، خاصة إذا قارناها بما قدمه الأخوان روسّو في فيلمي كابتن أمريكا الأخيرين، أو حتى بالعالم الخاص بجيمس جَن في فيلمي حراس المجرة.
في المقابل كانت الموسيقى لمارك ماذرسباخ من العناصر المميزة واللافتة داخل الفيلم، واستخدام الأغاني في بعض المشاهد كان اختيارًا موفقًا.
فيلم Thor: Ragnarok يمكن النظر إليه وحده بصفته فيلم مميز وجيد الصنع ومسلي إلى حد كبير، وهو المطلوب عادة من أي فيلم في العموم ومن أفلام الكومكس على وجه الخصوص، ولكن مشكلته الرئيسية أنه ليس فيلمًا منفصلًا، أو فيلمًا تأسيسيًا، بل هو جزء من عالم ممتد، ولما كانت شخصيات الفيلم قد تأسست بالفعل بأبعاد واضحة سابقًا، لم يكن من الجيد التغيير فيها بالصورة التي ظهرت في الفيلم.
اقرأ أيضا
5 أسباب تميز Thor: Ragnarok عن الجزأين السابقين.. كل هذا يحدث للمرة الأولى