جوع، فقر، حرمان جنسي، تطرف ديني، فشل، هروب من الواقع، وفقدان، كل هذه النماذج الموجعة نجدها متجسدة أمامنا على شاشة السينما فى شخصيات من لحم ودم داخل حارة صغيرة، تبدأ تندمج مع معاناتهم منذ المشهد الأول لفيلم "يوم للستات".
"يوم للستات" من اسمه ندرك أن البطل الأول والرئيسي للفيلم هم النساء، وهذا صحيح، لكن بشكل مختلف، فالنساء هنا بطلات في سرد الأحداث اللواتي نعرف من خلالهن ما يدور في نفوس شخصيات هذه الحارة من آلام.
يبدأ الفيلم مع قرار الحي بإنشاء حمام سباحة في مركز الشباب وتخصيص يوم الأحد للسيدات، وبرعت المخرجة كاملة أبو ذكري في تصوير الإهمال وغياب العدالة مع دمجها خبر إذاعة إنشاء حمام السباحة، وتصوير الأرض المتعرجة والجوع على وشوش سكان الحارة الفقيرة.
أول الشخصيات التي نتعرف عليها فى الفيلم هي "شامية"، التي تجسدها إلهام شاهين، سيدة في منتصف الأربعينات من عمرها تعيش وحيدة، عملها هو أن يقوم برسمها الرسامون عارية، وهي مهنة توارثتها عن والدتها وخالتها، لا تعرف من هو أبوها، وسمعتها سيئة بالحارة.
معاناة "شامية" هي حبها لأحمد الذي يجسده محمود حميدة، الذي تركها وسافر وتزوج من إمرأة أخرى، ومن أجله قررت أن تمتنع عن الجواز وحتى عن الخطيئة، برعت إلهام شاهين بالفيلم، وخاصة في واحد من أحلى مشاهدها على الإطلاق وهى تروي معاناتها قائلة "رخصت جسمي ولسه بنت"، فإلهام شاهين كان دورها بالفيلم سواء كانت القصة أو التمثيل مختلف واستطاعت أن تروي معاناة حبها لأحمد مع حرمانها الجسدي.
وكانت صديقة "شامية" بالفيلم هي "ليلى" التي تجسدها نيللي كريم، إمرأة فقدت ابنها وزوجها اللذان ماتوا فى العبارة عند عودتهم من السعودية، وتعيش بأحزانها صامتة تبيع العطور لا تتحدث، وتعاني من قسوة أخيها المتطرف دينيا الذي يجسده أحمد الفيشاوي، كان دور نيللي كريم غير فعال بالفيلم وشعرت أنني أرى النسخة الشعبية من حزنها الذي قدمته في مسلسلاتها الدرامية.
وإحدى الشخصيات الرئيسية بالفيلم والتي قدمت دورها بشكل رائع واستطاعت أن تحظى بإشادة عالية هي ناهد السباعي أو "عزة العبيطة" بالفيلم لكنها وفي رأي أعقل الشخصيات، حيث قدمت ناهد السباعى دورها بشكل مختلف عن دور المختل العقلي المتعارف عليه، فهي أول من ذهبت لحمام السباحة فى يوم السيدات و"اشترت مايوه"، الذي كان بالنسبة لها المنفس الوحيد التى تشعر فيه بحريتها وإنطلاقتها، فبالرغم من كونها "عبيطة" كما يطلق عليها أهل الحارة لكن تتمتع بأحاسيس ومشاعر، تريد الحب، وتفقتد أمها، وترضى بقضاء الله.
فقدمت كل من كاملة أبو ذكري وناهد السباعي مشهد عبقري، جعل المتفرجون يملؤون الصالة تصفيقاً شديداً، وهو عندما جلست عزة فوق كتف أحمد داوود أو "إبراهيم الميكانيكي" الشخص الذي تحبه وهو يقود الدراجة النارية أو "الموتوسيكل" مع النفس العميق والتصوير البطئ فى واحد من أروع المشاهد لتصوير الحرية والإنطلاق.
فيلم "يوم للستات" كانت أدوار الرجال فيه غير ملفته للإنتباه بشكل كبير، وربما يعود ذلك لقصته الرئيسية، وكان ينقصه بعض التفاصيل فى السيناريو عن حياة الأشخاص، وهناك أحداث كانت تحتاج لتفسير منطقى أكثر.
اقرأ أيضاً
القاهرة السينمائي38- فيلم Toni Erdmann..كوميديا ألمانية تحمل الكثير من المشاعر الإنسانية
مهرجان القاهرة السينمائي الـ38 ينظم احتفالية بعنوان "صانع البهجة" تخليدا لمحمود عبد العزيز
6 لقطات من كواليس افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الـ38 .. أبرزها سؤال سما المصري وحذاء إنجى علي