أثناء جلوسي في قاعة السينما التي تعرض فيلم "ليلة سقوط بغداد" ، وفور نزول لوحة الفيلم حاملة على متنها عبارة "للكبار فقط" ، ضجت القاعة بالضحك ، والسبب كان واضحا وغريبا في آن واحد ، فمعظم الحاضرين كانوا أقل من 16 سنة ، بل إن عددا كبيرة منهم كانوا أقل من عشر سنوات ، والدليل على ذلك أن هناك أطفالا كانوا يبكون بصوت عال أثناء الفيلم!
والسؤال هنا : لماذا يعرض هذا الفيلم "للكبار فقط" طالما أن قاعات السينما لا تستطيع وضع ضوابط تمنع المراهقين من دخول القاعة؟ بل ومن هي الجهة المكلفة بمراقبة هذا الأمر؟ هل هي السينما؟ أم أن السينما كل ما يهمها هو قطع التذاكر لكل من يرغب؟ أم أنها الشرطة؟ .. طيب هية الشرطة ولا مؤاخذة لو حطوا واحد على باب كل سينما ، يبقى كدة مش ها يلاقوا حد يمسك الحرامية في البلد!
والسؤال الأهم هو : هل أصبح عرض الفيلم - أو أي فيلم - للكبار فقط أمرا مجديا في عصرنا الحالي الذي أصبح فيه الدخول على مواقع النت الإباحية أسهل من دخول الحمام ولا مؤاخذة؟!
ثم تعالوا هنا : إذا كنتو قاعدين تقولوا ديمقراطية وحرية تعبير وليبرالية ومش عارف إيه؟ يبقى هل من الحرية والليبرالية إنه يبقى فيه حاجة اصلا اسمها رقابة؟!
سيقول البعض : لابد من الرقابة لأننا مجتمع شرقي ومسلم ولنا تقاليدنا ، وأنا أقول : طب ما دمنا مجتمع شرقي ، يبقى ليه فيلم يتم تصويره من الأساس والسيناريو بتاعه مليان كلمات خارجة ومشاهد خارجة؟ أليس من ألأسهل والأوفر والأجدى أن تكون الرقابة على السيناريو المكتوب قبل أي شيء؟!
ثم لماذا يعرض الفيلم للكبار فقط وليس للصغار ، ونحن الآن في زمن يعرف فيه الصغار كل صغيرة وكبيرة عن حقائق الحياة؟ بل إن ما لا يعرف من أصدقائه عرف من قنوات الدش ، ومن لم يعرف من الدش عرف من النت ، ومن لا يعرف من النت ، عرف لأن كل من حوله يعرفون!
أيها السادة ، ، بل نعتقد أنهم يسمعونها من الأب والأم أحيانا في البيوت خلال المشاجرات اليومية ، ويسمعونها من الجيران ، ويسمعونها على شاشة القناة الثانية في ترجمات الأفلام الأجنبية!
وأذكر هنا واقعة طريفة بمناسبة ترجمة عبارات السب القبيحة التي ترد بكثرة في الأفلام الأمريكية إلى كلمة "عليك اللعنة" أو "ثكلتك أمك" ، فمنذ أسابيع قليلة كنت أشاهد فيلما عربيا قديما مترجما إلى اللغة الإنجليزية ، وفوجئت بالبطل يسب بطلا آخر بقوله : "إن ما وريتك" أو حاجة من هذا القبيل ، وكانت الترجمة الإنجليزية في أسفل الشاشة هي : i will fuck you!
موضوع "للكبار فقط" هذا يجب إعادة النظر فيه ، لأننا إذا لم نضع ضوابط لتطبيقه بحزم ، فليس من المنطق الاستمرار فيه ، لأنه بذلك يكون أشبه بقانون المرور الذي يلزم السائق بارتداء حزام الأمان ، في حين توجد سيارات أخرى تسير في الشوارع أشبه بصفيحة السمنة من بشاعتها وسوء حالتها!