لماذا عاش القرد بوجي مع طمطم وطماطم الأرنبتين وكيف كان يتفاهم معهم الفنان الراحل حسن مصطفى في شخصية عم حسن؟
وهل القيم والأخلاقيات التي قدمها لنا مسلسل الأطفال "بوجي وطمطم" قبل حوالي 40 عاما، صحيحة نظرا لمجيئها من حيوانات، والحيوانات كما نعرف جميعا كائنات غير عاقلة؟
نرشح لك - أبرزها الهروب خارج مصر... سيناريوهات حسام حبيب للخروج من أزمة شيرين عبد الوهاب
الأسئلة السابقة هي أقصى ما توصل له خيال أبناء جيلنا في السخرية من طفولتنا البريئة، قبل أن نجد أنفسنا محاصرين بأسئلة أكبر، سببها مصطلح "الصوابية السياسية" أو Political Correctness، وهو أن تتحدث بكلام يشمل الجميع ولا يتجاهل أي أحد، أن تساوي في كلامك بين الأغلبية الساحقة والأقلية التي لا تعرف بوجودها.
يرى البعض أن الصوابية السياسية، التي بدأت هوليوود في فرضها بشكل صارم على الأفلام خلال الأعوام الماضية، ووضع ضوابط تشترط وجود تمثيل للأقليات في كل الأعمال، سواء على الشاشة في الشخصيات أو خلفها في طاقم العمل، ستفسد صناعة السينما، ولن تصمد كثيرا قبل أن يتحرر المبدعون منها.
ويبرر المعارضون للصوابية السياسية موقفهم بأنها تفترض وجود ممثلي الأقليات في كل المواقف والقصص، وهو أمر لو كان صحيحا، لما أصبحت الأقليات تسمى بهذا الاسم، وما احتاج أحد لإقحامها في الأعمال دون مبرر.
هل تقتل الصوابية السياسية متعة الأفلام؟
تغيير الثوابت يخالف المنطق الذي يتقبله العقل، تخيل أن فيلم "تيتانيك" أعيد إنتاجه فأصبحت قصة الحب بين فتاتين ومعاناتهما وسط رفض عائلة روز الثرية لعلاقتها المثلية مع جاكلين الرسامة الفقيرة.
ولشرح ما يعنيه الأمر، ماذا لو أن شركة أيون المنتجة لسلسلة أفلام جيمس بوند قررت اختيار إدريس ألبا بطلا لأفلامها، سيكون الأمر غير مقبول لأن جيمس بوند رجل بريطاني أشقر الملامح، والرفض لا يتعلق بكون ألبا رجلا أسمر البشرة، بل لأنه سيصبح شخصا آخر غير جيمس بوند المعروف وصفه منذ منتصف القرن الماضي.
لكن من أجل الالتزام بقوانين الصوابية السياسة، نجد فيلم جيمس بوند الأخير " No Time to Die" يبدأ باعتزاله كعميل للمخابرات البريطانية، لينتقل رقمه الشهير 007 إلى امرأة سمراء، وعند عودته إلى عمله فوجيء بالأمر، لكن لأن المنتجين يعرفوا أن الجمهور لن يتقبل تغيير الثوابت، أعادوا له رقمه في مشهد قصير، لحل المشكلة.
الصوابية 0 - 1 الإبداع
أحد عوامل الإبداع هو التحرر من القيود والقوالب، وليس اختلاقها، ويمكن سرد قصص الأقليات والغوص في تفاصيلها والتعبير عن قضاياها، لكن ضمن سياق طبيعي وليس مقحم، وسيقبل الجمهور على مشاهدتها لأن العمل الجيد يجذب الجمهور، حتى لو كان بلغة لا يعرفها سوى أهل بلدها.
الدليل؟ أن أكثر الأعمال نجاحا خلال الأعوام القليلة الماضية جاءت من خارج الولايات المتحدة الأمريكية، مثل مسلسلات "Squid Game" و" La casa de papel" أو فيلم "Parasite"، سيصدقك الجميع ويتابعوا أعمالك حتى لو كنت تتحدث بلغة غير منتشرة حول العالم، طالما أنك تسرد قصتك بإتقان وتحرر من القيود والموازنات التي تخل بالدراما، لإرضاء أقليات بالتأكيد لديها مشاكل أخرى أهم.
نتفليكس عاشقة الصوابية السياسية
أكبر مروج لأفكار الصوابية السياسية هي منصة نتفليكس، التي تحولت مشاهد العلاقات المثلية وغير المعهودة في أعمالها، إلى كوميكس ودعابات منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
أعلنت نتفليكس عن إنتاجها لنسخة جديدة من مسلسل الأطفال البريطاني Teletubbies، يبدأ عرضها يوم 14 نوفمبر المقبل.
وطرحت إعلان المسلسل أمس، لنكتشف أنه يعود بشخصياته المعروفة، وهم 4 دمى إلى جانب شخصية الشمس، المعروفة بـ Baby Sun، وهو وجه طفلة شقراء تضحك يتم دمجه مع الشمس في السماء، لمنح مشاهد الدمى إحساس البهجة.
لكن لأن نتفليكس تطبق الصوابية السياسية بمعايير هوليوود، تم استبدال الطفلة الشقراء بأخرى ذات شعر أسود وملامح آسيوية ونسخة ثانية لطفل أسمر البشرة.
ديزني ودعم المثلية
ظلت شركة ديزني لسنوات طويلة داعمة لفكرة العائلة المنقوصة، غياب الأب أو الأم عن القصة، وغالبا كان يفضل وفاة أم البطلة ووجود زوجة الأب الشريرة، وعندما تواجد الأبوين سويا في فيلم The Lion King، كانت الأزمة في وجود الأب، ليتم قتله فتبدأ قصة سيمبا الحقيقية.
لكن مؤخرا غيرت ديزني ميولها الفكرية، بعدما كشفت كيري بورك، رئيس المحتوي الترفيهي، أن الشركة تتعهد بإنتاج المزيد من الشخصيات الكرتونية، التي تدعم المثلية، وتم تسريب حديث بورك مع موظفيها وغضبها من قلة النماذج المثلية في أعمال ديزني السابقة.
ذلك القرار كلف ديزني كثيرا بعد رفض عرض أفلامها الأخيرة في العديد من الدول بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وسط انتقادات حول العالم لإقحام قضايا دعم مجتمعات الأقليات الجنسية في أعمال تخاطب الأطفال.
ماذا لو نشأنا وسط الصوابية السياسية الكرتونية؟
كلنا كنا أطفالا وشاهدنا أعمال ديزني وقرأنا مجلة ميكي، لم يفكر أحدنا في أن ميكي فأر وصديقه المقرب بندق كلب، وفي الوقت نفسه يربي ميكي كلب آخر، بلوتو، كحيوان أليف.
لو تم تطبيق الصوابية السياسية على ميكي وأهل مدينته ماوستون (ميكيفيل في النسخة العربية من مجلة ميكي) لكان من المفترض أن يشعر قط مثل دنجل بالرعب كلما شاهد بندق أو بلوتو، لأن القطط تخاف من الكلاب، ودنجل لم يكن يخشى سوى المفتش سرور، لأنه رئيس شرطة المدينة وليس لكونه كلب حراسة.
كما أن الصوابية السياسية كان يجب أن تجعل مدينة البط -حيث يعيش بطوط وعم دهب- مدينة أكثر تنوعا في السكان، وربما كان الأفضل دمجها مع ميكيفيل، بدلا من فصل الطيور عن الحيوانات، كلا في مدينته.
لو أعدنا النظر إلى نموذج بوجي وطمطم الذي بدأ به هذا المقال، نجد أن التليفزيون المصري كان يوعي الأطفال بالتنوع الفكري بدون صوابية سياسية ومعايير مقحمة؛ حيوانات صغيرة تخطيء وتصيب وتتلقى النصائح من الكبار سواء كانوا دمى للحيوانات أو بشر.
والنموذج الأنجح للتنوع دون صوابية سياسية هو مسلسل "بكار"، طفل أسمر البشرة من أسوان، يواجه الأطفال المتنمرين ورجال العصابات، يقتنى معزة أنثى اسمها رشيدة، لكنه يعاملها بمساواة مثل البشر.
تخيل لو طبقنا الصوابية السياسية على مسلسل "بكار"، هل كنت ستتقبل أن يتزوج حسونة من رشيدة؟ لا؟ يالك من عنصري!
حسنا، لو كنت تمتلك إجابة لسبب عدم ارتداء توم وجيري لأي ملابس إلا حين يذهبان إلى البحر فيرتدي كل منهما المايوه، ناقشني على تويتر من هنا @MSultanMahmoud لأن الموضوع في منتهى الخطورة.
اقرأ أيضا:
#شرطة_الموضة: مي عمر بفستان لامع قصير في عيد ميلادها.. سعره مفاجأة
سكرتير نقابة الموسيقيين: مؤامرة استقالة هاني شاكر تم تدبيرها في كافيه يملكه ابن مصطفى كامل
نداء شرارة تكشف عن تعرضها للتنمر: قالولي منخارك شبه "البتنجانة"
تأجيل حفل تامر حسني في قطر بسبب قرصنة موقع التذاكر
لا يفوتك- أحمد تمام في حوار خاص لموقع "في الفن" يكشف كيفية إعداد وتأهيل الممثل
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5