لماذا فيلم "غبي منه فيه" درة أعمال المخرج رامي إمام؟.. الإجابة ببساطة لأن هناك شخصيات مبنية بشكل جيد، يمكن خلق لها مواقف ينتج عنها ضحك، كذلك تتمتع الشخصيات بقدرة على تقديم كوميديا الإيفيه والفارص بشكل جيد للغاية، بجوانب عوامل أخرى، هناك بالطبع أعمال أخرى جيدة لرامي إمام، لكن هذا العمل درته في السينما.
الكوميديا تحتاج في الأساس إلى كتابة وإخراج ومونتاج، صحيح أن كل ذلك دون شخص لديه القدرة على الإضحاك لا شيء على الإطلاق، لكن أكثر الفنانين إضحاكا وكاريزما لا يستطيع فعل شيء دون نص أو "خروج عنه" ومخرج ومونتير.
ولو كانت الكوميديا نصا فقط وممثلا مضحكا فقط، لما كان هناك مخرجين عظام في الكوميديا على رأسهم بالطبع فطين عبد الوهاب، وهو ليس الأوحد.
"فضل ونعمة"
ويعرض حاليا لرامي إمام فيلم "فضل ونعمة"، بطولة ماجد الكدواني وهند صبري، من تأليف أيمن وتار، وهو عودة لرامي إلى السينما بعد غياب 14 عاما، منذ فيلمي "كلاشنكوف" و"حسن ومرقص" عام 2008، قدم خلالها العديد من المسلسلات، وعناصر التمثيل في الفيلم إلا في شخصيات محدودة، والنص، والإخراج، لم تكن في أفضل حالاتها.
الفيلم عن زوج وزوجة لديهما ولد وبنت، ويسعيان للمشاركة في مسابقة من أجل الحصول على الجائزة، في محاولة منهما لإنجاح مشروعهما مطعم فضل ونعمة وتسديد الديون، لكنهما يتورطان مع عصابة لتجارة المخدرات.
ويدخلنا الفيلم في أجوائه مباشرة من المشهد الأول، من خلال مشهد لفردين من العصابة تدرك من خلاله الورطة التي سيقع فيها أبطال العمل.
"أداء مكرر"
لكن ما جاء في الفيلم بعد ذلك لم يكن أفضل شيء على الإطلاق، فالشخصيات دون أي تاريخ مفهوم على الإطلاق، والأداء بالنسبة لماجد الكدواني وهند صبري مكرر وتقليدي للغاية، فهند استحضرت شخصيتي مسلسلي "إمبراطورية مين" و"البحث عن العلا"، وماجد الكدواني رغم أنه مكرر في أدائه لكنه غالبا ما يقدم أداء جيد، لكن هذه المرة لم يكن في أفضل حال.
شارك السيناريست أيمن وتار، مؤلف "فضل ونعمة"، في كتابة عدة أفلام ومسلسلات وبرامج كوميدية، أبرزها فيلم "نادي الرجال السري" وفيلم "الكويسين" ومسلسل "بدل الحدوتة تلاتة" ومسلسل "الوصية"، وما زال لديه أزمة في السيناريوهات التي يقدمها، من شخصيات مبتورة ليس لديها ملامح محددة، أو مواقف مفتعلة دخيلة وغير منطقية.
"عدم احترام الكوميديا"
والسؤال، وهو غير خاص بهذا العمل فقط لكنه أمر مكرر، لماذا لا يحترم صناع الكوميديا ما يقدمونه من كوميديا؟، لماذا يصرون دائما على أن الشخصيات والتفاصيل والمنطق أمور ليست ضرورية في صناعة العمل الكوميدي؟، وأن المفارقة والمبالغة تعني أن تكون المواقف منزوعة السياق والمنطق وكل شيء.
الفيلم مليء بمواقف يُضع فيها أبطال العمل لخلق مساحات ضحك فقط، وهذه ليست مشكلة، فيمكن التعامل مع الفيلم على أنه فيلم فارص هدفه صناعة بعض الاسكتشات والمواقف المضحكة، ولا عيب في ذلك على الإطلاق، رغم أن أغلبها لم تكن مضحكة، لكن صناع العمل لم يقدروا ذلك، وأصروا على إقحام التراجيديا أو المواقف الجادة في عمل كوميدي خفيف للغاية يغيب عنه المنطق، من أجل تقديم رسالة منزوعة السياق تماما.
الأمر أشبه ببطل المسرحية يقف في نهاية أحداثها لكي يخبرنا الحكمة، التي لم يتحدثوا عنها طول العمل، وكأن الضحك ليس هدفا في حد ذاته.
"إدراك النوع"
لا مشكلة من تقديم أي شكل من الضحك، لكن المهم هو إدراك ما يقدمه صناع العمل الفني لكي يخرج مضبوطا مع النوع الذي يتصدون له.
الفيلم الذي خلق مساحات جيدة للضحك من خلال بعض الشخصيات التي قدمها محمد رضوان وسما إبراهيم وشريف دسوقي وطه دسوقي "ظهر بشكل مختلف وهو أمر يُحسب لماكيير العمل"، فشل في فعل ذلك من خلال الأبطال الرئيسين، فالشخصيات الأربعة الأولى ثانوية وليس مهما معرفة عنها أكثر مما ظهر، فضلا عن كتابتها بشكل جيد، أو تقديمها إخراجيا بشكل يصنع الضحك، مثل شريف دسوقي، في تثبت شكل الكادر في أكثر من مشهد، وهو ما يخلق ضحكا بسبب التكرار دون الحاجة لكتابة قوية.
"النصف الثاني"
ربما كان الفيلم أكثر إضحاكا في نصفه الثاني، لكن عيوب الفيلم لم تختف، وزاد العمل في صناعة المواقف الدخيلة لإدانة الأب والأم أم الأبناء قبل تبرئتهما، في المقابل صنع الفيلم الشخصية الغائبة طول الأحداث "رباب" بشكل جيد للغاية، ونجح في ربط الجمهور بها خلال مدة العمل.
"الراب"
كذلك حاول الفيلم استخدام موضة انتشار أغاني الراب، من خلال ظهور الجوكر وشاهين في "باتل"، وكذلك مشاركة شخصيتي فضل ونعمة في تقديم "باتل" عن حياتهما الزوجية.
"أقل من الطموحات"
الفيلم عودة لرامي إمام بعد 14 عاما، واختبار جديد لماجد الكدواني في البطولة منذ تجربة "جاي في السريع"، ومحاولة من هند صبري لتقديم نفسها وجها سينمائيا كوميديا، بعيدا عن الأدوار الجادة التي اشتهرت بها في السينما، وأمام كل هذه الأمور، وثقة في بعض صناعه، كان يتوقع الكثيرون فيلما أقوى من ذلك، يتناسب مع هذه الطموحات، إذا ما كانوا راغبين مناقشة قضية مهمة مثل علاقة الآباء بالأبناء في زمن السوشيال ميديا من خلال فيلم كوميدي اجتماعي، أو تقديم فيلم هدفه الإضحاك فقط دون حشر رسالة أو تراجيديا "لأنه لازم البفتيك عشان ماحدش يقول حاجة".
اقرأ أيضا للكاتب:
"تسليم أهالي" ... الأشرار يضحكون أيضا
"كيرة والجن".. فيلم عصابات بنكهة وطنية
"العنكبوت" .. فرصة ضائعة نحو صناعة فيلم للتاريخ
"واحد تاني".. هل عاد أحمد حلمي لجمهوره؟
لا يفوتك- حلقة خاصة بمناسبة عيد ميلاد الهضبة عمرو دياب
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5