في السنوات الماضية، وفيما هو أشبه بخطة ممنهجة لإفساد ذوق الجمهور، أصبحت الكوميديا على خشبة المسرح مرادفا للإيفيهات الساذجة التي تحمل قدرا كبيرا من الاستخفاف بالعقول والصناعة بشكل عام، كما أصبحت التجارب الكوميدية الجادة، والتى تطرح فكرا، ورؤية، نادرة جدا، وينظر إليها على أنها نوع من المواجهة للقبح والاستسهال المستشريان بكثافة، وهو ما يجعلنا نعتبر العرض المسرحي (خطة كيوبيد) المقام حاليا على مسرح السلام أحدث تلك التجارب التي قدمت كوميديا راقية، وواجهت الضحالة بفكرة مبتكرة، فانتصر لها الجمهور، وأقبل عليها للدرجة التي دفعت الفنان "محسن منصور" مدير فرقة المسرح الحديث بالبيت الفني للمسرح إلى تقديم المسرحية يوميا في السابعة مساء ما عدا الثلاثاء، في محاولة لاستيعاب هذا الاقبال الجماهيري الكبير.
يناقش العرض الذي كتبه "عبد الله الشاعر" فكرة الحب، وما يعقبه من فتور، يحدث للمحبين بعد فترة من زواجهما، مما يؤدي في أغلب الأحوال إلى الانفصال، وذلك من خلال شخصية كيوبيد آلة الحب في الأساطير الرومانية حيث قرر التقاعد، والتوقف عن إطلاق سهام الحب ليعمل كمذيع راديو يستمع إلى هموم العشاق ومشكلاتهم، لكن المفارقة هي أنه يعاني في حياته الزوجية من الملل الذي بدأ يتسرب إلى علاقته بشريكته فشوه ملامح الحب الذي جمع بين قلبيهما يوما ما، وجلب لهما التعاسة والشقاء، لكنه وباعتباره (كبير الكبايدة) قرر أن لا يقف مكتوف الأيدي وهو يرى أن ابنته ستلقى نفس مصيره، حيث لاحظ أن الأساس الذي تبني عليه علاقتها بزوجها المستقبلي -والذي هو في نفس الوقت ابن شقيقه- يشوبه كثير من الخلل، فقرر أن يتدخل من أجل تعديل مسار تلك العلاقة بإعداد مجموعة من الاختبارات التي لن يٌسمح لهما بالزواج دون اجتيازها.
والحقيقة أن مزج الواقع بالفنتازيا ثم تقديمهما في قالب من الكوميديا الإجتماعية التي لا تخلو من الفلسفة، توليفة صعبة تحتاج في المقام الأول إلى مخرج واع بطبيعة الجمهور الحالي والقضايا التي تشغل تفكيره وتؤرقه، مثل المخرج الشاب "أحمد فؤاد" الذي لديه في رصيده العديد من التجارب المسرحية المختلفة والجديدة في طريقة التناول والطرح.
وإذا كانت الفكرة المبتكرة التي يقدمها العمل هي واحدة من التحديات التي تواجهه، فإن التحدي الأكبر يكمن في مكان العرض، بقاعة "يوسف إدريس" بمسرح السلام، حيث تم تجديدها، ليتم افتتاحها بعرض خطة كيوبيد بعد 11 عام من الإغلاق والتوقف، وهي قاعة صغيرة جدا ولا تستوعب سوى عدد محدود من الجمهور، لكن صغر المساحة تحول على يد مهندس الديكور "أحمد أمين" إلى ميزة كبيرة، حيث أضحى المسرح بيتا مريحا وحالما.
احتضن هذا البيت جمهور العرض ليصبح جزء منه دونما أن يصل إليه أي شعور بضيق المساحة أو إعاقة في حركة الممثلين الذين استغلوا كل شبر في القاعة استغلالا مثاليا، كما كانت أزياء الأبطال المتسقة مع فكرة العرض بتوقيع مصممة الملابس "رباب البرنس" واحدة من عوامل الإبهار التي زادت من انجذاب الجمهور، وتفاعله مع الحكاية ككل، كل ذلك بخلفية من الموسيقى الحية التي قدمها عازف الكمان الفنان "تامر عبد الحميد" فاضفت أجواء من الرومانسية بموسيقى حالمة أعدها "محمد عبد الله".
بقي أن نتحدث عن العنصر الأبرز في العرض وهم الأبطال الأربعة "عبد المنعم رياض، وكريم الحسيني، ونوال سمير، وأمنية حسن" وجميعهم يمتلكون المقومات التي تؤهلهم لأن يصبحوا نجوما في المستقبل القريب، ومن المؤكد أن (خطة كيوبيد) خطوة نجاح ستضاف إلى خطواتهم السابقة، لتساهم في صعودهم سلم النجومية سريعا، ولا سيما أن هذا العرض قد أشار بشكل واضح إلى مكامن القوة في موهبة كل منهم، واستغلها بالشكل الأمثل، فقد أدت "أمنية حسن" دور الفتاة الحالمة التي تحلم بالاستقرار والزواج من حبيبها دون أن تتعرض للأزمات التى عانى منها والديها.
تم استغلال صوت "أمنية" الجميل في غناء عدد من الأغنيات الملائمة للحالة، أما الأم المتسلطة والتي قامت بدورها "نوال سمير" فرغم تجاربها العديدة في التليفزيون فقد سلط المسرح كشاف ضوء على موهبتها الكبيرة ولا سيما في الكوميديا التي تعد تجربة جديدة عليها، كما شهد العرض عودة الفنان "كريم الحسيني" مرة آخرى بعد فترة غياب كبيرة عن الفن، لكن الغياب الطويل لم يؤثر على قدراته الفنية، لا سيما أن المسرحية يتزامن عرضها مع عرض مسرحية (زقاق المدق) والتي يؤدي دورا رئيسيا بها، مما يعني أنه عاد بقوة، مستغلا مخزون من الطاقة ظل بداخله لسنوات، أما كبير الكبايدة الفنان "عبد المنعم رياض" فيمكن اعتباره مفاجأة العرض، حيث حقق المعادلة الصعبة بأداء تمثيلي قوي، وحس كوميدي واضح جعل لدوره في (خطة كيبوبيد) بصمة لا تنسى.
اقرأ أيضا:
"شايفة عمك صلاح"..هل ندم سعيد صالح على الانسحاب من "ليالي الحلمية"؟
سماح أنور: زهقت وندمت على تصريحات عدم الشرب المياه ... إعملوا حاجة بوقتكم وسيبكم مني
تحرش وقبلات وسقوط … 12 موقفا محرجا للفنانين على المسرح
تذاكر تبدأ من 120 جنيها وشخصيات جديدة.. تفاصيل عودة عروض Disney on ice في مصر بعد غياب 15 عاما
لا يفوتك: تحليل النغمات مع عمك البات- تقييم أغنية "دلوقتي عجبناكم" لبهاء سلطان
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5