طرح الموسيقار يحيى خليل منذ أيام موسيقى أغنية "أشكي لمين" والتي غناها محمد منير قبل أربعين عامًا في ألبوم "شبابيك" أحد أهم الألبومات في مشوار "الملك" الفني، بل ربما يكون أهمها على الإطلاق.
المقطوعة الموسيقية ظهرت بنفس التوزيع الذي نفذته فرقة يحيى خليل عام 1981 للأغنية باستثناء استبدال صوت محمد منير بصولو "الكيبورد" والذي بدى في الحقيقة مقحمًا على الأغنية.
يطرح يحيى خليل موسيقى الأغنية وكأنه يعيد فتح جرح غائر في علاقته الفنية بمحمد منير والتي استمرت لأربعة ألبومات جمعت بين فرقة "يحيى خليل" وصوت منير بداية من "شبابيك" مرورا بألبوم "اتكلمي" ثم "بريء" وأخيرًا ألبوم "وسط الدايرة " ، والذي انقطعت بعده علاقتهما وتحولت إلى قطيعة فنية تشهد من حين لآخر بعض المناوشات الصحفية.
نرشح لك : 40 سنة "شبابيك" .. "الحكاية والحواديت" وراء الألبوم التاريخي لـ محمد منير
العلاقة التي شهدت توترًا لا أحد يعرف سرة لم تكن تنبيء بذلك في البداية والدليل ما ذكره محمد منير في حوار تليفزيوني مع نجوى ابراهيم عام 1984 عندما أجاب عن سؤالها حول سر اعتماده الكامل على يحيى خليل حيث قال : "جزء كبير من حقيقة نجاحي هو يحيى خليل، لأني كنت بحلم برؤية مشفتهاش قبل كده، ويحيى يملك وجدانًا مصريًا إلى جانب تجربته في أمريكا لمدة 15 سنة، وهي تجربة فنية ناضجة وأنا شايف إنه ممكن يكمل لي كل أحلامي".
إذن لماذا قرر منير أن يوقف سلسلة أحلامه مع يحيى خليل ؟ هل هو تنافر النجومية الذي نشبت شرارته بينهما ، خاصة وأن يحيى بطبعه يتعامل مع مشروعه الفني بفكرة النجم الأوحد ، هو صاحب المشروع ومبتكره ، في مقابل نجومية منير كمطرب تحاصره الأضواء والشهرة والمعجبين .
لم يطرح أحدهما في البداية إجابه واضحة للخلاف ، وهو ما دفع يحيى خليل لطرح تفسير أقرب لما قلته في السطور السابقة عندما قال في حوار لجريدة الجمهورية عام 1990 : "النجاح الذي حققه منير معي كان أكبر من حجمه، فاختل توازنه وجعله يتصور أنه كل شيء في هذا النجاح".
بقى الخلاف بين منير ويحيى خليل كنيران خامدة تحت رماد الدبلوماسية ، نجاح مدوي في وقت قصير أعقبته قطيعة وصلت إلى حد إزالة منير لإسم يحيى خليل من على الإصدارات الحديثة لألبوماته القديمة وتحديدا "شبابيك".
ظل سبب الخلاف مجهولًا في ظل رفض يحيى خليل الإفصاح عنه ، وتعالي منير عن الإجابة على سؤال واضح هو : لماذا اختلفت مع يحيى خليل ؟
إلا أن كلاهما لم يكف عن الإنتقاص من قدر الآخر في مشاكسات صحفية كلما أتيحت الفرصة مهما مر الزمن ، ففي عام 2006 أحيا مارسيل خليفة حفلا في مصر ، وعلى هامشه سأل صحفي يحيى خليل حول رأيه في تجربه مارسيل ، وهل لدينا مثلها في مصر ؟ فأجاب قائلًا : " ليس لدينا مثله وأرفض وصفه بالتجربة الفنية السياسية"
فعقب الصحفي قائلة : نحن لدينا محمد منير !
فقال خليل منفعلًا : "هذا هو الهجص وشغل التلات ورقات".
استغلت جريدة "المصري اليوم" التصريح ونشرت تقريرًا تحت عنوان "ملاسنة مفتعلة تفتح جرحاً قديماً بين منير ويحيي خليل"، كان أشبه بتوثيق للملاسنات المتبادلة بين منير وخليل ، وجاء على لسان خليل في التقرير أنه لم يسيء لمنير، وعلاقتهما بلا مشاكل، وكل واحد "راح لحاله"،ولكن المشكلة تعود لعجز البعض ممن يظنون أنفسهم نقادًا عن الفهم، حيث قال: جاء أحدهم لحفل مارسيل وهو غير مقتنع به، وسألني رأيي فقلت له: معندناش في مصر مثله! ولأنه مش فاهم أثار موضوع المقارنة الذي أرى أنه "ملوش لازمة".
ولم يصمت منير أمام ذلك فرد منير قائلًا في التقرير نفسه: "ياه .. لسة يحيي خليل فاكرني"، وأضاف متسائلا: "أغنياتي أنا ثلاث ورقات وهجص؟ من الذي يهجص؟ أنا أم فؤاد حداد وعبدالرحيم منصور اللذين غنيت لهما في ألبومي الأخير".
وتساءل منير: هل يصمد الهجص وشغل الثلاث ورقات خمسا وعشرين سنة؟ وماذا قدم يحيي خليل بعد أن تركته بخلاف موسيقي الجاز الأمريكية؟ هل شاهد قبل أن يقول هذا حفلاتي في الأوبرا والدول العربية؟ أنا مطرب محترم".
الحقيقة أن الخلاف لم يكن لائقًا بحجمهما ، ولكن يظل ما ارتكبه منير في حق يحي خليل تشويها للتاريخ ، أو كما وصفة الكاتب الصحفي أشرف عبد الشافي في مقاله بالأهرام تحت عنوان " يحيى خليل ومحمد منير .. القصة الكاملة لشبابيك الحرية " حيث كتب : "ظهرت أجيال لا تعرف أن أحد الأبطال الذين صاغوا هذا الفن الخالد تم إزاحته ! صحيح أن خلافات كبيرة قد حدثت، لكن هذا لا يعطى الحق لطرف أن يرتكب تلك الجريمة في حق طرف آخر ويكتب شهادة إعدامه".
فهل يرد يحيى خليل الآن بطريقة جديدة يثبت فيها حقه في مسيرة منير؟ وهل هذا الحق الذي لم يعترف به منير في سنوات ماضية يمنح خليل نسب التجربة كاملة لنفسه مستبعدًا شركاءه في الفرقة فتحي سلامة وعزيز الناصر ومايكل كوكس ؟!