"فيلم سينمائي يثير ضجة وانقسام الشارع المصري والعربي".
بداية أرى في هذه الجملة نجاحا وأمرا إيجابيا نفتقده منذ زمن غير قصير، خاصة مع فيلم قدّم بجرأة تشخيصا لعدة مشاكل مجتمعية موجودة مهما حاولنا إنكارها، للأسف أهدرناه بالتركيز على مشهد خلع "الأندر وير"، بعقلية مراهق في الثالثة عشرة من عمره.
فلو كان للسينما دور أو أدوار، فبالتأكيد واحد من أهم هذه الأدوار يمكن اختصاره في جملة من كلمتين وهى: "إثارة الفكر" ... التي يكتفي البعض بالنصف الأول منها فقط.
أما دور "الترويج" فهذا لم نسمع به فيما يخص السينما، ممكن نصف به بيانا أو إعلانا ... أما أن نصف عملا سينمائيا بأنه "يروح لشيء" فهذا ما يقال عنه "ما أنزل الله به من سلطان"، فالترويج ليس أحد أدوار الفن، فالفن مثل "نصف طبيب"، يصف الأعراض ويشخص الحالة، وليس مطلوبا منه تقديم الدواء.
أتفهم جدا حالة الجدل التي وصلت إلى حد الصدمة بعد مشاهدة الفيلم، ويجب أن ننتبه إلى أمرين:
الأول: أن الجدل والصدمة ليسا سوى تعبير عن نجاح العمل الفني الإبداعي، سواء سينمائي أو كتابي، في تقديم أمر غير معتاد، لم يستقر بين ثوابت المجتمع والفكر نائما هانئا مطمئنا.
الثاني: أن الجدل والصدمة ما هما سوى "خضة" سماع تشخيص الطبيب الذي كشف لنا المرض، (ارجع للمثال في الفقرة قبل السابقة) ... يهدأ بعدها المريض وأهله، ويبدأون في التفكير في أولى خطوات رحلة العلاج.
وكلما كان التشخيص صادما كلما كان رد الفعل أقوى وأعنف، وهذا ما يبرر صدمة المشاهدين لفيلم "أصحاب ولا أعز"، لما تضمنه من جرعة جرأة لم نعتدها، ومشاكل لا نحب أصلا أن نستكشفها، مفضلين تقنية النعامة في مواجهتها.
إجابات على أسئلة متخيلة:
هل يجب أن تخضع المنصات العالمية لقيم مجتمع ما؟
فى الحقيقة -وليس دفاعا أو هجوما- يجب ألا نخضع أعمال المنصات لنفس قيم ومقاييس أعمال التليفزيون، طول عمرنا بنتكلم عن إن التليفزيون بيدخل كل بيت، فيجب أن تكون عليه رقابة أكبر من السينما، التي يذهب إليها المشاهد بكامل إرادته بعد معرفته نوعية الفيلم.
ويبدو أنه علينا أن نكرر هذا الكلام مرة أخرى مع انتشار المنصات، فكل منصة لها توجهاتها وأفكارها، وجميعنا يعرف هذه التوجهات، ونشترك بها بكامل إرادتنا وندفع مقابل ذلك، وعلى المشاهد أن يختار ما يناسب عاداته وتقاليده، ويترك ما لا يناسبه.
هل يستحق مشهد خلع "الأندر وير" كل هذه الضجة؟
بالنسبة للصدمة التي سببها مشهد خلع منى زكي لملابسها الداخلية، الذي تم بشكل بعيد عن أي ابتزال، وظهرت هي نفسها أثناء تمثيله وقد بدا عليها عدم الارتياح، ورغم تفسير المشهد دراميا في الفيلم، فإن ما يدور حول هذا المشهد الآن من نقد شعبي على منصات التواصل الاجتماعي، ليس أكثر من رغبة المشاهد الرافض للفيلم بالإمساك بموقف "يخوّف"، ليصاب بالهلع كل من يسمعه، ويرمي الفيلم بحجر.
وممكن أن نضيف عليه أن المشهد لمنى زكي تحديدا، وربما – ربما- لو قدمته غيرها لما لاقى كل هذه الضجة، منى زكي التي رسخت صورة الفنانة الملتزمة المؤدبة في ذهن المشاهدين منذ بدايتها، خاصة أنها واحدة من رموز جيل ما عرف بـ"السينما النظيفة"، الذي يرفض القبلة في أفلامه، طبعا لها مطلق الحرية في تقديم ما تراه مناسبا لها، لكن من حقنا بل من واجبنا طرح السؤال وننتظر منها إجابة واضحة: هل حدث ما غير مفاهيمها؟
ما سبب هذا الاختلاف الذي كاد يصل لحد المعركة بين النقاد والمشاهدين حول الفيلم؟
الاختلاف حول تقييم الفيلم بين النقاد والجمهور، منطقي جدا لأن الناقد يُخضع الفيلم لمعايير وقواعد نقدية فنية، التي في الكثير من مدارسها لا تعترف بالدور الإخلاقي أو المجتمعي للعمل، بقدر ما تنتظر منه جماليات فنية خالصة، بينما يقتصر الجمهور في نظرته على الجانب الأخلاقي والقيمي.
هل نتقبل الأفكار الجريئة طالما بعيدة عن مجتمعنا؟
لا أتفق مع هذا الطرح، فهل مثلا لو عرضت النسخة الإيطالية منه دون حذف سنتقبلها ولا نعلق على ما بها من مشاهد تخالف عاداتنا وتقاليدنا؟!! لا أعتقد.
لو لم تشارك شخصية مصرية بالفيلم هل كان الأمر سيختلف؟
كان الفيلم سيواجه انتقادات، ورفض من المشاهد المصري كما حدث مع العديد من الأعمال العربية، لكن بالتاكيد وجود منى زكي تحديدا أضاف زخما أكثر لهذا الرفض.
اقرأ أيضا للكاتب:
#حدث_بالفعل: "حب" أم "وهم"؟! ... محمد القصبجي "عاشق" أم كلثوم التي لم تحب سوى نفسها
#حدث_بالفعل – "اللجان الإلكترونية" في زمن أم كلثوم ... وتفاصيل انقلابها على والدها
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/3c7eHNk
آب ستور| https://apple.co/3cc0hvm
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3wSqoRC