" نفس الميعاد دا تلاقونا ..حقاشي لو فزرتونا.. قبل ما تمشوا وحشتونا .. بجد بجد انستونا أومال ايه أنستونا أومال ايه ".
من كلمات الكاتب عبد الرحمن شوقي والحان سيد مكاوي غنى سمير غانم تتر الفوازير الأشهر "فطوطة" والذي انتج وعرض علي شاشة التليفزيون المصري في الثمانينيات.
كان سمير غانم يصنع أيقونته كنجم شعبي يحجز مكانته في قلوب الكبار والصغار، وهو لا يدري أنه سيصبح بشكل غير مباشر نجمًا لمدرجات الدرجة الثالثة في ملاعب كرة القدم.
لو كنت من جماهير الكرة القدامى مثلي، فأنت بالتأكيد سمعت الهتاف الشهير"أنستونا أومال إيه"، في مدرجات ستاد القاهرة ومنتخبنا الوطني يهزم المغرب في كأس الأمم الإفريقية عام 1986 بهدف طاهر أبو زيد .
في السابع عشر من مارس لعام 1986 تشهد المحروسة مباراة مهمة جداً علي المستوي الدولي حيث مباراة قبل نهائي أمم أفريقيا علي أرض مصر بحضور رئيس الجمهورية وقتها وتلعب مصر بتشكيل من أفضل اللاعبين الذين مروا علي الكرة المصرية ( ثابت البطل – محمد عمر – مجدي عبد الغني- محمود الخطيب – شوقي غريب -طاهر ابو زيد) ولم يغيب سمير غانم وسط كل تلك الأسماء اللامعة فبعد إحراز طاهر ابو زيد الهدف الأول والوحيد للمباراة احتفت الجماهير المصرية بلاعبي المغرب قائلين" انستونا اومال ايه " .
نرشح لك : (الألبوم الكامل) مشاهد مؤثرة من جنازة الراحل سمير غانم
من قلب الدرجة الثالثة هتف أحدهم بالمقطع على نفس اللحن وكأنه يوجه تحية ساخرة للفريق الضيف، ولم تمر ثواني إلا وارتج الملعب كاملًا بالهتاف الذي أصبح عادة لدى جماهير الفرق المصرية وهي تحيي الضيوف بعد الهزائم الثقيلة والهامة من فرقنا المصرية .
سمورة في الاستاد
في نفس العام لعب المنتخب المصري أمام منتخب المغرب في التصفيات المؤهلة للألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس حين أحرز اللاعب علاء نبيل هدف الممتخب المصري وقام الجمهور المصري بتحية لاعبي المغرب "انستونا اومال ايه" .
وبعد مرور ما يزيد عن أربع سنوات علي إصدار مسلسل فطوطة صاحب تتر "انستونا" ظل الجمهور المصري يتذكر نفس التحية الذي يرددها في المباريات وفي مباراة من أهم مباريات منتخب مصر عبر التاريخ في السابع عشر من نوفمبر 1990 حيث عرضية أحمد الكأس الشهيرة ورأسية حسام حسن تهتف "انستونا اومال ايه " ويردد الجماهير نفس الهتاف.
هي الكورة فين ؟!
ليس هناك شرف يتحلي به أي فنان في أي مجال من المجالات أكبر من أن يتحول فنه وأداؤه إلي رمز لدي جماهير محبيه .. فما رأيك عزيزي القارئ ان تتحول كلمات هذا التتر إلي هتاف جماهيري يرج جنبات ستادات مصرينادي به جماهير الفريق الفائز علي لاعبي وجماهير الفريق الخاسر فيهتفوا لهم "انستونا اومال ايه ..انستونا اومال ايه" بنفس الاداء والطريقة التي أدي بها سمير غانم هذا التتر .
لم يكن من السهل أن يترك سمير غانم بقيمته الفنية وذكاؤه الإجتماعي مجالاً ككرة القدم له الملايين من العشاق دون أن يستغله كأداة من أدوات الكوميديا الخاصة به وكانت كرة القدم شأنها شأن أي شئ في عالم سمير غانم الكوميدي.
فقام بدور المعلق المتفلسف التافه في فيلم "الزواج علي الطريقة الحديثة" معلقاً على مباراة بين الشباب والفتيات وهو يقول : "أنا قريت الكلام دا في مجلة فرنسية اسمها علمني العوم والنبي يا أحمد.
وقام بدور سمسار اللاعبين المحتال في فيلمه الشهير 4-2-4 الذي يعد واحدا من أيقونات أفلام كرة القدم المصرية .
نجح سمير غانم ورفاقة في كشف المستور داخل أروقة اللعبة الأكثر شعبية في مصر وهو يجسد شخصية الرجل الذي يحتال على صاحب النادي الساذج ويشتري له شروة لاعبين "مضروبة" جمعهم من على المقاهي والأرصفة، بل ويقنعه أيضا انه "ب 8 الاف جنيها سيشتري له "سان ستيفانو" في إشارة إلى اللاعب العالمي أسطورة ريال مدريد ومنتخب الأرجنتين "الفريدو دي ستيفانو" .
لم يكتف سمير غانم بلعب دور السمسار الذي أصبح اسمه فيما بعد عقود "وكيل لاعبين" بل قام بدور حارس المرمي الفاشل في فيلم " في الصيف لازم نحب" والذي كان يعتمد في لعبه علي الأعمال السفلية والسحر ويضع الحجاب بجانب المرمى، وأصابته عقدة نفسية من كل شئ مستدير الشكل بعد أن أحرز الفريق المنافس أكثر من عشرين هدفاً في مرماه ولجأ بعدها للعلاج النفسي.
ولم تفارق كرة القدم أعمال سمير غانم كثيرًا، فهو بطل وشريك رئيسي في الفيلم الكروي الأشهر "يارب ولد" والذي شهد نجومية إكرامي حارس الأهلي التاريخي في السينما ، قدم سمير شخصية زوج إبنة فريد شوقي الطامع في أمواله والكاره لكرة القدم ليفجر هو وأحمد راتب وإكرامي الضحكات في قاعات السينما عند عرض الفيلم ، ومن ينسى مشهده وهو يصرخ في المدرجات قائلاً : " هو مش بيلعب جول كيبر؟! إن ما خليته يلعب سنتر هاف باك فرور مابقاش أنا ".
على الشاشة الصغيرة قدم سمير غانم أيضا واحدا من أنجح مسلسلاته وهو "بطل الدوري" والذي ناقش فيه أيضا عالم كرة القدم ، وظهر في بعض مشاهده أسطورة التعليق الكابتن محمد لطيف.
عزيزي الزملكاوي "الضيف أحمد"
هذه العلاقة الوطيدة بين سمير غانم وكرة القدم لم تدفعه يومًا للإعلان عن انتمائه الكروي، رغم أن صديق عمره الضيف أحمد كان من أشهر مشجعي الزمالك في الوسط الفني، ولكن في لقاء تليفزيوني على قناة "النهار" منذ سنوات قليلة صرح سمير غانم ولأول مرة بميوله الكروية عندما قال أنه يميل إلى تشجيع الأهلي وهذا خلق مناوشات عديدة بينه وبين صديقه الراحل الضيف أحمد الذي كان زملكاويًا صميمًا .
حكى سمير غانم عن أزمات الضيف أحمد مع كرة القدم حيث كان يرفض الظهور في بعض حفلات فرقة "ثلاثي أضواء المسرح" إذا تعرض الزمالك للهزيمة قبل الحفل!
ليس هذا فقط فثلاثي أضواء المسرح لم يبتعدوا عن كرة القدم وتناولها في سكيتش "شالو ألدو جابو شاهين" وهم يغنون بخفة ظل " أحمد ياصالح لوجبت الجون لأرش الملعب سكر ولمون".
سمير أيضًا صاحب ذوق خاص في لاعبي كرة القدم، فلا مانع أن يفضل الحضري لأنه يراه وسيم المظهر ووجه سينمائي!
سمير غانم فيلسوف في الكوميديا وفي كرة القدم أيضًا، ولهذا ظل تأثيرة حاضرا على جمهورها ، فعندما سئل عن رأيه في الساحرة المستديرة قال بدون تردد : كرة القدم هي ثلاثة أرباع بهجة الحياة !