الإبداع يولد من رحم الأزمات، هكذا، بهذه البساطة قد نصف ما شاهدناه خلال الأيام الماضية، في حكاية "مالناش إلا بعض" التي قدمتها الفنانة صابرين والفنان جمال عبد الناصر وعدد من النجوم الشباب، ضمن حكايات مسلسل "ورا كل باب".
أزمة كورونا دفعت صناع السينما والدراما عالميًا، لإنتاج أعمالًا فنية من وحي المرحلة الحرجة التي يعيشها العالم منذ ربيع 2020، ولا تزال مستمرة، فخرجت أفلام ومسلسلات عرضت على منصات مختلفة، لتسلية الجمهور ولتوثيق الأزمة فنيًا منها مسلسل "الحب في زمن الكورونا" لريني كوالي وتومي دوفرمان ومسلسل "التباعد الاجتماعي" بطولة مايك كولتر ودانيال بروكس وغيرها من الأعمال.
ولأول مرة في الدراما العربية، قرر صناع حكاية "مالناش إلا بعض" إنتاج عملًا تدور أحداثه بأكملها حول أزمة كورونا، بطريقة إنسانية بحتة، وطرحوا الأسئلة والأجوبة في إطار درامي سلس من خلال جرعة مكثفة من خمسة حلقات، مليئة بالأحداث التي تم تناولها بمنتهى اللطف.
تدور القصة في خطين متوازيين، حول "عايدة" –صابرين- الجدة التي تقيم بمفردها بعد زواج أبنائها، في حرص شديد على الإجراءات الاحترازية لدرجة تصل إلى الهلع الذي انتزع كل معاني البهجة من حياتها حتى تقرر التمرد على كورونا نفسها وتبتكر طرقًا جديدة في التواصل مع الناس.
الخط الثاني الدكتور "أبو بكر" –جمال عبد الناصر- أستاذ الفيروسات الذي يخدع أبنائه، ويدعي أنه سافر في عطلة، لقضاء شهر رمضان، بينما هو مصاب بكورونا ويلجأ لشقته القديمة التي لا يزورها أحد لقضاء فترة العزل، فينتهي به الحال مقيمًا مع لص التقط العدوى بكورونا أيضًا، فيتبادلان الأحاديث حتى تتغير حياة كل منهما في النهاية
المسلسل يقدم انطلاقًا من هذين الخطين اللذين لا يلتقيان في أي محطة، صورًا لمجموعة من القصص المختلفة التي تصب في النهاية خلف كل باب مصري وتحت كل سقف، فيقدم معاناة الرجل الذي فقد عمله وتأثر مصدر رزقه فلم يعد له من عمل سوى الاعتناء بابنه الصغير، والزوجة المصرية الأصيلة التي لا تتخلى عن زوجها في محنته، والجارة المسيحية التي تفتح لجارتها المسلمة المسنة آفاقًا جديدة في عالم التكنولوجيا تستخدمها للتواصل مع أولادها.
كما يبرز دور الكبار في الأخذ بأيدي الصغار ووضعهم على الطريق، والعودة للقيم التي افتقدها المجتمع منذ فترة، وهي قيم الاحترام والحب والود والجيرة والتواصل والإخاء دون تفرقة بين دين أو طبقة اجتماعية، ومشاهد الصلاة والدعاء والتضرع إلى الله التي لم يفرق العمل فيها بين مسلم أو مسيحي وكأنها عودة ذهبية لدراما الزمن الجميل.
قدمت صابرين نموذجًا للممثلة التي تستطيع تغيير جلدها في أي دور تريده، فهي ليست موهبة جديدة ولكنها قفزت إلى مرحلة عالية باختيارها لتقديم دور الجدة بهذه البراعة، دموعها الصادقة في كل مرة نزلت منها جعلت من الصعب على المشاهد أن يتمالك دموعه هو الآخر، رؤية وجه الأم التي أجبرتها الظروف على الوحدة وكادت تُفقدها ابنتها ظهرت وكأنها حقيقية على وجهها، فهل استلهمت صابرين كل هذه المشاعر الموجعة من تجربتها في الواقع؟ لا أحد يعلم ولكن الناتج النهائي أسفر عن دور سيعيش حتى فيما بعد انتهاء كورونا نفسها.
أما الاختيار الذي أراه متممًا لقيمة العمل وإبداعه، هو اختيار صوت المطرب محمد عدوية لغناء تتر المسلسل الذي يحمل نفس الاسم "ورا كل باب"، صوت عدوية يمس قلوب الكثيرين، وبنظرة سريعة على رد فعل الجمهور على أغنية التتر، نجد أعدادًا كبيرة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي يتساءلون عن قِلة أعمال عدوية برغم امتلاكه لموهبة حقيقية.
الخلاصة فإن مسلسل "ورا كل باب" هو عملا دراميًا إنسانيًا، يحمل في طياته رسائل مفعمة بالأمل برغم سوداوية وقتامة الأزمة، يناقش قصصًا تحدث يوميًا داخل البيوت، ويؤكد على فكرة واحدة في النهاية وهي "مالناش إلا بعض".
اقرأ أيضا:
وفاء مكي في أحدث ظهور: السجن تجربة مضحكة والأنبياء اتحبسوا (فيديو
فاروق الفيشاوي ونجاح الموجي سبقاه بتجربة أصعب ... أحمد حلمي ليس أول من غنى السغة لمون
بعد 11 عامًا... غادة عبد الرازق تكشف كواليس "زهرة وأزواجها الخمسة": كنت خايفة من حسن يوسف