العديد من عوامل الجذب تواجدت في مسلسل Bridgerton المعروض عبر منصة Netflix، فهو كفيل بنقلك لعالم آخر في رحلة لمكان مميز فأنت في عصر الريجنسي الفخم حيث الحفلات الفاخرة والسيدات بفساتين أنيقة والرجال ببدل مميزة، والمكان حيث الطبيعة الخلابة التي تظهر كثيرا في نزهات الدوقات.
ملابس أنيقة لكن غير دقيقة تاريخيا في Bridgerton
لكن ليس هذا فقط ما لفت انتباهي في المسلسل، فربما شعرت بالتوحد في العديد من المشاهد مع مختلف الشخصيات، رغم أن المسلسل يدور في حقبة زمنية مختلفة في لندن، فهي تتشابه مع الحقبة التي نحياها في الوطن العربي، فالأم مازالت تبحث عن عريس لابنتها وتذهب بها لأي مكان قد تقابله بها، لا يوجد اختلاف بين الأم المصرية التي تصطحب ابنتها لأي فرح وتختار لها فستانها الأنيق وتحرص على ظهورها بقوام ممشوق "عشان تعجب" عن "ليدي فيوليت بريدجيرتون"، روث جيميل، التي ربت ابنتها الكبرى "دافيني"، فيبي دينفور، منتظرة اليوم الذي ستتمكن فيه من المشاركة في موسم الاحتفالات لاصطياد عريس يليق بها وباسم الأسرة.
لم يتوقف الأمر على مجرد البحث عن عريس، فدافني أجبرت حبيبها على الزواج منها بشروطه دون استيعابها لمجرد خشية الفضيحة بسبب قبلة في الظلام جمعتهما!
سنجد أيضا الأخ الأكبر "أنتوني"، جوناثن بايلي، الذي يخضع لقوانين المجتمع، فهو يمكنه أن يقع في الحب ولكن ينكره لأنها من طبقة أقل منه، ولكنه لا يسمح لشقيقاته بذلك، بل يحرص على اختيار زوج لـ"دافني" بمعاييره هو متجاهلا تماما أفكارها وشخصيتها والتوافق الفكري بينهما، بل لمجرد وقوعها في الحب وهو فقط من شهد على ذلك يقرر قتل حبيبها "الدوق سايمون باسيت"، ريجيه جان بيدج، من أجل الثأر لكرامته!
وهناك شخصية "إيلويز" المتمردة، كلوديا جيسي، التي قد تجدين نفسك متحدة معها في تمردها ورفضها لواقع أنها مجرد لوحة فنية عليها الخضوع لمعايير محددة لتنال القبول والإعجاب بعيدا عن شغفها بالبحث والتدقيق، فنفس الشخصية التي تعبر عن لندن في القرن الثامن عشر، مازالت تعبر عن شخصية الفتاة المصرية التي تقدم في الأعمال الفنية الآن ومنذ فيلم "أنا حرة"! ومازلنا ندور في نفس الدائرة المغلقة، ونسمع نفس الجملة "البنت مسيرها بيت جوزها".
بعيدا عن الحالة الفنية الرائعة التي انتابتني لساعات طويلة بعد مشاهدة المسلسل، وإعجابي به مما جعلني لا أنام حتى أنهيه في ساعات الليل متواصلة، فهو جرعة فنية تمثيلية مميزة، مع إضافة جانب تشويقي لمعرفة هوية "ليدي ويستلداون".
كل هذه الإشادات أيضا لا تعني أن العمل لا تشوبه شائبة، من البداية تأخرت في مشاهدة المسلسل بس اختيار الممثل ريجيه جان بيدج ذو البشرة السمراء لتقديم دور دوق، وجميعنا نعلم أن هذه الفترة الزمنية لم يكن هناك أي صاحب بشرة ملونة يحظى بأي درجة مجتمعية عالية، وحتى تبرير المسلسل لذلك لم يكن واقعيا، أعلم أن العمل هزلي وبعيدا عن الواقع، لكن الفن مرآة العصر، فربما يأتي الوقت لتكون هذه الأعمال هي التأريخ للزمن وبالتالي سيزوّر التاريخ!
وأيضا هناك المشاهد الحميمية الزائدة عن الحد في عدد كبير من الحلقات، كان هناك سياقا لفهم المغزى ولكن تكرارها كان محل انتقاد، ليس فقط في وطننا العربي المتحفظ بل أيضا في الصحف العالمية.
مسلسل Bridgerton مسلي ومعبر عن مشاكل مجتمع تمكن من التعافي منه ولكنه يجسد مشاكل مجتمعات أخرى لا تستطيع تجاوزه.