فتاة مراهقة متمردة تقاوم الظلم الأبوي في فيلم المخرجة السعودية شهد أمين، التي صنعت تحفة فنية أنيقة تدعى Scales أو "سيدة البحر".
ينافس الفيلم في مسابقة آفاق السينما العربية بالدورة الـ41 من مهرجان القاهرة السينمائي ويحاكي قصة خرافية ساحرة تتضمن رسالة نسوية معاصرة تعتمد على الشعر والفلكلور العربي وتسيطر عليها روح الأسطورة السورية القديمة لإلهة البحر أتارجاتيس التي أحبت رجلا ثم قتلته دون قصد وخجلت من فعلتها فألقت بنفسها في البحيرة لتصبح على شكل سمكة.. لكن المياه لم تخف جمالها الإلهي فأخذت صورة حورية إنسانة فوق الخصر وسمكة من تحت.
"سيدة البحر" تحول من فيلم قصير يحمل عنوان Eye & Mermaid إلى فيلم روائي طويل يمثل إسقاطا عما تعانيه المرأة في المجتمعات العربية.
يعد فيلم "سيدة البحر" إضافة مرحب بها في النهضة السينمائية التي تقودها النساء في السينما السعودية حاليا، فانتازيا من نوع خاص ذات جذور عميقة تربطها بالعالم العربي، إذ تعاني المرأة من الاضطهاد والتمييز في بعض الدول العربية حيث تفرض القيود وبخاصة في السعودية.
أحداث الفيلم تدور في منطقة نائية وتحديدا في قرية صيد أسطورية حيث تفرض التقاليد الوحشية أن يتعين على كل عائلة التضحية بابنتها الرضيعة إلى حوريات البحر الغامضة التي تشبه الوحوش وتتربص بالرضع، وعندما يتم إنقاذ "حياة" من قبل والدها فإن بقائها يجلب العار لأسرتها ولعنة على القرية بأكلمها.
بعد مضي 13 عاما لا تزال المراهقة "حياة" منبوذة من قبل القرية بأكملها باعتبارها غريبة، تعيش "حياة" في تهديد دائم ومطالبات بتسوية ديونها المستحقة عليها وتتمثل في التضحية بنفسها، وبعد أن تلد والدتها صبيا رضيعا يبدو أن مصير "حياة" أصبح محتوما ولكن!
بدلا من الخضوع للأعراف الاجتماعية المحددة سلفا فإنها تقاتل مرة أخرى لتثبت نفسها وقدرتها لشيوخ القرية من الذكور وذلك من خلال تعقب المخلوقات التي أبقتهم في خوف على مدى عقود، يأتي هذا في الوقت الذي تزحف فيه قشور تشبه جلد السمكة على أرجل "حياة" مما يعني أنها قد تتحول إلى وحش حورية البحر هي الأخرى.
مع المناظر الطبيعية المذهلة والصورة السينمائية أحادية اللون يعد "سيدة البحر" تجربة حسية رائعة، موسيقى مايك وفابيان كورتزر تزيد هذا الأحساس بالجمال الحسي.
يأتي هذا إلى جانب أداء "حياة" أو باسمة حجار البالغة من العمر 15 عاما القوي الجدير بالثناء والمليء بالإيماءات التعبيرية دون كلام.. تلك العناصر صنعت منها المخرجة الصاعدة الموهوبة شهد أمين تجربة لا تنسى.
من وجهة نظر مخرجته السعودية فإن "سيدة البحر" يصنف فيلما عالميا حيث يمكنه تجاوز الحدود الجغرافية وتقول "القصة في جوهرها ليست مجرد قصة عربية ولكنها حكاية يمكن للرجال والنساء أن يشعروا بأنها ترتبط بهم بشكل أو بآخر.."حياة" هي الشخصية التي يمكن أن نتعلق بها جميعا ، أي منبوذ في العالم أي شخص يشعر بأنه مواطن درجة ثانية سوف يشعر بالانتماء إليها".
أما عن عيوب الفيلم فيعتبر أسلوب السرد هو الأقل إبهارا بين عناصر الفيلم على الرغم من أنه يستخدم في كشف العديد من قضايا المرأة والأمور الغامضة والمضمون الأشبه بالقصص الخيالية في النص الأول من الفيلم، ليس هذا فحسب بل تشعر بعدها وكأن الحبكة فارغة وهذا يتعارض مع كونه فيلم قصير تم تطويله إلى أن يضيع الصراع الدرامي تماما مع النهاية الغامضة والغير مفهومة.
وعلى الرغم من ذلك يعد "سيدة البحر" يحمل صورة مفرحة تسعى من خلالها شهد أمين أن تضع بصمتها بينما تستمر السينما السعودية في الصعود بطفرتها الجديدة عالميًا.
اقرأ أيضا
"بيك نعيش" مسألة حياة أو موت تحتاج إلى أكثر من الصبر والإيمان
ماريان خوري: "احكيلي" لا يعرض فضائح عائلتي