تشرفت أمس بقضاء ليلة غاية في الجمال على مسرح مركز الإبداع الفني بدار الاوبرا المصرية لمشاهدة العرض المسرحي سينما مصر، وهو عرض تخرج الدفعة الثانية لطلبة استوديو المواهب.
طاقة إيجابية رهيبة أمدني بها العرض أمس بداية من حيوية المبدعين الشباب وموهبتهم التمثيلية المبشرة بنجوم جدد على الساحة الفنية؛ قدرة كبيرة على التنقل من حالة تمثيلية لأخرى بمنتهى الخفة والرشاقة، مرورا بالتنسيق والتنظيم المبهر على خشبة المسرح، الذي لم اتوقع أنه سيخرج بهذه الدقة، وصولا لحالة النوستالجيا البديعة التي عشتها طوال عرض المسرحية.
مجهود جبار بذله المخرج خالد جلال لتقديم هذا العرض بهذه الصورة البديعة، واعتقد أن هدفه الأكبر لم يكن فقط تسليط الضوء على تاريخ السينما المصرية وأبرز المشاهد التي أثرت في وجدان المصريين، بقدر رغبته في تقديم مجموعة من "المشخصاتية"، لديهم قدرة كبيرة على لعب الوان فنية مختلفة، فمن يقدم التراجيدي يمكنه بكل سهولة "إنه يفطسك من الضحك"، مهارة عالية في الغناء والتمثيل والرقص الاستعراضي والتقمص، تنم بشدة على تدريب وجهد شاق ولرغبة حقيقية لدى خالد جلال على إنتاج أجيال من المبدعين الحقيقيين.
ولم يكتف المخرج الكبير خالد جلال بصناعة مبدعين حقيقيين فحسب، بل اراد تمرير العديد من الرسائل من خلال العرض مثل أهمية السينما كقوة ناعمة قادرة على التغيير ومعبرة عن المجتمع ومساهمة في خلق وجدانه، كذلك صورة المرأة وما تعانيه في مجتمعاتنا وكيف عالجت السينما هذه الصورة وحاولت التعبير عنها وعن حقوقها التي سُلبت تحت عباءة العادات والتقاليد الظالمة. لكن إذا أردنا الحديث عن أهم رسالة حاول "جلال" التأكيد عليها هي عظمة مصر وقدرتها على الاستمرار والنهوض من كل كبوة في تاريخها، مهما اختلف العدو وطبيعته ومطامعه وأيدوليجيته، ومهما طالت مدة عثرتها.
"سينما مصر" دليل دامغ على أنه لا زال لدينا فن حقيقي وهادف، وأن مركز الإبداع الفني أصبح منارة للكشف عن آلاف المبدعين وتمهد لهم الطريق للسطوع، وأن مصر التي أنجبت شادية وهند رستم وأحمد زكي وسناء جميل وإسماعيل يس، وعمر الشريف قادرة دوما على أن تملأ الدنيا بفنها ومبدعيها.
اقرأ أيضا:
خالد جلال يستدعي قوة مصر الناعمة في "سينما مصر"
خالد جلال يحتفل بتخرج دفعة جديدة من مركز الإبداع بـ"سينما مصر"