يوما بعد يوم يتأكد لنا قبح الواقع الذي بتنا نعيش فيه، وهو أمر يستحق التوقف عنده والتساؤل بحق عن حجم التغيرات الهائلة في النفس البشرية"، كيف أصبح بداخلنا كل هذا القبح، والكره للآخر! كيف يتحول حضن أبوي لمادة للسخرية، والإساءة لفتاة ووالدتها، وسبهما بأقذع الألفاظ! لماذا عندما يتوفى فنان نجد من يقول له " جهنم وبئس المصير "، ما كل هذه الغلظة وقسوة القلوب؟ ألم يجعلك هذا الفنان تضحك يوما من قلبك، ألم تبك معه في مشاهد كثيرة، ألم تتماه معه في بعض الأدوار وتصرخ من قلبك الله "أنا عشت اللحظة دي بالضبط"، ألم تطلب منه إذا رأيته صدفة في يوم من الأيام أن تلتقط معه صورة أو لقطة تضمها للحظاتك الإنسانية الخاصة والتي تحكي عنها لكل المقربين منك، هل ناسيت أو تناسيت كل لحظات المتعة أو التطهير التي منحها لك عمل فني قدمه هذا الفنان _ الإنسان، والذي صار بين يدي الله، هل يتذكر بعضكم جملة نرددها دوما " حرمة الموت"، أو الفعل الإنساني الجميل، أو جمال المعمار وفلسفة الفن والجمال.
كيف يتحول مشهد مثل حريق كنيسة نوتردام والتي تعد آثرا إنسانيا شديد الجمال، وليست رمزا مسيحيا فقط يجب أن يبكيها العالم مثلما حدث في كل الحضارات التي طالتها يد البربر والهمج والمتطرفين، إلى حالة من التشفي والشماتة، كيف وكيف ولماذا؟
التساؤلات أصبحت كثيرة وحائرة وتبحث عن إجابات، ليس ذلك فقط بل تحتاج إلى دراسات نفسية واجتماعية عن تسيد القبح ومشاعر الكره والتقليل من الآخر، وماذا يفعل بعضنا الذين لا يزالون يبكون في مشهد مؤثر والذين يقدرون الفن والفنانين؟ هل سيأتي اليوم الذي نتحول فيه تلك الفئة إلى قلة تخشي الإفصاح عن نفسها أو التعبير عن مشاعرها بصدق؟ أم ستتحول هذه الفئة إلى فئة منبوذة بمرور الوقت يحاصرها القبح والغلظة والقسوة؟
ولا يحاول أحد أن يقنعني بأن ما يحدث هو شيء طبيعي، وأن وسائل "السوشيال ميديا" هي ما قد ساعدت على إظهار تلك الحالة الكريهة، أبدا لم يكن الوضع كذلك حيث أن مشهد حضور الفنان سيد رجب لفرح فتاة يتيمة الأب حدث في الستينات مع النجم والفنان عبد الحليم حافظ، حيث كان حليم في إحدى الليالي يقود سيارته وبجواره صديق له وفجأة أوقفه صول في إشارة وطلب الرخص فاندهش صديق حليم، ويبدو أن "الصول" لم يكن يصدق بأن هذا هو حليم بشحمه ولحمه، وطلب منه خدمه وهي أن يساعده في أن ينقل من مقر عمله إلى مكان أقرب من سكنه وقد كان وسرعان ما سأله بعد ذلك أن يحضر فرح ابنته التي تعشق صوته، وقد كان، وقام حليم بشراء هدية للعروس، وأحيا فرحها فوق السطوح وغني وتجلي، وقبلها، بحسب الرواية المتداولة، وقتها لم يسخر أحد من العروس أو والدها، أو يتندر على الطريقة التي هنأ بها حليم العروس بحسب ما رواه مقربين عاصروا تلك الفترة، بل أنهم وصفوه بالعمل الإنساني النبيل، لذلك من الطبيعي أن نتساءل كيف كنا وماذا أصبحنا؟ بحسب التعليقات الغير إنسانية، والأكثر مناسبة للنشر" ، حيث كتب واحدة من المتابعات: ” لافتة حلوة منه بس هي الأحضان دي عبارة عن أيه بالظبط"، وأضافت أخرى:" هو أنا حاسة أوڤر وتمثيل ولا ايه، يعني بابها متوفي ربنا يرحمه محرومة إحساس الأب تمام، ربنا يصبرها، لكن تحضن وتبوس هي ومامتها وتترمي في حضنه وهو يوصي العريس عليها ده الغريب بصراحة وحاساه fake، يعني دايما بيبقي في لحظة فصل بين الحقيقة والخيال يعني، أنت بتتمني أب زي ده تمام كلنا والله مش أنت بس، أنا شيفها لحظة fake، ومتأثرتش بصراحة، غير إني قلت هو في أيه".
وحقا علينا أن نصرخ هو فيه إيه؟
اقرأ أيضا
اقرأ أيضا
اللقاء المنتظر بين "جايمي لانيستر" و "بران ستارك" في Game of Thrones.. لما هو هام إلى هذه الدرجة؟
مصير الذئاب الماسية .. من تبقى منهم على قيد الحياة؟ والنظريات المتعلقة بهم