أقام مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في دورته الثامنة، محاضرة للممثل المصري محمود حميدة، للحديث عن فن التمثيل ومدارسه المختلفة.
وقد بدأ حميدة حديثه، خلال المحاضرة التي أدارها كل من مديرة المهرجان عزة الحسيني والناقد رامي عبد الرازق، بجملة "الطريق إلى المعرفة، لا ينفصل عن المعرفة".
البدايات
قال حميدة إنه تعلق بالتمثيل منذ الصغر بسبب إعجابه بعروض الغجر في قريته، بالرغم من أن جده كان ينتقدها. وأكد أنه قدم مسرحيات مختلفة من تأليفه آنذاك، كان يشارك فيها أبناء قريته بالإجبار، لافتا أن هدفه من البداية كان تسلية المتفرجين وإمتاعهم. وذكر أن المسرح المدرسي كان مهما في ذلك الوقت، حيث كان هناك ما يسمى بالموجه المسرحي المسؤول عن إقامة عرض طلابي كل عام، لذلك كانت هذه هي بداية دخوله إلى فن التمثيل، الذي لا يزال يمارسه حتى الآن.
تطرق الممثل المصري إلى مرحلة الجامعة، التي استغرق فيها 11 عاما نظرا لأنه حول من كلية هندسة بعد 7 سنوات إلى كلية التجارة التي تخرج منها في النهاية. وأشار إلى أنه طوال هذه الفترة، كان يذاكر المسرح، ويتدرب على رقص الباليه، وقد اشتغل راقصا في عدد من الفرق.
لكن نظرته إلى التمثيل تغيرت عندما تعرف على فتاة تدرس التمثيل والغناء والرقص أو ما يعرف بالفنان الشامل، حيث ساعدته على التعرف على مدارس التمثيل، ولفتت انتباهه إلى كتاب Respect for Acting الذي جعله يدرك أن عليه احترام هذه المهنة حتى لا يهين نفسه.
وأوضح أنه بعدما تعرف على مدارس ومناهج التمثيل من خلال قراءاته، توصل إلى منهجه الخاص الذي يعتمد على انتقال الطاقة للمتفرج.
نصائح في التمثيل
أكد حميدة على أن التمثيل مختلف عن أي فن آخر، لأنه لا يعتمد على قواعد ثابتة تتوارثها الأجيال وتطورها، وإنما يقوم على معارف تدريبية مثل حركة الجسد والصوت. لذلك فإن لكل ممثل تجربة مختلفة وخاصة به. لكن شدد حميدة على ضرورة عدم استخدام الممثل للمرأة أثناء التدريبات، كما أنه من الضروري ألا يتعلم الإلقاء على طريقة الصولفيج الغنائي حتى لا يقع في فخ التقليد.
وأشار إلى أن الرهبة موجودة دائما لدى الممثل، لكن عليه إيجاد طرق للتغلب عليها، موضحا أنه على سبيل المثال يحضر إلى المسرح قبل العرض بساعتين ليهيئ نفسه.
كما حكى عن واقعة تخص الممثل جورج أبيض، حيث كان يطلب من أحد العاملين في المسرح أن يصفعه قبل العرض، وذلك لأنه كان مسؤول عن المسرحية وبالتالي من المهم أن يشعر بأنه أقل مكانة حتى يتحرر من أزمة الخوف من الوقوع في الخطأ.
ولفت إلى أن الممثل الذي يصبح نجما سينمائيا بالصدفة، يواجه مشكلة كبيرة لأنه غير مؤهل لشغل هذه المكانة ولديه فقر في المعلومات، وبالتالي معرض للإخفاق في أي وقت، واصفا الأمر بأنه أحد أخطر أمراض مهنة التمثيل.
وذكر أن مهنة التمثيل مرهقة نفسيا وجسديا، وتستنزف صحة الممثل وعليه أن يكون واعيا إلى ذلك الأمر.
تجربة العمل مع محمد خان
قال حميدة أنه لم يختر شيئا على مدار مسيرته الفنية، وإنما رسمت الصدف طريقه. ولفت إلى أنه لم يكن اختيار الأول للمخرج محمد خان في فيلم "فارس المدينة"، ولكنه اضطر للعمل معه. فقد كان خان يفضل العمل مع الممثل أحمد زكي، ويعتبره الأفضل على الإطلاق.
واستدرك: ""لم يكن خان على علم بأنني أجيد التمثيل، وقد كانت معرفته بفن التمثيل ليست كبيرة.... لم يوجهني طوال الفيلم سوى مرتين فقط".
تجربة العمل مع يوسف شاهين
حول سؤال كيفية التعامل مع أدوار مأخوذة عن شخصيات حقيقية مثل شخصية "يحيى شكري" في فيلم "إسكندرية نيويورك"، أجاب حميدة أنه لم يتعامل مع هذا الدور على أنه حقيقي، أو أن الفيلم نفسه يعد ضمن رباعية يوسف شاهين التي تتحدث عن حياته. موضحا: "هذه الأفلام ليست سيرة ذاتية من الأساس، وإنما تأمل لمسيرة ذاتية".
وأوضح أنه لم يتأثر بأداء يوسف شاهين في التمثيل لأنه رفض أن يتبع طريقته في توجيه الممثل. فقد جاء إليه شاهين في البداية، وطلب منه أن ينظر في عينيه ليعرف ما المطلوب منه في أحد المشاهد، فرفض حميدة، وقال له أن يتحدث إلى أذنه وليس عينيه.
ولفت إلى أنه كان يختلف معه مثلما يختلف مع والده، مضيفا: "شجاري مع شاهين مثل شجاري مع والدي بالضبط... وقد توفى الاثنان في نفس الأسبوع".
الإخراج والتمثيل
قال حميدة إن غالبية المخرجين في مصر لا يعرفون الكثير عن مدارس التمثيل المختلفة، ولكل منهم طريقة في توجيه الممثل. فمثلا محمد خان يوحي للممثل بما يريده في المشهد، ولكن يوسف شاهين يعتمد على اختيار لحظة شخصية في حياة الممثل مشابهة لتجربة الشخصية في الفيلم.
وعن الفرق بين المخرجين الرواد والمخرجين الشباب، قال إن الرواد لم يدرسوا سينما وإنما يعتمدون على ما تعلموه من التجربة، أما الآن عندما يشارك في فيلم مع مخرج شاب مثل تامر عشري في "فوتوكوبي" وبيتر ميمي في "حرب كرموز"، فإنه ينشغل بالعملية الإنتاجية، ويحرص على أن يكون جميع العاملين في الفيلم على وفاق. موضحا أن صناعة الفيلم تعتبر مهنة صعبة للغاية وتطلب الكثير من الجهد والوقت.
اقرأ أيضًا:إدريسا أودراجو.. مناضل في ميدان السينما
"توب العيرة".. رحلة البحث عن وطن بديل