طفل صغير بملامح بريئة يجلس في أحضان الممثل العالمي عمر الشريف وينظر إليه بإعجاب شديد في مشهد من مسلسل Anastasia: The Mystery of Anna عام 1986.
ولم يدرك الطفل كريستيان بيل حينها أنه سيترشح مثله إلى جائزة الأوسكار في يوم من الأيام.
"أحتاج إلى إيقافها هذا الأمر غير صحي لجسدي.. أنا في منتصف الأربعينيات سيلحق الضرر بي" كلمات عبر بها كريستيان بيل عن حاجته لتوقف التحولات الجذرية التي يجريها على مظهره لتجسيد أدوار مختلفة. نعم نعرف من هذه الكلمات أن الفنان الذي يشتهر بظهوره بتحولات جسدية كبيرة في أعماله فكر في أن يتوقف عن هذا الأمر.
"تتناول الكثير من الفطائر والكعكات..تتناول كل ما هو مفيد هذا ما يجب أن تفعله" هكذا يصف كريستيان بيل نظامه الغذائي الذي اتبعه من أجل التحول لـ"ديك تشيني" النائب المثير للجدل للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش في فيلم Vice وهو الدور الذي ترشح عنه لجائزة الأوسكار هذا العام.
"يا إلهي.. انظرو إنه كريسيتان بيل هناك.. حب حياتي .. يا إلهي" شعبية كبيرة يتمتع بها كريستيان بيل الذي كان يقضي في ديزني لاند عطلة برفقة عائلته وهناك فوجيء بمعجبة تصرخ عليه وتصوره فيديو كي تثبت لأصدقائها أنها قابلت أسطورة من أساطير السينما في هوليوود.
في كل دور يتبع الممثل البريطاني بعض الطقوس التي تساهم في تقمص الشخصية "في معظم الأحيان.. أجلس في غرفتي بهدوء أحدق في جدار، أصطحب نفسي إلى جميع الأماكن المختلفة التي ذهبت إليها الشخصية"، ويبدو أن تلك الطقوس تؤتي ثمارها في كل عمل.
ولد كريستيان تشارلز فيليب في بيمبروكشاير بمقاطعة ويلز الإنجليزية، طوال مرحلة طفولته انتقل بيل برفقة عائلته إلى العديد من البلدان بين انجلترا والبرتغال والولايات المتحدة، وساهمت تلك الانتقالات في اختياره لخوض مجال الفن الذي بدأه مع إعلان لحبوب الإفطار لتتوالى بعدها أدواره أمام الكاميرا في طفولته.
"وجدت صعوبة في التأقلم مع الشهرة.. فكرت في الإقلاع عن التمثيل مبكرا" لحسن الحظ أن كريستيان بيل لم ينفذ ما خطر بباله حينها وإلا لما تمتعنا بأدواره التي جسدها على الشاشة.
عندما تراه في شخصية "تريفور ريزنيك" بفيلم The Machinist تصيبك الحيرة، هل حقا أنقص كريستيان بيل كل هذه الكيلو جرامات من وزنه كي يجسد هذه الشخصية؟ نعم فالأمر لا يقتصر فقط على التحضيرات النفسية للشخصية بل يحرص الممثل الإنجليزي على الإمساك بكل تفاصيل الشخصية.
سنوات تمر ويقدم كريستيان بيل أعمالا تنال استحسان الجمهور والنقاد على حد سواء، حتى تأتي اللحظة التي يقع فيها كريستيان بيل ضحية لغروره، الذي تسبب في انهيار فيلم Terminator: Salvation أو الجزء الرابع من سلسلة Terminator بأكمله.
"رفضت المشاركة بالفيلم 3 مرات، فعندما شاهدت الجزء الأول من السلسلة كنت مندهشا للغاية، وكذلك الجزء الثاني وعندما عرض علي المشاركة في الجزء الثالث كان من المقرر أن يكتبه جوناثان نولان ولكنه انسحب من أجل مشروع آخر كما عزف عدد من الكتاب أيضا عن المشاركة، لذا لم يخرج الفيلم كما كان متوقع له"، هكذا عبر كريستيان بيل عن النقطة السوداء في مسيرته الفنية كما يطلق عليها.
في حين أن المؤثرات البصرية في هذا الفيلم كانت لا تصدق، إلا أنها لم تف بالغرض في الجزء الرابع من سلسلة Terminator، فبدلا من أن يجسد كريستيان بيل دور البطل "ماركوس رايت" كما اقترح المخرج كان الممثل الأمريكي يميل إلى دور "جون كونور" الذي كان ظهوره في السيناريو الأصلي لا يتعدى 3 دقائق على الشاشة والعديد من الأشخاص كانوا يعتقدون أنه لا يجب أن يؤدي هذا الدور وكان يفكر في الأمر نفسه، ولكن عندما بدأ العديد منهم في التعبير عن ذلك الأمر قرر أن يتحدى الجميع واتخذ هذا القرار.
وبالتالي تم إعادة كتابة السيناريو خصيصا لإرضاء بيل فانتهى الأمر إلى أداء فوضوي وغير مميز ، كما شهد تصوير الفيلم مشادة كلامية عنيفة بين بيل ومدير التصوير شين هرلبوت، وحول هذه الواقعة يقول الممثل البريطاني: تعلمت الدرس جيدا مهما كنت أفقد أعصابي في أحد المشاهد لا يجب أن أتصرف بهذه الطريقة بالطبع أشعر بالأسف حيال هذه الواقعة".
يقول كريستيان بيل "اعتبر هذا العمل بمثابة نقطة سوداء في مسيرتي المهنية.. أشعر بالعار لهذا الأمر".
فهل تعثرت مسيرة كريستيان بيل بسبب هذه السقطة؟ بالطبع لا، من يعرفونه يدركون جيدا أنه لا يستسلم بسهولة.
عاد كريستيان بيل بقوة من جديد ففي عام 2010، وفاز بأول أوسكار له عن فيلم The Fighter.
جاء عام 2013 وحمل معه آمالا جديدة لكريستيان بيل فمن أجل التحول لشخصية "إيرفينج روزنفيلد" بفيلم American Hustle عمد كريستيان بيل إلى زيادة وزنه حتى وصل إلى 95 كيلو جرام، وهذا التحول أهله للترشح لجائزة الأوسكار أفضل ممثل.
تغلب الممثل البريطاني على براد بيت وستيف كارل وريان جوسلينج واستولى على ترشيح الأوسكار في فئة التمثيل، عن فيلم The Big Short.
وها هو يتنافس مجددا على الجائزة الأشهر في هوليوود عن فيلم Vice.
اقرأ أيضا
رامي مالك.. لما كل هذا الحب؟
ياليتيزا أباريسيو.. رحلة بطلة Roma من معلمة ريفية بمدرسة ابتدائية إلى أوسكار 2019