ما الذي منح فيلم Black Panther تلك الهالة والميزة الكبيرة ليتواجد ضمن الأفلام المرشحة للفوز بجوائز الأكاديمية؟ وإن كانت المؤثرات هي العامل الوحيد، فلماذا لا يتواجد Aquaman ضمن الترشيحات بدوره؟
الكثير من التساؤلات من ضمنها حتى أن الأكاديمية تحاول مصالحة الممثلين سمر البشرة وكذلك الرد على كل من انتقدهم بهذا الشأن ومحاولة للدفاع عن هوليوود.
عادة أفلام الأبطال الخارقين والنوع الذي يتم إما نقله أو استلهامه أو محاولة تطويره لينقل عبر شاشة السينما يخضع لحكم مسبق، إما لمقارنة مع ثلاثية نولان الرائعة والتي قدمت شكلا مثاليا سواء لتلك النوعية أو حتى كل ما أنتجته DC Comics.
تتمتع شركة Marvell بعقلية ممتازة للغاية فيما يخص انتاجها السينمائي دائما ما تمنح شخصياتها قصصا وأبعادا وتتوسع خلال الفيلم الواحد والسلسلة بشكل كامل ما يمنح المشاهد راحة تجعله أقل انتقادا لها حتى لو أنه لا يفضل هذه النوعية إضافة لخلق أجواء مناسبة لكل شخصية يتم بناءها من الصفر.
فيلم Black Panther لم يكن أقل جمالا وحالة وتقديم وأحداث مما سبق مثل Captain America وAvengers وغيرها.
الفيلم يبدأ مع المشاهد من الصفر مشهد لن يفهمه جيدا سوى بعد مرور ما يقارب من ساعة من أحداثه، ثم يطلب منك بسلاسة أن تكون فهمت أن الملك قد قتل في فيلم آخر منفصل ظهر خلاله تتشالا والملك تتشاكا وقتل الأخير خلال أحداث Captain America: Civil War.
الآن نحن في رحلة داخل أجمل المدن في القصص المصورة هي واكاندا، لكن الإبداع الحقيقي كان حينما تمكن المخرج ريان كوجلر من تقديم صور فنية رائعة.
البداية الدائمة من الماضي معظم أحداث الفيلم ستخبر نفسك أنك شاهدته أو قرأت هذه القصة من قبل لكنك لا تستطيع الابتعاد عنها ستستمر في المتابعة لمعرفة ما سيحدث تاليا.
المشاهد من مدينة أوكلاند معظم أحداث الفيلم كانت أشبه بهمزة وصل ما بين أحداث مدينة واكاندا والعالم الخارجي الأمر الذي انتهى بنا المطاف إليه بأنها فعليا أصبحت كذلك.
وبعيدا عن أوكلاند كانت نظرة عن قرب من أمة لديها تقدما تكنولوجيا يتخطى الخيال وفي نفس الوقت تعيش في منطقة معزولة يعتبرها العالم بدائية ثم طريقة الحكم والطقوس والمعارك سواء الفردية أو الجماعية كل شيء صمم لكي يكون مثاليا ودقيقا يحرص من خلاله المخرج على الذوق العام ألا تمل وأن تكون سعيدا بما شاهدت.
لفترة طويلة ظلت أفلام الأبطال الخارقين تقليدية ببطل أبيض ينقذ العالم من الدمار، لكن بكل تأكيد تتشالا كان مختلفا للغاية، الجمع بين صفة البطولة والتهور أحيانا وحكمة الملوك، هناك سوبر مان وثور وكابتن أمريكا وغيرهم لكن لا شك أن تقديم بلاك بانثر كان مختلفا للغاية أكثر اختلافا وقيمة عما سبق ليظل فريدا من نوعه.
طاقم العمل بدء من تشادويك بوسمان ومايكل جوردان وفورست وايتكر وأنجيلا باسيت وغيرهم جميعا قدموا أداء متميزا ضمن الإطار الذي خلقه كوجلر.
الأمر ليس منوطا ببطل خارق يطير لينقذ الطائرة لكن بشخص وحيد يدخل في خلاف سياسي ثم معركة ضخمة وحاسمة والعديد من اللحظات العاطفية وحتى الكوميدية هناك خلطة متكاملة من عناصر مختلفة ساهمت في هذا النجاح أكثر من كونه فيلما لبطل خارق.
بداية الفيلم ساندنا كوجلر لكي ننظر عن كثب إلى شخصية تتشالا، الأمير غير المكترث الذي يعيش في مدينة مثالية، ثم يتم اغتيال والده، لنرى جانبا إنسانيا لمعظم الشخصيات في الفيلم، هناك دائما جانب أكثر من البطل مفتول العضلات الذي يمتلك رمحا أو يطير ليسدد اللكمات هنا وهناك، لذا في كثير من الأحيان لا تشعر وكأنك تشاهد فيلما لبطل خارق، لكن هناك ملك يعيش صراعا كبيرا على العرش، لكن عليه أن يخوض نزاعا داميا باليد للحفاظ عليه.
طيلة الفيلم ستستمر واكاندا في الحفاظ على هيبتها أمام المشاهد كمدينة رائعة ومثالية، حتى يعرفنا بدوره على خصم تتشالا، وهو كليمونجر، المرتزق الذي اعتاد قلب الحكومات وهو يسرق قطعة حربية تخص واكاندا ومصنوعة من معدن الفايبرانيوم.
بعض مشاهد إطلاق النيران بجانب مطاردة سيارات تم تصويرها في كوريا الجنوبية، وصولا إلى الكثير من استعمال الأدوات التكنولوجية، لم نر الكثير من المؤثرات كما يجب أو كما اعتقد المشاهد أنه سيرى، بل على العكس كانت في إطار الأحداث، عكس ما حدث في فيلم Aquaman مثلا وليس حصرا ما حول الأخير لفيلم رائع في المؤثرات لكنه متوسط للغاية في الأداء والقصة.
طريقة تصاعد الأحداث في الفيلم كانت متميزة للغاية، كل في إطاره الصحيح دون تسارع أو أن يشعر المشاهد بأن هناك شيء ما خاطيء، بل على العكس خط سير الأحداث وصولا للنهاية كان أكثر من ممتاز مقارنة بأفلام الأبطال الخارقين التي ظهرت في الفترة الأخيرة.
الفيلم سمح للمشاهد أن يحدد الفارق بين تتشالا وإريك ومعرفة ما سيفعله كل منهما إن تسلم مقاليد الحكم، الثاني تأثر كثيرا بالظلم الواقع على أبناء جنسه ممن هم سمر البشرة أو حتى من واكاندا نفسه وقرر شن الحرب وغزو العالم، في حين أن الأول من الممكن وصف فكره بأنه إصلاحي نوعا ما.
مقارنة بفيلم أكوامان، فهذا الفيلم قدم المؤثرات لخدمة أحداثه وقصته ودعمها، لا لإبهار المشاهد فيكفي بناء الشخصيات والأحداث لفعل ذلك، لذا إن كان البناء قويا فلن تخشى عليه كثيرا وتحاول أن تغطيه بالمؤثرات، ناهيك عن قوة وقدرات الممثلين التي ظهرت على مدار الأحداث ونجاح كوجلر في نقل كل شيء أراد نقله تقريبا دون قص ولصق.
كان من الممكن أن يصبح هذا الفيلم مجرد فيلم بطل خارق آخر، ممتع وجيد تشاهده وتكون سعيدا بعض الشيء ثم تنسى الكثير من التفاصيل به، لكن ديان كوجلر والممثلين كانوا حريصين كل الحرص على أن يكون أكثر من ذلك، الأمر ليست رحلة مضحكة أو صارمة، لكن هناك تعبيرات ونبرات وطريقة النظر وغيرها من التفاصيل التي اهتم بها جميع من في هذا العمل لكي يخرج بشكله النهائي الذي حاز على إعجاب الكثيرين بجانب وجوده في هذه المنزلة حاليا.
لديهم تاريخهم وقصصهم والفيلم لم يبخل قط في معلوماته أو طريقته في قص القصة، والآن قام بوضع بذرته الكبيرة لكي يتمكن من حصد المزيد من النجاح لكل تلك الشخصيات في المستقبل، إيقاع قوي حتى قد يساهم في تسويق القصص نفسها مستقبلا، كان هناك Hancock وBlade كلاهما لم يحظ بالنجاح الذي حققه هذا الفيلم، واحد من أقوى أفلام الأبطال الخارقين ونجاح كبير لمارفيل في الصناعة الخاصة بها، حتى أن طريقة التحية في واكاندا أصبحت شائعة نوعا ما، هل يمكنه تحقيق نجاحا أكبر خلال حفل الأكاديمية؟ لم لا؟
اقرأ أيضًا:
فيلم The Favourite.. التاريخ على طريقة يورجوس لانثيموس
11 فيلما عن أحداث وشخصيات حقيقية في أوسكار 2019.. تعرف عليها