بيان صحفي تم نشره في عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية حول قتوقيع رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان اتفاقية مع رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي أسامة هيكل تتعلق بضرورة العمل على ترميم نسخ الجريدة السينمائية، وبعض من الأفلام التسجيلية،التي كانت تنتجها هيئة الاستعلامات..
جاء في البيان أنه بناء على هذا العقد "تقوم من خلاله المدينة بترميم وإحياء التراث السينمائي والوثائقي لدى الهيئة من الجريدة السينمائية المصورة والأفلام التسجيلية القديمة، والتي تعد كنزًا معلوماتيًا، ووثائقـيًا غاية في الأهمـية يـوثق للكثـير من الأحـــداث التاريخية والمناسبات الكبرى التي شهدتها البلاد منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى وقتنا الحاضر".
البيان وما يتضمنه جدير بالتأمل، لأنه وبالنظر إلى تجارب ماضية لن يلتفت أحد مستقبا إلى مثل هذا العقد، لينضم إلى جوار عقود مماثلة تتعلق بترميم التراث السينمائي الذي يشكل وجه مصر، والذي شهد على مدار أكثر من 30 عاما توقيع عقود واتفاقات تتعلق بإنشاء أرشيف سينمائي مصري "سينماتيك" يحفظ تراثنا السينمائي المصري والذي تحللت العديد من أفلامه.
كل التصريحات الإعلامية، والمؤتمرات التي عقدت ذهبت ولم يبق شىيء إلا الكلام، وقد يكون هذا ما دفع عائلة المخرج يوسف شاهين إلى التحرك بشكل شخصي والقيام بترميم أفلامه، والتي عرض 20 عملاً منها في الاحتفالية التي أقيمت في سبتمبر الماضي، وهو المشروع الكبير الذي عملت عليه ماريان خوري، وجابي خوري بالتعاون مع العديد من الجهات والهيئات الدولية المهتمة.
لا يوجد سحر يضاهي رؤيتك لأفلام هامة في تاريخنا، صنعت فارقا وشكلت وجداننا، وقد عاد إليها بريقها، والبريق هنا لا يعنى معالجة النسخ المتهالكة، والعمل على الألوان والضوء، بل معالجتها كما كانت في خيال صانعها، والوصول لأقرب نتيجة لتحاكي النسخة المعروضة، ما أنجزه شاهين وقت إخراجه لهذه الأفلام سواء تلك التي تم تصويرها بالأبيض والأسود، أو الألوان.
ومن المعروف أن للأفلام بشكل عام عمر افتراضي ( الأفلام التي كانت تصور بالخام وكاميرا 35 مللي) وبعدها تتحلل وتتحول إلى "خل"، لذلك لا بد من أن ترمم حتى يتم الاحتفاظ بها لفترة طويلة، فعملية الترميم هي إعادة إعطاء حياة جديدة للفيلم بفورمات جديدة، وهي عبارة تقريب نسخة الفيلم لأصلها بقدر الإمكان، في محاولة للحفاظ على هذا الأرشيف بشكل حديث.
تلك الاحتفالية والتي شهدت عرض 20 فيلما تم ترميمها من بين إبداعات شاهين، والتي شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا من شرائح عمرية متنوعة، لا تعكس إلا أمرا واحدا أن هناك جيل يسعي ويبحث عن الإبداع الحقيقي، مشروع ترميم أفلام شاهين وإعادة الروح إليها يجعلنا أيضا نطرح سؤالا مهما وهو ماذا عن باقي تراث السينما المصرية؟ ماذا عن أفلام كبار مخرجينا ومنهم صلاح أبوسيف وكمال الشيخ وعاطف الطيب وغيرهم؟
كيف يري المسؤولون عن السينما والثقافة النسخ المهملة من أفلام السينما المصرية والتى تعد من الكلاسيكيات ودرر السينما المصرية والعربية، والتي أصبح بعضها قريب للتحلل؟
وإذا كانت عائلة المخرج والمبدع يوسف شاهين تملك الوعي الكافي وتدرك ضرورة الحفاظ على تراثه، وترميم أفلامه لتظل باقيه في الوجدان الإنساني. وإذا كان المخرج العالمي مارتن سكورسيزي قد أدرك أهمية وقيمة فيلم "المومياء" في تراث الإنسانية - كانت بعض فصوله قد قاربت على التحلل- وهو الفيلم الذي اختير ضمن أهم 100 فيلم في العالم وتولى سكورسيزي ترميمه من خلال مؤسسته المعنية بترميم الأفلام المميزة، حيث عرضت النسخة المرممة في مهرجان كان السينمائي الدولي عام 2008 في دول العالم، فماذا عن باقي المخرجين وإنتاجات السينما المصرية وماذا عن الأفلام التي أنتجتها الدولة بنفسها متمثلة في المؤسسة العامة للسينما؟
يبدو أن قضية ترميم الأفلام لا تشغل بال أحد مثلها تماما مثل قضية أرشيف السينما المصرية، والذي بات الكلام والتصريحات حوله أشبه بالعبث، ووعود منذ أكثر من 30 عاما لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع، نسخ الأفلام مهملة، تخزين سيئ، وهو ما يعرضها للتحلل والمفارقة أن مصر لا يتبق لها سوى 365 فيلمًا فقط تملكها وزارة الثقافة المصرية من أصل 5000 فيلم سينمائي، تم إنتاجهم على مدار تاريخ السينما المصرية والذي يتخطى الـ122 عاما، منها 1500 فيلم تملكها قنوات art و1600 فيلم تقريبا ملك قنوات روتانا و500 فيلم تملكها الشركة العربية، بينما تملك شركة الصوت والضوء التابعة لوزارة الثقافة 365 فيلما و1000 فيلم تسجيلى وروائى قصير.
قد يبدو الأمر للبعض يحمل قدرا من الرفاهية ولكن تخيلوا معي المشهد لو لم تقم قنوات روتانا بترميم التراث المصري والإنساني الذي صار ملكا لها، وما تبقي لوزارة الثقافة المصرية من أفلام كما هو لم يحصل على شروط تخزين جيدة، أو عملنا على ترميمه، وتحللت هذه الشرائط السينمائية، والتي بالمناسبة لا تحمل صورا متحركة أو قصص درامية محبوكة، ولكنها تحمل حيوات متكاملة وترصد حياة اجتماعية وسياسية بكافة التغييرات، تصور لنا عادات وتقاليد وشكل شوارع وملابس، ودرجات لونية ببساطة تحمل أرواحا نابضة، لو كل ذلك ذهب ما الذي سيتبقي لمصر حينها!
ولا أعرف لماذا تحول معظم السينمائيون إلى مجرد مراقبين! مشروع ترميم أفلام السينما المصرية لا يحتاج إلى الدولة فقط، بل إلى سينمائيين مخلصيين يدركون حقا قيمة ما يملكون، ويسعون للمحافظة عليه من خلال مخاطبة المؤسسات المعنية في دول العالم، والتي تهتم حقا بالحفاظ على التراث السينمائي بوصفه تراثا إنسانيا، بعيدا عن فكرة التجارة والمكسب، على أهل صناعة السينما أن يحافظوا على تراثهم، ولنا في تجربة شاهين وعائلته أسوة.
اقرأ أيضا
خاص- كواليس حفل نايل دراما لتكريم نجوم 2018.. رمضان يرفض الغناء ولفتة خاصة لعادل إمام
ترشيحات لا تفوتك- قائمة أفضل أفلام أجنبية في 2018.. Roma يتصدر