نالت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي هجوما حادا عقب الإعلان عن تكريم المخرج الفرنسي كلود ليلوش ضمن فعاليات الدورة الـ40 المقبلة.
ووجهت اتهامات لإدارة المهرجان بأنها تكرم مخرجا يدعم اسرائيل وزارها العديد من المرات، بل وتلقى تكريما في جامعة بن جوريون في تل أبيب.
بدأ المخرج الفرنسي رحلته في صناعة الأفلام عندما كان يبلغ من العمر 19 عاما كمصور سينمائي وذلك عام 1956، ونال شهرته الواسعة مع إطلاق فيلم A Man and a Woman عام 1966، وحصل عنه على جائزة الأوسكار كأفضل فيلم أجنبي وأفضل سيناريو، وترشح للجائزة كأفضل مخرج، كما وفاز بجائزة السعفة الذهبية من مهرجان كان السينمائي.
أخرج ليلوش منذ ذلك الحين أكثر من 40 فيلما، وكانت تجمعه علاقة جيدة مع منتقدي أفلامه بلغت ذروتها عام 2004 عندما عرض على الجمهور الفرنسي تذاكر مجانية لفيلمه Les Parisien، وقد برز ليلوش على مدار السنوات الماضية كواحدا من أبرز صانعي الأفلام في أوروبا.
وفي السطور التالية يرصد لكم تصريحات المخرج الفرنسي الحائز على جائزة الأوسكار عن اسرائيل التي أغضبت صناع السينما:
تكريمه في جامعة بن جوريون
في الـ17 من نوفمبر عام 2005، منحت جامعة بن جوريون في تل أبيب المخرج الفرنسي الشهير كلود ليلوش درجة الدكتوراة الفخرية لإنجازاته الطويلة كصانع أفلام، اقيم الاحتفال كجزء من مهرجان Jewish Eye الذي شهدته مدينة بئر سبع في الفترة من 16 إلى 24 نوفمبر عام 2005.
كطفل يفر من الجستابو خلال الحرب العالمية الثانية، قضى المخرج الفرنسي ساعات طويلة مختبئا في دور السينما، و عقب تسلمه الجائزة قال المخرج الفرنسي: "أحيانا كنت أشاهد الأفلام هناك لمدة 5 ساعات متتالية، وقعت في حب السينما، وكان هناك جزءا مني يأسف على نهاية الحرب".
"الجستابو" مصطلح أطلق على البوليس السري الألماني المسؤول عن العديد من عمليات الاغتيال والتدمير للملايين خلال فترة الحكم النازي لحماية الدولة الألمانية، وخلال فترة الحرب العالمية الثانية تواجد الجهاز الأمني في الدول التي سيطرت عليها ألمانيا وأبرزها فرنسا وكانت مهمته القبض على اليهود والمثليين والشيوعيين وتهجيرهم قسريا إلى معسكرات الاعتقال والقضاء عليهم.
ووفقا لما ذكرته The Jerusalem Post كانت اسرائيل دائما دولة حقيقية بالنسبة لليليوش الذي ولد عام 1937 لأب يهودي جزائري وأم فرنسية تحولت إلى اليهودية بدافع الحب لزوجها.
وقد أجرى ليليوش مقابلة مع صحيفة The Jerusalem Post قبل تكريمه في الجامعة الإسرائيلية الشهيرة قال فيها: " كان شعاري في الحياة دائما (القيود تعزز الخيال والإبداع) وأعتقد أنه ينطبق أيضا على الشعب اليهودي ودولة اسرائيل".
مضيفا: كل شيء تعلمته في الحياة جاء بعد الفشل، إنها الأفلام التي لم تحقق نجاحا سنحت لي من حين لآخر الاستمتاع بالنجاح العظيم، أعداؤنا هم الذين يقدمون لنا معروفا كبيرا، وهذا شيء صغير مشترك بيني وبين هذا البلد".
وأشار ليلوش خلال حواره إلى زيارته لمنزل رئيس وزراء إسرائيل السابق ديفيد بن جورين في عام 1968، للحصول على تصريح من أجل الاستفادة من قوات الجيش الإسرائيلي في الظهور بفيلم يعتزم تصويره في البلاد، وقال ليليوش أن رئيس الوزراء الأسبق وعد بذلك ولكن عليه الانتظار 30 أو 40 عاما آخرين حتى تصبح البلاد في وضع آمن.
بمرور السنوات عاد ليليوش مرارا وتكرارا إلى اسرائيل، حيث صور العديد من المشاهد لأفلامه، وأكد رغبته في تصوير فيلما كاملا في اسرائيل، ولكنه لا يعلم تحديدا ما هي قصته، وعلى الرغم من ذلك اعترف ليليوش بوجود لحظات كان يشعر فيها بالغضب من اسرائيل قائلا: أحبها كثيرا، ولكن هناك لحظات أشعر فيها بقلة التسامح في اسرائيل، إنه نوع من أنواع القسوة، أنا شخصية متسامح للغاية وفي بعض الأحيان أود الحصول على مزيد من التسامح هنا".
وأضاف: "عندما ولدت في عام 1937، كون المرء يهوديا كان يعد كارثة ولكن كان الأمر رائعا عام 1945 عقب انتهاء الحرب العالمية ومذبحة الهولوكست إذ كان الجميع يطلب مسامحتك كنا ضحايا مع الأسف استمر هذا لـ6 أشهر فقط، لذا تعلمت أن اللحظات الصعبة لا تقل أهمية عن اللحظات السعيدة".
ويعتقد ليليوش أن اليهود محظوظين لأن لديهم معادين للسامية، وإلا لم يكن بمقدورهم أن يصبحوا مبدعين، قائلا: فخلال الحرب كان لأمي خيالا مذهلا، كانت بطلة تبحث عن والدي في كل مكان، واستطاعت أن تعثر لنا على طرقا للهرب، ولكن بعد الحرب أصبحت امرأة عادية تخشى الخروج تحت المطر".
افتتاح فيلمه مهرجان الفيلم الفرنسي في اسرائيل
يوم 7 ابريل من عام 2016، افتتح فيلم كلود ليليوش Un + Une فعاليات الدورة الـ13 من مهرجان الفيلم الفرنسي في اسرائيل.
واقيم مؤتمرا صحفيا للمخرج الفرنسي على هامش المهرجان في المعهد الفرنسي بتل أبيب حضره إلى جانب بطلة فيلمه إلسا زيلبيرستيان، وصرح ليليوش قائلا: أنا سعيد للغاية لتواجدي في تل أبيب، سعيد للغاية لتواجدي في اسرائيل، على الرغم من أنها بعيدة عن فرنسا إلا أنني أشعر بأنني قريب منها دائما، : زرت هذا البلد نحو 10 مرات و عندما اتواجد هنا أشعر وكأنني في منزلي، إنها دولة أحبها كثيرا".
وأضاف : أقدر دائما حقيقة أنك تعيش في اسرائيل بصعوبة وسط انعدام الشعور بالأمان، حيث يتنافس الماضي والمستقبل مع الحاضر لكن التوتر وعدم الاستقرار يجعلان التواصل بين الأشخاص هنا أقوى".
وحول خلفيته الدينية المختلطة قال ليليوش: أنا محظوظ، كان والدي يهوديا من الجزائر وكانت أمي مسيحية من نورماندي، كبرت بداخل المعبد اليهودي والكنيسة أيضا، كنت أذهب مع أمي إلى القساوسة ومع أبي إلى الحاخامات، لقد نشأت مع التناقض والتسامح".
وألمح المخرج الفرنسي إلى أنه قبل سنوات مضت اتصل به مجموعة من الحاخامات أرادوا انتاج فيلم عن الكتاب المقدس، قائلا: حضروا إلى ومعهم سيناريو طويلا وتساءلت حينها من سينتج هذا؟ قالوا: أكبر منتج في العالم سيفعل ذلك .. سيفعلها الله إنه خلف كل روائع العالم، وعلى الرغم من أنهم وجدوا في النهاية منتجا ومخرجا للمشروع إلا أنني أعجبت بايمان وروح هؤلاء الحاخامات".
فيلم Un + Une الذي تدور أحداثه حول قصة حب تجمع بين مؤلف فرنسي شهير وزوجة السفير الفرنسي في الهند وبالطبع فإن الفيلم جرى تصويره في الهند، ورغم ذلك لم تكن الهند هي الخيار الأول للمخرج الفرنسي بل أراد تصوير الفيلم في اسرائيل كما صرح خلال المؤتمر الصحفي.
ويقول كلود ليليوش: اسرائيل دولة عزيزة على قلبي ولكن لابد لي من استيعاب بعض الأشياء قبل البدء في صنع الأفلام هنا، اسرائيل هي أكثر الدول تعقيدا في العالم، وعندما أبدأ في عمل مشروع سينمائي هنا لابد لي أن أتأكد من شيء ما والآن وعلى الرغم من كبر سني هناك الكثير من الأشياء التي لا أستوعبها بسبب كم التناقضات الموجود بها".
مضيفا: في هذه اللحظة لا أملك الفكرة التي تتيح لي أن أجعل الجميع يقع في حب اسرائيل".
اقرأ أيضا
القاهرة السينمائي يرد على تكريمه مخرجا فرنسيا يدعم إسرائيل: هل يمتلك أحد وثيقة ضد كلود ليلوش؟