شهدت السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا في صناعة الموسيقى، وقلت عدد الأعمال المقدمة من المطربين بل واختفى عن الساحة الغنائية عدد أكبر منهم، ولم يعد باستطاعتهم التواجد بشكل مكثف كما كان الحال منذ عدة سنوات.
ويرجع السبب الأساسي لعدم تحقيق أي مكاسب مالية لشركات الإنتاج أو المطربين لأسباب كثيرة منها القرصنة وعدم وضع قوانين تضمن للجهة المنتجة الحفاظ على حقوقها وكيفية الحصول عليها، وأسباب أخرى كثيرة.
ولمواجهة هذا التراجع وعدم التواجد الكبير لجأ عدد كبير من المطربين لفكرة طرح أغان منفردة على فترات متباعدة من العام لكي تضمن التواجد سواء كان بالتعاون من شركة إنتاجة، أو بإنتاج شخصي، ويضمن لهم أيضا تعاقد منظمي الحفلات والمناسبات معهم بشكل مستمر، وذلك لأنهم متواجدون دائما بأعمال جديدة.
وبالفعل توجد العديد من التجارب التي حققت هذا النجاح ومنها الفنان محمود العسيلي الذي فضل أن يطرح أغنية منفردة مصورة واحدة على فترات متباعدة بدلا من فكرة طرح الألبوم وحققت معه نجاحا كبيرا، ومن قبله الفنانة اللبنانية نيكول سابا التي اتبعت هذا الأسلوب لسنوات طويلة، ولم يؤثر ذلك على تواجدها الفني بأي شكل من الأشكال ولديها العديد من الالتزامات التي تقدمها طوال العام دون الحاجة لطرح ألبوم غنائي يضم 10 أو 12 أغنية، بالإضافة للفنان حكيم الذي انضم لهذه القائمة وبدأ في تنفيذ أغان مصورة على فترات.
ومطربون آخرون اعتمدوا على هذه الطريقة طوال الوقت ومنهم بوسي والليثي وغيرهم، وساهم ذلك في تواجدهم ونجاحهم طوال الوقت دون الحاجة لطرح البوم غنائي.
التكلفة:
من حيث التكلفة المادية، فتكلفة ألبوم غنائي متوسط قد تتخطى المليون ونصف المليون جنيه وذلك بين كلمات وألحان وتوزيعات ومصروفات الأستوديو وعازفين وعملية الميكس والماستر، بخلاف الطباعة والتصوير وحملة الدعاية، وبعدها تصوير أغنية واحدة إن أمكن بطريقة الفيديو كليب.
في الوقت الذي لا تحقق فيه هذه الألبومات أي مبيعات لكونها متوافرة على المواقع الالكترونية سواء بطريقة شرعية أو غير شرعية، والمردود المالي منها لا يغطي هذه التكلفة، وعلى الرغم من استحداث طرق جديدة في التسويق الرقمي، إلا أنها أيضا لم تعد مجزية لجميع المطربين، وبالتالي قررت شركات الإنتاج أن تقلل من حجم إنتاجها ليقتصر على عدد أقل، لتضمن الشركة بذلك عدم الخسارة.
أما الأغنية المنفردة فمن الممكن أن تصل تكلفتها من 200 إلى 250 ألف جنيه بالتصوير، وعلى فرض أن المطرب سيطرح 4 أغاني في العام، بمعدل كل 3 أشهر أغنية، فستكون التكلفة النهائية في العام أقل بكثير من تكلفة الألبوم الواحد، وستحقق الأغاني أرباحا مادية للمطرب والشركة وقتها، تجعلهم يستمروا في إنتاج أعمال فنية متواصلة دون توقف.
التواجد:
الأغاني المنفردة تضمن للمطرب التواجد على الساحة والإعلام طوال الوقت، ففي حالة طرحه لأغنية كل 4 أشهر مثلا، بالتالي سيضمن أن الجمهور سيسمع أعماله على مدار العام وسيظل اسمه يتردد من بداية العام إلى نهايته لكونه يطرح عملا فنيا جديدا كل عدة أشهر أو مع الاحتفال بالمناسبات، بعكس الألبوم الذي يتم طرحه ويتفاعل معه الجمهور لشهر أو أكثر وبعدها يقل هذا التفاعل تدريجيا، لحين نزول ألبوم جديد لنفس المطرب، والذي قد يستغرق إعداده أكثر من عامين وهو حال مطربين كثيرين.
كذلك التفاعل مع الإعلام، ستظل أخبار الفنان أو المطرب حديث للإعلام مع كل خطوة في طرح عمل فني جديد سواء قبل طرحه أو بعد طرحه، وسواء هذا التفاعل بالسلب أو الإيجاب فهو في صالح المطرب نفسه لكونه سيتم ترجمته إلى تواجد في الحفلات والمناسبات التي ستعود عليه بالنفع، وعلى الشركة التي تتولى إنتاج هذه الأغاني في حالة وجودها.
الأرباح:
عملية بيع الألبوم تتم مرة واحدة سواء على المستوى الرقمي أو الطباعة، وسواء الألبوم احتوى على 8 أغاني أو 15، فتحصل عليه شركة التوزيع أو شركة التسويق الرقمي برقم ثابت، وبعدها تتولى هي هذه العملية لتجني منه أرباحا قد لا تغطي تكلفة الألبوم.
أما في حالة الأغاني المنفردة، فيتم التعامل مع كل أغنية بمفردها، كأنها منتجا خاصا ومستقلا، وفي أسوا تقدير ستستطيع الشركة الموزعة أن تُحصل الثمن الذي دفعته، حتى إن لم تحقق أرباحا من ورائها لن تكون هناك خسارة.
فهل سيكون الحل هو طرح أغاني منفردة لنجوم الغناء، والاستغناء تماما عن فكرة طرح ألبوم تماما الذي يضم عددا من الأغاني، أم سيظل الألبوم هو الشكل الرسمي لتوجد المطربين؟