خلال السنوات الأخيرة، أصبحت الأفلام التي تتناول قصص الحروب في الشرق الأوسط والأهوال التي يتعرض لها سكان المنطقة سمة من سمات أفلام المسابقات في المهرجانات الدولية المختلفة. هذا العام، يشارك فيلم Girls of the Sun للمخرجة الفرنسية إيفا هاسون في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الـ71.
الفيلم المأخوذ عن أحداث حقيقية، يركز على صحفية فرنسية تسافر إلى الأماكن الخطرة في العالم لتغطية الأحداث الجارية ورصد ما يحدث متسلحة بكاميرتها الاحترافية. ورغم أنها فقدت عينا ومات حبيبها الذي يعمل صحفيا أيضًا في ليبيا، تقرر الاستمرار في شغفها تجاه البحث وراء الحقيقة وتسافر إلى كردستان لتغطية ما يتعرض له السكان على يد تنظيم داعش.
يقودنا الفيلم إلى التعرف على النساء المقومات اللاتي انهارت حياتهن بعد قتل الأزواج وخطف الأبناء والتعرض للاغتصاب والبيع في سوق السبايا.
"النساء، الحياة، الحرية" هذا هو الشعار في فرقة المقاومة التي تقودها "بحر"، بطلة الحكاية الأساسية. نساء قررن الصمود مستعينات بكل السبل المتاحة؛ بدءا من الغناء الحماسي الذي يكرهه المعتدي حتى حمل السلاح للرد على الرصاص والقنابل.
اعتمدت المخرجة على وجه بطلتها الأساسية، الممثلة الإيرانية جلشيفته فراهاني، من أجل رصد حالات الفزع والضيق والغضب المسيطرة على الأجواء لكنها في بعض الأحيان كانت تبالغ في استخدام هذه اللقطات دون وجود داعي لذلك، فيما مثلت شخصية المصورة الصحفية، التي قدمتها الفرنسية إيمانويل بيركو، رد الفعل الذي يشعر بالألم والانبهار بقوة نساء المقاومة وقدرتهن على الدفاع عن حياتهن وحياة أبنائهن.
لم تهتم المخرجة بالتطرق إلى الجوانب السياسية أو الدينية المحيطة بالموقف كما لم تنزلق وراء عرض مشاهد مكررة عن جرائم داعش، واكتفت بالتركيز على الجانب الإنساني من الحدث الشاهد على قصص مأسوية تناقلتها الصحف ووسائل الإعلام الإخبارية في السنوات الماضية. وحولت الأحداث إلى مجموعة من مشاهد الحركة والترقب حتى تزيد من حجم التفاعل مع الشخصيات والقلق حول مصائرها.
خلال المؤتمر الصحفي، قالت إيفا هاسون، إنها قرأت عدد من المقالات عن هؤلاء النساء، وبعدها توجهت إلى مكان الأحداث للعثور على المزيد من التفاصيل. موضحة أن أكثر ما أثر فيها رؤية سيدات تم بيعهن لأكثر من 14 مرة لكن تمكن في النهاية من الفرار.
وشددت على أن هناك الكثير من القصص النسائية التي تستحق الروي، ومن المفترض أن يزيد عدد الأفلام التي تتناول حكايات السيدات على الشاشة.
فيما تحدثت جلشيفته فراهاني عن دورها، مؤكدة أنها تعرف عن شجاعة هؤلاء السيدات منذ فترة من خلال وسائل الإعلام، وعندما عرض عليها السيناريو وافقت على الفور نظرًا لأنها كانت ترغب في تقديم ما واجهته هؤلاء النساء اللاتي تم اغتصابهن وضربهن وسلبت منهن حريتهن لكن رفضن في النهاية دور الضحية وقررن المواجهة.
وأشارت إلى أن هذا الرابط بينها وبين الفيلم، لأنها لم تتقبل مطلقا فكرة أن النساء ضحية، كما يروج الغرب، بل على العكس دائما ما تشعر بأنها قوية وقادرة على فعل أي شيء.
وعن استعداد إيمانويل بيركو، لشخصية الصحفية " ماتيلد"، أوضحت أنها التقت بمراسل حربي قبل التصوير، كما طلبت منها المخرجة مشاهدة أفلام وثائقية وتقارير مصورة مع المراسلين في المناطق الخطرة.
يشار إلى أن المسابقة الرسمية تضم مجموعة من الأعمال السينمائية المميزة، لكن يعد هذا الفيلم من أكثر الأفلام التي اهتم بها حضور مهرجان كان السينمائي رغم الاختلاف على مستواه الفني، نظرا لانه متزامنا مع الحركات النسائية المسيطرة في هوليوود، التي انتقلت منها إلى أوروبا في الفترة الأخيرة. بالإضافة إلى أن الدورة الحالية من المهرجان الفرنسي تشهد احتفاء بالمرأة متمثلا في الهيمنة النسائية على لجان التحكيم.
اقرأ أيضًا:
كان السينمائي 2018- تعرف على تقييمات 7 أفلام من المسابقة الرسمية.. جودار يتصدر وفرهادي الأضعف
سباق السعفة الذهبية (1): عمل رائع لأستاذ السينما البولندية يقاسم الفيلم المصري الصدارة