طوال السنوات الماضية كان هناك حوار دائم بين أطراف صناعة المسلسلات التلفزيونية إن واحدة من مشاكل الجودة، هي فكرة أن أحد شروط المسلسلات أن يكون العمل مكون من 30 حلقة، وهو إطار كان يرى الصناع أنه من الصعوبة خلق عمل فني مشوق قوي في 30 حلقة، وأنه مهما كان العمل جيدا فإنه سيقع في مشكلة الملل والتطويل والخطوط الفرعية الكثيرة من أجل استيفاء شرط الـ 30 حلقة.
المسلسلات الأمريكية تقدم في شكل موسم بحد أقصي 13 حلقة للموسم الواحد بما يساعد في قوة القصة وقوة كل حلقة، وأننا نحن كذلك كان لدينا في الماضي مسلسلات لا تزيد عن 13 حلقة للجزء مثل أول موسم من ليالي الحلمية، الأمر هنا يحتاج فقط أن نراجع بعض الأرقام.
ففي الماضي القريب حتي بداية الألفية، كان يطلب من المنتج تقديم مسلسل مكون من 30 حلقة على أن تكون الحلقة 45 دقيقة، وهو ما يعني أن العمل كاملا يساوي 22 ساعة ونصف، ومع ضغط الإعلانات ومشاكل التنفيذ، تراجعت المحطات (بإرادتها أو مرغم ) وأصبح الطلب أن تكون الحلقة 40 دقيقة، ليصبح العمل كاملا يساوي 20 ساعة.
ولكن في العشر سنوات الأخيرة تراجع الرقم بشكل كبير مع ضغط الاعلانات وتأخر التصوير، وأصبح في الواقع أن وقت الحلقة يتراوح ما بين 35 دقيقة و25 دقيقة وأحيانا 20 دقيقة في الحلقات الأخيرة، وهو ما يجعل العمل صاحب ال 30 حلقة يساوي 15 ساعة لو افترضنا في المتوسط 30 دقيقة للحلقة.
لماذا الحديث عن كل هذه الأرقام؟ لأن من الواضح أنه مع تراجع المدة الزمنية للعمل الفني فإن المطلوب لتقديم عمل درامي من 30 حلقة هو 15 ساعة وهو ما يقترب من المطلوب من مسلسل أمريكي يقدم 13 حلقة، والحلقة مدتها ساعة بما يعني 13 ساعة، وأن الفرق مجرد ساعتين فقط، وليس من 5 لـ 7 ساعات كما كان في الماضي القريب.
لذلك فإن المشكلة المطروحة دائما من صناع المسلسلات حول صعوبة خلق دراما قوية من 30 حلقة تبدو مشكلة غير حقيقية الآن، ولكن لحظة!!
وهل صناعة المسلسل التلفزيوني تعمل من خلال إدراك كامل لتلك الحقيقة؟
في الحقيقة الأمر لا يتم على هذا النحو، فأغلب السيناريوهات – أغلب وليس كل - تكتب بنفس المنطق القديم أن الحلقة تتراوح بين 35 و40 دقيقة، ثم يبدأ التصوير ومع ضغط التصوير تبدأ عملية الحذف والإلغاء لمشاهد وخطوط وديكورات كاملة، ناهيك عن أن أغلب – وليس كل – الأعمال تبدأ التصوير دون أن تكتمل كتابتها، وبالتالي فالأمر يبدأ بشكل وينفذ بشكل وينتهي بشكل آخر.
وهو ما يجعلك يمكن أن تراهن أغلب – وليس كل – مؤلفي المسلسلات ومخرجيها علي سؤال، هل نهاية الحلقة في السيناريو، هي نهايتها علي الشاشة؟
والإجابة ستكون أنها أحيانا تكون هي نفس النهاية علي الورق مثل الشاشة، لكن في الغالب لا يحدث ذلك، والسبب أن الأمر يتم في المونتاج وبناء علي ما تم التوصول إليه يتم تحديد نهاية الحلقة فقط في المونتاج وليس كما أراد المؤلف أو المخرج أثناء كتابة الحلقات.
والسؤال الأصعب هل المؤلف والمخرج والمنتج والمحطة، هناك اتفاق بينهم علي عدد المشاهد وزمن الحلقة بشكل واضح وحاسم من البداية؟ سيقول الكثيرون نعم، نحن نحدده في العقد، ولكن السؤال هل هذا ما يحدث في النهاية؟
الإجابة لا، الأمر نسبي وخاضع لظروف التنفيذ والتصوير والمونتاج ورغبات الأبطال وطلبات الجمهور وتصاريح التصوير، وكل شيء تتخيله لعمل يتم تصويره وأنت تشاهده الآن.
القاعدة الواضحة لصناعة المسلسل التلفزيوني أن كل حلقة هي وحدة درامية يجب أن تكون قائمة بذاتها في الإتقان والجودة والإيقاع ودورها في تقدم وتصاعد الحدث العام في الموسم كاملا.
والسؤال لماذا لا يكون هناك اتفاق جماعي بين صناع الدراما من منتجين وبين منصات العرض كقنوات على أن المطلوب هو 15 ساعة درامية مقسمة ل30 حلقة، وأن العمل يكتب كاملا ثم يبدأ تصويره، فنختصر جزء كبير من مشاكل صناعة– لديها مشاكل أخري كثيرة -
خاصة أنها صناعة يبلغ رأس مالها السنوي ما يقترب من الـ 800 مليون جنيه وتستحق أن توضع داخل أطر أوضح من ذلك.
اقرأ أيضا
حلول سريعة لمشاكل تترات مسلسلات رمضان 2017
معلومات عن الطفلة صديقة الجن في "كفر دلهاب".. خطفت القلوب مع مجدي يعقوب