لخصت تقارير مبيعات الألبومات لـ "فيرجن ميجا ستورز"، والتي تُصدر كل فترة، الحالة التي تعيشها الساحة الغنائية وعلاقتها بعمرو دياب، الذي لا يزال ينافس بألبوماته القديمة، مثل البوم "الليلة"، الألبومات الجديدة، حتى ألبومه الأخير "شفت الأيام"، وتوضح التقارير وضع عمرو دياب – الذي يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ 54- على خريطة المنافسة في سوق "البوب"، وتؤكد استمراره على القمة، بدون منافسة قوية تستطيع كسر اسطورته.
اسمع- ألبوم "شفت الأيام" لعمرو دياب (٢٠١٤)
يبقى دائما التساؤل: هل تفوق "الهضبة" بالمنافسة التي شجعته لصنع أعمال تعيش وتنافس لسنوات؟ أم انه نجح وصنع جماهيريته من غياب المنافسة؟ فطريق عمرو دياب لم يكن مفروشًا بالورود للوصول إلى الصدارة، ولصنع ما يعجبه من الموسيقى دون قيود، أو تحت ضغوط النجاح والفشل، ولكنه كان الأقوى في المنافسة، والتي لم تكن قوية بالمناسبة، للدرجة التي تجعل أحدًا يتقاسم القمة معه.
طالع أيضا
حميد الشاعري وعمرو دياب.. تاريخ طويل يستحق العودة بعد 17 عاما
رامي صبري.. "مش عمرو دياب"
حماقي وعمرو دياب VS ولاد سليم اللبانين
كيف تعرف أغاني عمرو دياب المصورة حتى إن لم يظهر فيها؟
6 أسباب تجعل من عمرو دياب زوجا مثاليا في "جماله": "يشارك في الأعمال المنزلية"
بالصور- اعرف معنى "تاتو" عمرو دياب في "جماله"
اسمع - "كوبليهات" عمرو دياب المحذوفة من أغانيه
ما تردده بعض فئات جماهير عمرو دياب، بأنه خارج المنافسة، ليس لقدراته الخارقة ولكن لأنه حالة خاصة واتجاه مميز عن باقي المطربين، وهو الكلام الذي يردده أيضا جمهور محمد منير، ولكن اختلاف الألوان والاتجاهات الموسيقية لا علاقة لها بالمنافسة، فما هي أوجه الاختلاف بين اللون الموسيقي الذي يقدمه عمرو دياب وإيهاب توفيق مثلا؟ فالجميع يغني لنفس الجمهور، ومع نفس شركات الانتاج، وفي نفس المساحة التي يتنافسون على الاستحواذ عليها، وما العيب في ان يكون منير منافسًا لعمرو دياب وهما يعملان في نفس المجال؟ واعتبار ان الاختلاف مبرراً للتأكيد على عدم وجود منافسة، قد يكون مبرراً لفشل هؤلاء، قبل ان يكون تأكيداً على ان عمرو دياب "حالة خاصة".
يقال في فترة التسعينيات ان أكثر المطربين بيعاً للأسطوانات هو إيهاب توفيق، من خلال ألبوماته "مراسيل"، "عدى الليل"، و "سحراني"، في 1992، 1995، 1999، وهي الفترة التي أطلق فيها دياب ألبومات "أيامنا"، "راجعين"، و "قمرين" عام 1999، والذي يعتبر آخر ألبوم يدخل في منافسة مع توفيق، بنجاح الأغنيتين المصورتين وانتشارهم، ولكن كان في عمرو في تلك الفترة في مرتبة ومرحلة أخرى، بتطوير موسيقاه وطرق تسويقها وتوزيعها داخلياً وخارجياً.
اسمع- ألبوم "سحراني" لإيهاب توفيق (١٩٩٩)
اسمع- ألبوم "راجعين" لعمرو دياب (١٩٩٥)
خاض توفيق مرحلة "روتانا" قبل دياب، وفشل مبكراً قبل ان يعود للمحلية، ولا يجد له مكان في خريطة المنافسة، وبدء تكون صورة المطرب التقليدي، القديم، والمتعثر انتاجياً، والذي يفضل الحفلات الرسمية على الحفلات الشبابية، و استمراره كمطرب من زمن التسعينيات الجميل، وهي نفس الأسباب التي حكمت على كل منافسي دياب بالتدهور، رغم استمرارهم في اطلاق البومات، مثل هشام عباس و مصطفى قمر، وهم نفس جيل عمرو دياب وايهاب توفيق.
النظر الى حال جيل عمرو دياب، وحده كفيل بالإيمان بنجومية وعبقرية عمرو دياب، ولكن محمد فؤاد هو المطرب الأكثر استمرارية في منافسة عمرو دياب، وهو الأحق بذلك، رغم انه فرط فيها في نهاية التسعينيات أيضاً، رغم انه كان أكثر حظاً في الاستمرار من توفيق وقمر، لما حققه من شعبية تقارن بشعبية عمرو، وقدم منذ أول البوماته في " في السكة"، الى فترة مجده بألبومات "شيكا بيكا"، "حيران"، و "الحب الحقيقي"، لوناً غنائياً مميزاً وله رواج شعبي، ورسم شخصية مختلفة له، جعلته محتفظ بجمهوره الأصلي الى الآن، الا انه اتجه منذ ألبوم " كبر الغرام"، الى الاعتماد على الانتاج الضعيف و التلويح بانه يتعرض للظلم والاضطهاد، وتحميل أعماله معاني تربوية أكثر منها غنائية، والاتجاه الى السينما أحياناً و الغياب أحياناً أخرى، الى ان تدهور مستوى صوته وقدرته على الاختيار وفهم طبيعة السوق مؤخراً، وهو الوقت الذي بدأ فيه عمرو زيادة حجم انتاجه، والالتزام بإطلاق ألبومات بشكل منتظم لتعزيز موقعه.
اسمع- ألبوم "حيران" لمحمد فؤاد (١٩٩٦)
حديث لفؤاد عن أعمال عمرو دياب
كل هؤلاء لهم جمهورهم بالطبع، ولكن 90% من قاعدتهم الجماهيرية هم من القدامى، والذين كانوا يحققون نسب المبيعات الكبيرة لهم في التسعينيات، ولكن عمرو مع احتفاظه بتلك القاعدة، سعى لكي يكون مطرباً لجمهور توفيق وقمر وفؤاد أيضاً، وبعدها أصبح فنه دائمًا موجه للفئات الشابة، التي تعتبر المؤثر الرئيسي في السوق وحجم المبيعات، فهي المهتمة بحضور الحفلات وشراء الالبومات، و تحقيق نسب الاستماع على موقع YouTube.
غياب المنافسة مع عمرو مع بداية عام 2000، تسببت في ضعف الساحة الغنائية، وضعف أعماله أيضًا، ويقال ان النجاح دون تعب أو منافسة بلا طعم، ولا يدوم، لذلك اعتبر تامر حسني أكثر شجاعة من توفيق وفؤاد، لرغبته دائما في خلق حالة تنافس مع عدد من المطربين، سواء من جيله كمحمد حماقي، أو مع الأقدم كعمرو دياب، حتى وان فشل في تحقيق مبيعات مثله، أو إطلاق أعمال تستحق المقارنة والمنافسة مع أعمال دياب.
تامر حسني يتحدث عن المنافسة مع عمرو دياب
من أهم الأسباب التي جعلت "الهضبة" ينافس نفسه إلى الوقت الحالي، وجعلت الآخرين يتهربون من المنافسة، هي فهمه الأول لخريطة الانتاج قبل الجانب الفني، بالانتقال الحذر والمحسوب من جهة انتاجية لأخرى، بناء على ما ستقدمه الشركة الجديدة من امتيازات فنية ودعم انتاجي لصالح المهنة الوحيدة التي يمارسها ويتفرغ لها، والتي يوفر لها كل عناصر النجاح، بداية من اختيار المظهر والشكل الذي سيظهر به، إلى طريقة الدعاية، والاستفادة الكاملة من جهة الانتاج، ودعم الجانب الموسيقي وجودة الصوت، بجانب اهتمامه الكبير بصورته الذهنية كنجم الشباب، واثبات ذلك بالصوت والصورة، من خلال نظريته بان متابعة الموسيقى الرائجة في الخارج ومسايرتها جزء من عمل المطرب، وحتى لا يكون خارج الزمن، بعكس توفيق الذي أصبح بمرور الوقت محسوبًا على جيل القدامى كهاني شاكر ومحمد الحلو وغيرهم، ليس لاعتبارات شكلية وجسدية، بقدر ما هي مرتبطة بالكلاسيكية والجمود التي تمسك بها توفيق، والمراهنة على قطاع واحد فقط من الجمهور.
تفاصيل دقيقة أخرى توضح الفرق بين طريقة عمرو في العمل وطريقة الآخرين، مثل النظر الى تواجد عمرو على مواقع التواصل الاجتماعي، ووجود ارشيف أعماله بشكل منظم ودقيق على قناته بموقع YouTube، وبين زملائه الذين لا زالوا ينظرون الى تلك المواقع كأنها مواقع قرصنة، بجانب تأسيس عمرو لشركات وكيانات معنية فقط بتعزيز مكانته وعلامته التجارية وصورته أمام الجمهور، في مقابل ترك باقي جيله أعمالهم متناثرة تحت عناوين "نوستالجيا التسعينيات".