ربما لوجود عدد من الغاضبين من المطرب محمد منير في الفترة الأخيرة، لمواقفه السياسية أو لأسباب أخرى، ساهم ذلك في زيادة الهجوم عليه بسبب إعادة غناء أغنية "فات الكتير يا بلدنا"، للشاعر السويسي الكابتن غزالي، مؤسس وصاحب فرقة "ولاد الأرض".
وأعاد منير تقديم أغنية الكابتن غزالي المعروف بشاعر المقاومة وخال السوايسة، دون الإشارة إليه عند إصدار الأغنية، باعتبارها فلكلور أو تراث، وهي الطريقة التي يتعامل بها منير في معظم أغانيه، والتي لم يلتفت لها أحد من قبل، بسبب شعبية منير ونجاح أغانيه بشكل يفوق نجاح وشهرة الأغاني القديمة، قبل أن يصبح مؤخرا هدفا لسهام النقد والهجوم حتى من جمهوره الأصلي.
منير تدارك الأمر بعدها بساعات بذكر اسم الكابتن غزالي في الأغنية المصورة التي أطلقتها الشئون المعنوية بالتزامن مع افتتاح "قناة السويس الجديدة".
"فات الكتير" بصوت منير
النسخة الاصلية
بصوت فايدة كامل
الواقعة ليست الأولى في تاريخ منير في التعدي على حقوق الملكية الفكرية للآخرين، أو التعامل مع كل الأغاني الموجودة كمشاع ليس لها صاحب، حتى في الأغاني التي قام باستئذان أصحابها، أو غنائها بالطرق القانونية، يتجاهل منير الإشارة لصاحبها أو توجيه الشكر له، خاصة أن هذه الاغاني كانت لها النصيب والتأثير الأكبر في شعبية وتاريخ المطرب النوبي.
ولا تعد هذه المرة الأولى التي يغني فيها منير لفرقة "ولاد الأرض" أو كابتن غزالي، فقديما قدم مجموعة من أغانيهم الشهيرة في فيلم "حكايات الغريب"، ولكن كان وقتها حريصا على الإشارة اليهم، بعكس ما فعله مؤخرا.
وغنى لهم منير عدد من الأغاني منها، "يا بيوت السويس" و"غني يا سمسمية"، "أنا صاحي" والتي لأول مرة يكتب أمامها منير "من أغاني محمد حمام"، وأخيرا "سلام للعسكري".
أغنية "سلام للعسكري"
أغنية "أنا صاحي"
أغنية "غني يا سمسمية"
الطمع الفني الزائد عن الحد، هي صفة وعادة متأصلة لدى منير منذ صغره، فيحكى أنه قبل احترافه الغناء، وأثناء جلساته مع مكتشفيه أحمد منيب وعبد الرحيم منصور وغيرهم، كان يحفظ بعض الأغاني الجديدة لهم، والتي غالبا لا تخرج أو تنتشر خارج جلسات وناستهم، ليغنيها في الأفراح كأنها خاصته، وهي الواقعة التي يقال أنها كانت سببا في غضب منيب منه، وحرمانه من جلساتهم لفترة طويلة قبل أن يعتذر.
أما حديثا، وهي الواقعة التي نسيها معظم جمهور "الكينج"، استخدم منير على أغنية "يا رمان" للمطرب الشاب شاندو، وهي من كلمات الشاعر عادل سلامة، إذ بدأ الأمر بسعي شاندو لغناء الأغنية بمفرده قبل أن يدندنها أمام منير في إحدى جلساتهما ويعجب بها، ويقرر غناءها معه كأغنية ثنائية، وطرحها في ألبومه الأخير "أهل العرب والطرب"، قبل أن يفاجأ شاندو يحذف صوته من الأغنية وكذلك اسمه، والاكتفاء بـ20 ثانية فقط، ككورال في نهاية الأغنية!
أغنية "يا رمان"
وفي منتصف مسيرته الفنية، هاجم الجمهور السوداني منير واتجاهه لاحتكار الفلكلور، بدعوى العبث به أو الاقتباس منهم، رغم أنه لم يصل لحد السرقة، خاصة مع واقعة أغنية "وسط الدايرة"، التي سببت هجوما آخر عليه، لفوز منير بسببها على عدة جوائز، وتجاهله صاحبها محمد وردي، الذي أهداها له، وكرمه منير بوضع اسمه على خانة ملحن الأغنية.
ورغم تجارب منير القليلة في الأغاني الثنائية، كان من بينها أعمال تجاهل تماما المشاركين معه، ربما لصغر أسماءهم الفنية، مثل المطربة أميرة المحرومة إلى الآن من ذكر اسمها على أغنية "سحر المغنى" مع منير، وأخيرا شاندو على أغنية " يا رمان".
أغنية "سحر المغنى" أميرة ومنير
يختلف منير عن بقية المطربين في التعامل مع الأغاني والألحان، فما يمر علي أذنه ملك له حتى ولو لم يغنيه، لذلك فعشرات الأغاني والألحان وحتى المشاريع الفنية الأخرى، مثل الأغاني الثنائية والكتب والدراسات التي تدور عنه، لازالت حبيسة عنده، ولا يعرف مصيرها أحد، وهي الطريقة التي يتعامل بها منير دوما خاصة مع الفنانين الشباب، أو مع الموتى.
التعرض دائما لأسلوب منير في التعامل مع التراث أو مع حقوق الملكية الفكرية للأخرين، يربطه البعض بإمكانيات منير الفنية أو بتعمد البعض الهجوم عليه للتقليل من تاريخه أو ما فعله تجاه إحياء الفلكلور الجنوبي، لكن في الحقيقة الأمر ليس حقدا على تاريخه ومشواره الناجح بقدر ما هو مكمل له، ربما يرى منير أن ذكر مطربي أغانيه الأصليين غير مهم أو أن الجمهور يعرفهم بالطبع، ولكن ينتقص ذلك من مشروعه وهدفه غير المعلن في الاعتماد على الفلكلور وإحيائه بطريقته الخاصة.
أغنية "الشعب السوداني" أو "مساكن شعبية" وردي الصغير
قدم منير في ألبومه الأخير "أهل العرب والطرب" 15 أغنية، يتضح منه سياسته في التعامل مع الأغاني القديمة، بوجود 4 أغاني قديمة أعاد غنائها، بالإضافة لأغنية قديمه قديمة له، واغنيتين بتوزيع مختلف، وواحدة لشاندو، ليتبقى له 8 أغاني فقط جديدة في الألبوم.
طوال تاريخ محمد منير قدم ما يقارب 194 من أغنية ضمن 25 ألبوما رسميا له، بخلاف ألبوم "مشوار" الذي أعاد توزيع فيه بعض أغانيه القديمة، وتضمنت هذه الالبومات ما يقارب الـ 45 أغنية لا يمتلك منير أحد اركانها الأساسية، فما بين الأغاني الكاملة لمطربين آخرين، مثل نجاة وشادية ومحمد حمام ومحمد وردي، إلى الأغاني التي كتب أمام خانة الكلمات والألحان "من الفلكلور"، خاصة في ألبومي "الأرض والسلام" الذي احتوى على 9 أغان من الفلكلور الصوفي، وألبوم "مساكن شعبية" بـ 5 أغان.
أغنية "عيون" بصوت ماهر العطار
محمد حمام "الليلة يا سمرا"
وكل ذلك بخلاف الألحان والأغاني التي قدمها أحمد منيب لمنير طوال تاريخه، والتي أيضا اعتمدت بعضها على الفلكلور، والبعض الآخر لم يقدمها منير إلى الآن، وكذلك لجأ منير في بعض الأغاني الى الهروب من كلمة "من التراث"، إلى نسب بعض الألحان إلى أسماء ملحنين وشعراء من الجنوب، مثل أحمد المستشار وحسين جاسر ونور الدين توشكا وعيسى عباس وغيرهم، وكل ذلك بخلاف أيضا عشرات التجارب والأغاني التي قدمها منير من الفلكلور أو لمطربين قدامي خارج ألبوماته، أو في حفلاته، والتي تظهر أهم صفتين لدى "الكينج"، وهما هوسه بالقديم والفلكلور وإعادة تقديمه، و كذلك تجاهله التام لأصحاب هذه الأغاني، واعتبار كل الاغاني فلكلور وتراث متاح للجميع إلى ان يثبت غير ذلك.
نجاة "حبيبي لولا السهر"
منير "حبيبي لولا السهر"