في آخر تجاربه السينمائية حتى الآن، قرر المخرج كريستوفر نولان أن يترك الأرض ويتجه بمغامرة جديدة نحو الفضاء، ليكتشف هذا العالم لأول مرة بدون صديقه ورفيق كفاحه منذ فيلم Memento مدير تصويره والي فيستر، وحل مكانه الهولندي هويت فان هويتما، الذي يعتبر حاليا واحدا من أهم مديري التصوير في العالم.
كانت حقوق الفيلم الأدبية بحوزة المنتجة ليندا أوبست والفيزيائي الشهير كيب ثورن، فأحداث الفيلم مبنية على نظرياته العلمية، وبالفعل قام الثنائي بكتابة معالجه درامية للفيلم في 2006، وتم الاتفاق مع المخرج ستيفن سبيلبرج على إخراجه للفيلم، والذي اختار جوناثان نولان لكتابة السيناريو، قبل أن ينسحب سبيلبرج من المشروع، ويرشح جوناثان شقيقه كريستوفر نولان ليقوم بإخراج الفيلم.
وقبل الاتفاق مع الشركة المنتجة، طلب كريستوفر نولان أن يقابل كيب ثورن، وأن يناقش معه عالم الفضاء، وكيفية التعامل معه، ثم بعد ذلك وافق نولان على إخراج الفيلم مقابل أجر قيمته 20 مليون دولار، بالإضافة إلى 20% من أرباح الفيلم لشركته Syncopy، ليصل إجمالي أرباحه من الفيلم إلى حوالي 120 مليون دولار.
ومن أجل الاستعداد لكتابة الفيلم، لم يكتفي كريستوفر نولان بالسنوات الأربعة التى درسها شقيقه جوناثان في معهد العلوم والفضاء، بل قرر أن يخوض تجربة تعليمية بسيطة في وكالة "ناسا" للفضاء، وأن يطلع على آخر ما توصلوا إليه في تجاربهم، وقام بالمثل مع المؤسسة الأمريكية لعلوم الفضاء "سبيس أكس"، وهناك أخبروه عن بعض تجاربهم وبرامجهم السرية التي لم يعلنوا عنها بعد.
كما أن كريستوفر نولان كان السبب في أن يتعاون اثنين من أكبر شركات الإنتاج في العالم، وهما "باراماونت" التي تمتلك الحقوق الإنتاجية للفيلم و"وارنر بروس" التي يتعامل معها نولان في جميع أفلامه، وظل هذا التعاون غير المسبوق حديث الصحافة لفترة طويلة، وشمل الاتفاق بين الشركتين أن يتشاركا في إنتاج العديد من المشاريع المستقبلية.
الجانب الدرامي في Interstellar ربما هو الأفضل في أفلام كريستوفر نولان، والذي يحكي أن الأحداث الدرامية في الفيلم والتي تقع على كوكب الأرض استوحيت من فترة الثلاثينيات في أمريكا، التي شهدت عاصفي ترابية شديدة تم توثيقها في الفيلم الوثائقي The Dust Bowl في سنة 2012، وتلك كانت البداية أو الخيط الأول لبناء القصة، ومن ثم جاءت فكرة جوناثان نولان بأن تعاني البشرية في المستقبل من نقص في الغذاء والموارد وهلاكها بسبب تلك العاصفة، ليبدأ الثنائي في تشكيل القصة خطوة بخطوة حتى النهاية.
والجدير بالذكر أن جوناثان نولان يعتبر فيلم الرسوم المتحركة WALL-E إضافة إلى فيلم Avatar للمخرج جيمس كاميرون هما الأكثر تأثيرا عليه وعلى أفكاره أثناء كتابة سيناريو فيلم Interstellar، أما شقيقه كريستوفر نولان، فيعتبر أن أكثر الأفلام إلهاما له لكتابة Interstellar هي Metropolis، و 2001: A Space Odyssey، وBlade Runner، بينما استوحى إخراج شكل الفضاءالخارجي من فيلمي Star Wars وAlien، أما الأحداث على الأرض فكان الفيلم الروسي The Mirror لأندري تاركوفسكي هو أحد الأفلام الملهمة والمؤثرة على أفكار نولان.
أما بالنسبه للممثلين، فرغب كريستوفر نولان في أن يتعاون بشدة مع النجم الحائز على الأوسكار ماثيو ماكونهي، بعدما شاهد فيلمه Mud، ورأى نولان في ماكوناهي الشخص المناسب كي يحيي شخصية بطل الفيلم، وأنه يستطيع أن يقدم الأدوار الدرامية بشكل مميز، لذا استغل نولان وجود ماثيو ماكونهي في ولاية لويزيانا لتصوير مشاهد مسلسله True Detective، ودعاه إلى منزله، وهناك عرض عليه الدور، ولم يختلف الأمر بالنسبه للنجمة آن هاثاواي، التى دعاها نولان هي الأخرى إلى منزله من أجل قراءة سيناريو الفيلم، ولم يتردد كلال من ماثيو أو آن هاثاواي في النهاية في قبول أدوارهما.
رغب كريستفور نولان كذلك في التعاون مع الممثلة جيسيكا شاستين، وعندما علم بوجودها في أيرلندا لتصوير فيلمها Miss Julie، أرسل سيناريو الفيلم لها، وطلب منها قراءته وإبلاغه بردها، أما النجم مات ديمون "مفاجأة" الفيلم فجاء انضمامه إلى الفيلم أخيرا وبسرية تامة، ولم يتم الإشارة له في إعلان الفيلم أو في ملصقه الدعائي، فجاء ظهوره مفاجأة لكل المشاهدين.
وتم إرسال سيناريو الفيلم إلى الممثلين المشاركين فيه تحت عنوان مخادع وهو Flora's Letter وليس Interstellar.
شاهد إعلان فيلم Interstellar
يضم الفيلم أيضا كيسي أفليك، وبالطبع مايكل كاين الذي أصبح قاسما مشتركا في أفلام كريستوفر نولان، بالإضافة الى ديفيد جياسي، وويس بينتلي، والكوميديان بيل أيرون في دور "تارس"، وصاحبة الـ 13 عاما ماكينزي فوي، التي خطفت الأضواء بأداء تمثيلي عبقري ومتكامل مع جيسيكا شاستين.
وتم تصوير معظم مشاهد فيلم Interstellar بكاميرات IMAX، وقام هويت فان هويتما بتصوير بعض المشاهد بربط الكاميرا بطائرة صغيرة "ليرجيت"، كما أنه قام بصناعة بعض الأدوات لكي تساعده على تصوير بعض المشاهد وهو حاملا للكاميرا، التي تعتبر من أثقل الكاميرات في العالم.
وبدأ تصوير الفيلم في 6 أغسطس 2013 في مقاطعة ألبرتا في كندا، كما قام مصمم الإنتاج ناثان كراولي بالإشراف على زراعة 500 فدان من الذرة في مدينة "فورت ماكلويد" في ألبرتا من أجل تصوير بعض المشاهد، واستمر التصوير في هذه المقاطعة حتى 9 سبتمبر 2013.
بعد ذلك، انتقل طاقم الفيلم الى أيسلندا لتصوير بعض المشاهد، والذين فاق عددهم 350 فرد، إضافة إلى حمولة قدرت بأكثر من 4 أطنان ونصف من المعدات لتصوير مشاهد الجزء الخاص بوصول "كوبر" وفريقه إلى كوكب "مان"، ثم بعد ذلك انتقل التصوير إلى لوس أنجلوسـ واستمر هناك لحوالي 54 يوم.
أما موسيقى الفيلم فكانت من إعداد هانز زيمر في تعاون جديد بينه وبين كريستوفر نولان، وطلب نولان من زيمر أن يؤلف موسيقى لفيلم تدور أحداثه حول علاقة أب بابنه (تفاجأ زيمر بأنه لا يوجد ابن بعد ذلك وأنها ابنة).
وعرض هانز زيمر على كريستوفر نولان في المقابل العديد من الاقتراحات، وبعد جلسات بينهما تم الاتفاق على الشكل النهائي للموسيقى التصويرية للفيلم.
والجديد بالذكر أن إحدى المقطوعات الموسيقية - لم يتم ذكر أي منها تحديدا – كانت تستحوذ على تفكير نولان أثناء كتابة وتصوير الفيلم، ولم تتوقف تلك المقطوعة من رأسه حتى عرضه.
إقرأ أيضا:
فيلم Following.. المحطة الأولى في رحلة المخرج كريستوفر نولان
فيلم Memento.. المحطة الثانية في رحلة المخرج كريستوفر نولان
المحطة الثالثة.. كريستوفر نولان يلعب مع الكبار في Insomnia
المحطة الرابعة.. كريستوفر نولان ينتشل "باتمان" من الدمار
المحطة الخامسة.. كريستوفر نولان ورحلة البحث عن سحرة The Prestige
رحلة نولان- المحطة السادسة: "فارس الظلام" .VS هيث ليدجر
المحطة السابعة.. كريستوفر نولان حضّر لـ Inception في 10 سنوات
المحطة الثامنة.. سر اختيار كريستوفر نولان لـ "باين" كعدو لـ "باتمان" بدلا من "ذا ريدلر"
وتم عرض فيلم Interstellar في نوفمبر 2014، وحصد أرباح بلغت 628 مليون دولار، إضافة إلى 5 ترشيحات أوسكار كأفضل مؤثرات بصرية (فاز بها)، وأفضل موسيقى تصويرية، وأفضل تحرير موسيقي، وأفضل مزج موسيقي، وأفضل تصميم ديكور، وقوبل الفيلم بآراء نقدية مختلفه ومتباينه من النقاد والجمهور.
توقفت رحلة كريستوفر نولان "مؤقتا عند هذه النقطة"، ولكنه بكل تأكيد يحضر الآن لرحلة جديدة ولم يتم الإعلان عنها بعد، و بكل تأكيد ستكون مغامرة رائعة ينتظرها الملايين من عشاق السينما.*