برسوم بسيطة أطل علينا "بكار" لأول مرة عام 1998، بصوت حنان ترك التي كانت تقدم ملخص كل حلقة في بدايتها، وجذب المسلسل الكارتوني الذي كان يعد أول مسلسل رسوم متحركة إنتاج مصري خالص، جميع أفراد الأسرة، فاستطاع أن ينال إعجاب الكبار والصغار ببشرته السمراء ولهجته النوبية، وأصدقائه الأخيار فارس وزياد ونعجته البيضاء رشيدة.
صوت محمد منير أعطى المسلسل مذاقا خاصا لم يبرح آذان من سمعوه وتابعوه سواء في أغنية البداية أو النهاية، أو في أدائه للفواصل بين المشاهد، وارتبط في أذهانهم بتحيته النوبية الشهيرة "هوي يا أصحابي".
صانعو مسلسل "بكار" بعدما أعلنوا عودته يواجهون عددا من التحديات لبعث الكارتون المصري الأول من جديد، أو أنهم قد يتسببوا في تشويه الصورة الذهنية التي ترسخت لدى جمهور رحب بوضوح بعودته شخصيتهم المحبوبة آملين أن تشبع تلك العودة حنينهم لأيام طفولتهم.
١) صوت منير
صوت منير كان من السمات الرئيسية لـ"بكار" التي ما إن ذكر اسم "بكار" أمام أحد المعاصرين له حتى ترن في أذنه الكلمات "من قلبه وروحه مصري والنيل جواه بيسري"، فإضافة إلى خصوصية هذه الأغنية التي شكلت وجدان جيل كامل، فصوت منير له قدسية خاصة لدى عشاقه يجعلهم يتهافتون على أي شيء يضع "الملك" صوته عليه.
ولكن كيف سيواجه صناع "بكار" الجديد هذه المعضلة؟ فالأغنية سجلت منذ أكثر من 17 سنة، وهي المدة التي استحدثت فيها تقنيات في الهندسة الصوتية، واختلفت فيها معايير الجودة بشكل كبير، فهل سيقوم صناع العمل بإعادة إنتاج الأغنية نفسها بصوت منير، أم أنهم سيتورطون في تغييرها وخسارة قطاع كبير من عشاقها الذين سيصدمهم ذلك.
اسمع- تتر المسلسل الكارتوني "بكار" غناء محمد منير
٢) الأداء الصوتي
الدوبلاج أو الأداء الصوتي أيضا يمثل تحديا آخر فالجمهور الذي حبس في الأصوات التي سمعها لأول مرة سواء صوت الراوي الذي قامت بأدائه حنان ترك، أو صوت الطفل محمد محمود الذي قام بأداء بكار، ومن الطبيعي أن هذا الطفل صار شابا الآن مما سيضطر فريق العمل إلى الاستعانة بطفل آخر يقوم بأدائه.
هناك بالفعل تجربة سابقة استعانت بتغيير أصوات الشخصيات وهي تجربة إعادة إنتاج بوجي وطمطم بصوتي محمد شاهين وإيمي سمير غانم بدلا من يونس شلبي، إلا أنه لم يلق النجاح المرجو، فهل سيتقبل الجمهور الصوت الجديد ويتخلى عن شحنة الذكريات التي يحتفظ بها.
٣) الإخراج
أيضا الإخراج الذي سيقوم به شريف جمال ابن المخرجة منى سيف النصر مبتكرة شخصية "بكار"، يمثل تحديا هو الآخر، فكان لشريف محاولة في 2007 لإعادة انتاج "بكار"، ولكنها فشلت مقارنة برد الفعل الذي انتظر بعد غياب دام وقتها لـ 5 سنوات.
لم تكن هذه التجربة الوحيدة التي لم تلق نجاح بتغيير المخرج، فبوجي وطمطم هو الآخر في نسخته الأخيرة التي نوهنا عنها كان من تولى إخراجه محمود رحمي ابن الفنان رحمي، ولنفس السبب هو رحيل الفنان رحمي مبتكر الشخصيات.
٤) جمهور "بكار"
جمهور "بكار" الأصلي الذي كان في عمر الطفولة وقت أول عرض له أصبح الآن في العشرينيات وربما الثلاثينيات، وقد رحبت هذه الفئة من الجمهور بوضوح بعودة "بكار" وعبرت عن ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو عامل يعد في صالح النسخة الجديدة، ولكن التحدي المنطقي الذي يولده هذا، هل يستطيع فريق العمل جذب الجمهور المستهدف أصلا من أفلام الكارتون، الأطفال الحاليين، والذين قد يكونوا لم يولدوا أصلا وقت عرض آخر أجزاء "بكار"؟
٥) "بكار" 3D
بساطة الرسوم في نسخة "بكار" الأصلية، والشبه بينها وبين رسوم الأطفال البدائية، والألوان المتماهية والتفاصيل القليلة سهلت على الأطفال الارتباط بالمضمون أكثر من الصورة، كما ساعدت في نفوذ شخصية "بكار" إلى وجدانهم مباشرة.
والآن بعدما أعلن مخرج العمل عن أن النسخة الجديدة ستنفذ بتقنية ثلاثية الأبعاد، قد يغير هذا من السمات الرئيسية في المسلسل الذي اعتمد على نشر الأخلاقيات والمبادئ أكثر من اعتماده على إبهار الصورة، وبذلك قد تتعرض شعبية "بكار" الأصلي للخطر.