إنتاج فيلم عن حياة جندي مميز في أي دولة هو شيء محبب وتقدير كبير من الدولة والشعب له، وأن يكون الفيلم سيء فهذا شأن آخر يلام عليه طاقم عمل الفيلم، إنما مجاملة الفيلم وترشيحه لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم على حساب أفلام أخرى أفضل وتستحق بكثير هذا المكان فهو أمر غير مقبول على الإطلاق. فيلم "American Sniper" تمت مجاملته بشكل فاضح في 2015 على حساب قائمة لا تقل عن 30 فيلما أفضل منه بكثير.
* القصة
الفيلم تبدأ أحداثه قبل أحداث 11 سبتمبر الشهيرة، وتتناول المواطن كريس كايل الذي يريد أن يصبح راعي بقر، ومن ثم تعرضه للخيانة من قبل حبيبته، مشاهد قليلة تظهر لنا جوانب في شخصية كايل ماعدا جانبا مهم للغاية، وهو "وطنيته الشديدة"، بعد ذلك تتعرض سفارة أمريكا في تنزانيا وكينيا للهجوم، فيقرر كريس كايل التطوع في الجيش الأمريكي دون أن يعطينا الفيلم أي مبرر لتلك الخطوة، خاصة وأن الفيلم كله مبني عليها، وكل من شاهد الفيلم تفاجأ في تلك اللحظة بوطنية كريس الشديدة، والتي لم تمهد لها كما ذكرنا من قبل.
كريس يقابل تايا في إحدى البارات، وتنشأ علاقة حب بينهما، ثم بعد ذلك تتعرض أمريكا لأحداث 11 سبتمبر، فيذهب كريس كايل للخدمة في الفلوجة بالعراق، وتبدأ رحلته في مطاردة القناص الذي يدعى بـ "الجزار" لأكثر من 3 سنوات مرت على مشاهد الفيلم كأنها 30 سنة.
* التمثيل
الفيلم من بطولة برادلي كوبر وسيينا ميلر.
برادلي كوبر قام بدور كريس كايل، ويعتبر برادلي البطل الأول والأوحد للفيلم، وأحداث الفيلم كلها تدور حوله وباقي الأدوار المحيطة به تظهر فترة ثم تختفي تماما، وبرادلي قدم أداء جيدا جدا، وكان أعلى من المتوقع، ولكن هناك علامات استفهام عديدة بشأن ترشحه للأوسكار في فئة افضل ممثل رئيسي، وبالرغم من الأداء المتميز لكوبر إلا أنه نال مكانا لا يستحقه وعلى حساب ممثلين آخرين قدموا أداء أفضل كثيرا مثل جيك جيلنهال عن دوره في "Nightcrawler".
سيينا ميلر في دور تايا زوجة كريس كايل أداء عاديا، إذ أن دورها مثل باقي الأدوار، مجرد ظهور عادي غير مؤثر في القصة، وكان من المنتظر أن يكون الجزء الأخير من الفيلم فرصة لها للظهور بشكل أكبر، خاصة وأن ذلك سيكون أفضل بكثير من المشاهد الزائدة عن اللزوم في الفلوجة.
* السيناريو
الفيلم مبني على مذكرات كريس كايل، و كتب سيناريو الفيلم المؤلف جاسون هال في ثالث تجاربه كمؤلف بعد تجربتين فاشلتين في فيلمي "Spread" و"Paranoia"، السيناريو ضعيف، وممل، ومليء بالفجوات الدرامية، ولا يوجد بناء للشخصيات، خاصة الشخصية الأهم وهي شخصية كايل والحوارات ضعيفة للغاية.
ولإثبات هذا الكلام سأستعرض مشهد البداية، وفي هذا المشهد يجد كريس كايل طفلا صغيرا يحمل قنبلة سيصوبها نحو المجندين، ويجب على كريس كايل قتله قبل أن يرمي تلك القنبلة، فيوجه كريس بندقيته نحو الطفل ويتردد للحظات ثم ينتهي المشهد ليعود بنا إلى طفولة كريس، ثم في منتصف الفيلم نعود إلى مشهد البداية، حيث يصوب كريس رصاصة في صدر الطفل تقتله.. لماذا لم يستكمل المؤلف المشهد مرة واحدة؟ هل لمجرد التشويق فقط ولجذب انتباهك؟
كان من الأفضل أن يستكمل المشهد حتى يقتل الطفل ليشعر المشاهد بصدمة أكبر، ثم يعود بنا إلى طفولة كريس لنعرف كيف ساهمت تربيته في أن يتخذ قرارا كهذا.
سقط المؤلف في أكبر فخ، فأول درس يتعمله أي مؤلف مبتدئ أن الشخصيات لها جانبان، لا توجد شخصيه ملائكيه 100%، وكان يجب على جاسون هال أن يضع ذلك في حسبانه، فالنتيجة هي خروج شخصية كريس كايل ملائكيه 100% طوال أحداث الفيلم بدون أي جانب سيء ولو بسيط.
ورغم كل ذلك نال جاسون هال ترشيحا للأوسكار لجائزة أفضل فيلم مقتبس.
* الإخراج
من الصعب تقييم شخص تحبه منذ سنوات، وهكذا الحال مع الأسطورة كلينت إيستوود، وبالتأكيد هو علامة من علامات هوليوود كممثل وكمخرج، ولكن أدائه كمخرج في انخفاض مستمر في السنوات الثلاثة الأخيرة، ولكن حنكة إيستوود وخبرته نقلت الفيلم للأمام نوعا ما، وظهر ذلك في أداء برادلي كوبر، وكذلك مشاهد حروب الشوارع التي جاءت واقعية بنسبه كبيرة، وهنا يجب الثناء على المونتير العبقري جول كوكس ورفيقه جاري روش، فخرجت مشاهد حرب الشوارع مريحه للعين في المشاهدة، وتستطيع ملاحقة الأحداث بكل سهولة، عكس فيلم "Zero Dark Thirty" على سبيل المثال، والذي كان دراميا أفضل لكن الإخراج والمونتاج كان ضعيفا.
* التقييم
الفيلم مناسب لمحبي الأفلام الحربية، وإن كان لن يشبع تعطشهم للمعارك مثل ما قدمته أفلام "Saving Private Ryan" و"Fury" و"Black Hawk Down"، وترشح الفيلم للأوسكار وضعه في مكانة أكبر من حجمه كثيرا وظلمته.
الفيلم جيد وتقييمي له 5/10 (C)
* رأي النقاد
- "كريس كايل شخصية ملهمة تستحق أن تكون قدوة" – جو ويليامز من St. Louis Post-Dispatch.
- "لا يوجد شيء مبهر في مشاهد الدراما أو مشاهد القتال" – ريكس ريد من New York Observer.
- "إيستوود تدارك الأخطاء السابقة التي ارتكبها المخرجين في إخراج مشاهد القتال وكنا نشعر وكأننا في فوضى ونحن نشاهده لكن هذه المرة استطاع إيستوود أن يجعلها منظمة" – كينث توران من New York Times.
- "الفيلم عبارة عن مشاهد قتال متكررة ليست لديها أبعاد" – كريس ناشواتاي من Entertainment Weekly.
* معلومات عن الفيلم
- برادلي كوبر كان يتناول 8000 سعرة حرارية ويتدرب 4 ساعات يوميا لمدة شهور عديدة لكي يكتسب 40 رطلا زيادة في وزنه.
- فيلم "American Sniper" يحكي قصة كريس كايل، و فيلم "Lone Survivor" يحكي قصة المجند ماركوس لاترل.. الطريف أن كريس وماركوس تقابلا في تدريبات البحرية نشأت بينهما علاقة صداقة استمرت لفترة طويلة.
- كريس كايل قبل وفاته ذكر أنه يتمنى أن تتحول قصة حياته إلى فيلم، وأن يكون مخرجها هو كلينت إيستوود فقط ولا أي شخص غيره.
- ديفيد أو راسل كان المرشح الأول لإخراج الفيلم، ثم انتقل الترشيح إلى ستيفن سبيلبرج، قبل أن يتم الاستقرار على كلينت إيستوود.