تغطية : محمد الأمير
تصوير : محمد ممدوح
فض الاشتباك بين شخصيتي العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ وأسطورة التمثيل أحمد زكي كان الرهان الأكبر لصناع فيلم "حليم" ، وهذا ما ظهر في الملصقات التي نشرتها الشركة المنتجة على جدران المسرح الكبير لدرا الأوبرا المصرية.. ملصقان لزكي في صورة عبد الحليم ولأبطال الفيلم ، والكثير لزكي الممثل والإنسان ، بينما في الخلفية ارتفع صوت أغاني العندليب.
مثل هذا اللبس قد يحدث للجمهور نفسه مثلما أوضحت المؤلفة زينب عزيز في حديثها لموقع filbalad.com قائلة : "حتى لو أثر المرض على الأداء الفني لزكي ، والذي حتى وهو بعيد عن حالته يظل مدرسة لكثيرين ، إلا أني غير قلقة على إيرادات الفيلم ، فالناس سيكفيها أنها ستشاهد آخر إبداعات زكي".
الفنانة سميرة عبد العزيز واجهت ثنائية أخرى في الأداء التمثيلي هذه المرة بين زكي الأب وهيثم الابن : "مع أني لم أعمل مع هيثم لأني جسدت دور شقيقة حليم في المرحلة السنية الكبيرة ، إلا أني شاهدته ، إنه بالفعل ممثل رائع ، الشبه الذي بينه وبين والده ليس هو مقوماته الوحيدة كما يقول البعض ، لكنه ممثل حساس مثل أبيه ، الذي عانيت كثيراً وأنا أعايشه في أصعب لحظات حياته".
أنهت سميرة كلمتها وهي تغالب دموعاً ترقرقت في عينيها ، الدموع التي استعدت لها الفنانة آثار الحكيم – شريكة زكي في "الحب فوق هضبة الهرم" – والتي قالت : "لا أعرف ، لن استطيع مشاهدة الفيلم اليوم بكامل تركيزي ، ولا غيري سيفعل ، من كثرة خوفي من الدموع وضعت مستحضرات التجميل المضادة لها ، كل من عمل مع زكي لن يتمالك نفسه وهو يراه يتألم على الشاشة ، الصعوبة في الأمر أننا لأول مرة سنعرف أن زكي نفسه المتألم وليست الشخصية".
وهو السبب الذي دفع الفنان محمود عبد العزيز إلى ارتداء نظارة سوداء في الحفل المسائي ، وسبب اختفاء يسرا عقب عرض الفيلم مباشرة ، بعدما تابعتها الأعين وهي تبكي صديقها الراحل في المسرح الكبير ، وهو ما كررته لبلبة بطلة "معالي الوزير" آخر أفلام زكي قبل "حليم" أمام كاميرات المحطات التليفزيونية : "أتيت الليلة لأرى أحبابي حليم وزكي ، أشتاق للإثنين ، وواثقة أني سأجدهما أمامي ، وسأعيش لحظاتي معهما من جديد في الداخل".
الموسيقار الكبير عمار الشريعي عبر عن صعوبة التعبير عن الأسمرين الراحلين بالموسيقى خاصة أن الفيلم يضم حسب قوله "أسماء علمتني وعلمت أجيال غيري معنى الموسيقى ، بليغ حمدي وكمال الطويل وغيرهم ، التعبير بالموسيقى عن المشاهد المشحونة بالمشاعر الموجودة في الفيلم كان صعب ، لقد أعطيت هذا الفيلم قلبي وأنا أكتب موسيقاه".
وأضاف عمار : " لم أرض عن عمل لي بعد أن سمعته بهذه الصورة من قبل ، أنا باختصار عبرت عما كونه داخلي حليم ، كيف علمني أن أحب وأن أعيش ، وأن أضحي بحياتي سعيداً لأجل بلدي ، وفي الوقت نفسه كان صديقي زكي في عقلي وأنا أؤلف ، كانت أيامنا وأعماله ظاهرة في تعبيري عن المشاهد المختلفة".
المنتج عماد الدين أديب غالب دموعه أكثر من مرة وهو يقف على خشبة المسرح لتقديم الفيلم وهو يقول : "إنني فخور بتقديمي هذا الفيلم ، والذي سيدخل التاريخ من
أوسع أبوابه ، إنه بحق أسطورة يجسدها أسطورة ، وأقول لمن يدعي أن هذا الفيلم استغلال لمرض زكي اتقوا الله ، وترفقوا بالفيلم إذا كنتم بحق تحبون زكي .. هناك صحف لم تشاهد الفيلم وأفردت ست صفحات للهجوم عليه وعلى صناعه".
وأضاف في تقديمه للبطل الثاني للفيلم الوجه الجديد هيثم زكي : "يكفينا أننا حققنا حلم ظل يراود زكي لعشرة سنوات ، وأن الفيلم كشف لنا عن موهبة حقيقية هي هيثم ، الذي أثبت أن لديه من القدرة ما يؤهله إلى تقديم أدوار عظيمة يكون فيها امتداداً للراحل أحمد زكي".
وأشار أديب إلى صورة زكي العملاقة في خلفية المسرح قبل أن يشير لهيثم الذي دخل المسرح وهمهمات الحاضرين تترحم على والده الذي يرونه على المسرح أمامهم من جديد في سنوات شبابه ، وبلهجة ما بين الحزن والفرح قال : "أشكركم على استقبالكم لحلم أبي بهذه الحفاوة ، وكان أملي أن يشهده بنفسه ، وأن يرحمه مروجو الإشاعات ولو مرة حتى بعد مماته ، عايشته وهو يعاني منهم أثناء عمله ، لكن أن يقول البعض إن زكي أرغم على هذا الفيلم ، فهذا افتراء .. لم يخلق من يجعل أحمد زكي يمثل شيئاً لم يقتنع به".
بعد العرض قال أديب لموقع filbalad.com : "أنا لم أعن أن يمجد الناس في الفيلم من أجل زكي فحسب ، بل أن يكون نقدهم صادق ، ليس هجوماً غير مبرر ، من يشاهد الفيلم له كامل الحق أن يعبر عن رأيه ، فهذا في النهاية عمل فني ، شخصيته لها ظروفها ، ورغماً عنا تنفيذه وقع تحت ظروف معينة ، لكنها خطوة في مسيرة تقديم شخصيات أثرت في تاريخنا ، بدأناها مع حليم ، وسنتبعها<