بدأ الموسم الجديد من Arab Got Talent وصاحبه الاهتمام سريعا، وكأن قطاعا كبيرا من الجمهور كان بانتظار ما يملأ الوقت الذي كانوا يخصصونه لمتابعة Arab Idol وThe Voice.
ولكن ما يميز هذا البرنامج تحديدا ربما يكون الشخصيات المختلفة لكل من المحكمي الأربعة، والذين تم اختيارهم بقدر كبير من الحرفية يضمن تباينا في الآراء والتقييم وبالتالي مزيد من الجدل المثار أثناء إذاعة الحلقة وفي تغطية ما بعدها سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو على الشاشة نفسها.
ومن متابعة المواسم الماضية للبرنامج، ومتابعة حلقتين من الموسم الجديد بعد انضمام أحمد حلمي لطاقم المحكمين، يمكنك أن تصل إلى خلطة شبه مضمونة لانتزاع "نعم" من كل محكم من الأربعة، أو على الأقل ثلاثة منهم حتى تتأهل إلى المستوى المقبل، كما يمكن للمشاهدين أيضا أن يتوقعوا بنسبة نجاح كبيرة قرارات أفراد اللجنة باتباع نفس المعايير.
إذن، كل ما على الموهبة أو المشاهد أن يجيب هذه الأسئلة التي تدور في أذهان المحكمين:
علي جابر
هل هذه الموهبة يمكنها أن تقنع المعلنين برعايتها أو الجمهور بدفع الأموال لمشاهدتها؟
على جابر كرجل أعمال يبحث دائما عما يمكن أن يحقق ربحا. هو يدرك جيدا أن صوتا جميلا هو بالفعل موهبة، ولكن الموهبة وحدها لا تصنع منتجا يمكن أن يدر ربحا.
نجاح جابر في الإدارة هو أهم ما يميز سيرته الذاتية، فلا يتذكره أحد كصحفي في نيويورك تايمز أو وكالة الأنباء الألمانية، ولكن الجميع يحفظ عن ظهر قلب كيف أسس قناة المستقبل اللبنانية وقادها للنجاح، وكيف أعاد إطلاق قنوات دبي ووضعها على خريطة الاعلام التليفزيوني العربي.
ثلاثة أشياء يبحث عنها
- الاحترافية: سيقدر كثيرا إذا كنت تتمتع بقدر من الاحترافية فيما يتعلق بالمسرح أو الأداء الفني، حتى وإن لم تكن الموهبة طاغية.
- الانسجام: إذا كانت الموهبة جماعية، أول ما ينظر عليه هو الانسجام بين أفراد الفريق. الكيمياء المفقودة لا تؤدي أبدا إلى منتج ناجح.
- الإبداع: الأفكار الجديدة ستثير اهتمامه، هو يدرك جيدا أن ترويج فكرة مبدعة أسهل كثيرا من محاولة تطوير فكرة (أو موهبة) تم تقديمها من قبل مئات المرات.
نجوى كرم
هل هذه الموهبة يمكن أن تتطور أم أن هذا هو الحد الأقصى؟
نجوى كرم تشارك متسابقي البرنامج قاسمين اساسيين: أولا هي مثل أغلبهم بدأت الغناء كهواية وتحولت بالصدفة إلى الاحتراف، وثانيا جاءت بدايتها في برنامج مسابقات أيضا.
وبذكرياتها عن برنامج "ليالي لبنان" لاكتشاف المواهب والذي اشتركت فيه عام 1984، تدرك نجوى كرم جيدا أن المتقدمين قد يشعرون بالتوتر، أو قد يواجهون صعوبات تقنية، أو أنهم فشلوا في اختيار العمل الذي يظهر الموهبة على الوجه الأمثل. لذا فهي تميل دائما إلى إعطاء فرص ثانية، تؤمن أن الموهبة القابلة للتطور دائما لها مكان، حتى وإن فشلت في إظهار نفسها بأفضل صورة في المرة الأولى.
ثلاثة أشياء تبحث عنها
- الأساسيات: إذا لم تكن تمتلك أساسيات الغناء، أو الرقص، أو التمثيل، أو ما أساسيات أي شئ يمكن البناء عليه لاحقا، فليس لك فرصة معها.
- الإحساس: وصل لها إحساسك بشكل واضح وطاغ، ولك فرصة كبيرة في الحصول على نعم. التكنيك الجيد وحده لا يثير لديها الرغبة في استكمال المشوار معك.
- القصة: إذا كان لديك قصة إنسانية مؤثرة، فهناك احتمالا كبيرا أن تحصل على دعمها. فالحضور من فلسطين (وحاليا سوريا)، أو فقدان عزيز قبل الظهور على المسرح، أو كونك طفلا لم تبلغ المراهقة، ستعطيك نقاطا إضافية بشرط امتلاك الأساسيات والإحساس.
ناصر القصبي
هل تستطيع الموهبة خطف انتباهه (وانتباه الجمهور) سريعا؟
كممثل كوميدي، ومتخصص بالأساس في المسرح، فإن ناصر القصبي يقدر كثيرا معنى "الانطباع الأول". الممثل المسرحي يعرف فورا إذا كان الإيفيه قد نجح أم لا، ويمتلك من القدرة على تعديل اتجاهاته سريعا لتتماشى مع مزاج الجمهور. الأمر نفسه يؤثر عليه الآن وهو ضمن المحكمين.
القصبي يعطيك "نعم" سريعا جدا إذا استطعت أن تخطف انتباهه في أول 10 ثوان، وقد يعطيك "لا" بعد 15 ثانية إذا لم تنجح في هذا الامتحان البسيط. هو يؤمن أن الموهبة الحقيقية ستجبرك على ألا تنظر إلا لها حين تعتلي المسرح.
ثلاثة أشياء يبحث عنها
- الاختلاف: طلتك المختلفة تجعله أكثر تركيزا ورغبة في رؤية ابعد من المظهر الخارجي، وأدائك المختلف في الثواني الأولى سيجعله في صفك سريعا.
- الاحتفاء الجماهيري: عقيدة ممثلي المسرح أن الجمهور هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة. إذا احتفى بك الجمهور كثيرا، سيعطيك "نعم" حتى إذا لم يكن شخصيا مقتنعا بموهبتك.
- الطاقة: اعتل المسرح بطاقة كبيرة، واظهر هذه الطاقة لتحصل على دعمه. السكون والهدوء المبالغ فيه لا يناسب مزاجه واختياراته.
أحمد حلمي
لايزال حلمي يحاول تشكيل شخصية واضحة له في اللجنة، وهو الأمر الذي يصعب من مهمة فهم المعايير التي يقيم المواهب على أساسها، ويصعب أيضا من مهمة الموهبة في قراءة قراراته.
حلمي يبدو حتى الآن وكأنه يحاول إثبات أن انضمامه للبرنامج كان خطوة ناجحة بالنسبة له وبالنسبة للبرنامج نفسه. فهو يجتهد لإظهار آراء من زوايا مختلفة عن الثلاثي الأقدم، كما أنه يحاول تأكيد حضوره وسرعة بديهته وقدرته على إضحاك الجمهور، وكأنه يقول لأصحاب البرنامج أن اختيارهم كان في محله.
ولكن رغبة حلمي انتزاع شهادة نجاحه الشخصي ربما تأتي أحيانا على حساب المتسابقين، فهو لن يتوانى عن الانقضاض على أحدهم بسبب خطأ وقع فيه كي يستطيع إطلاق "إيفيه" ينتزع به ضحكة هنا وتصفيق هناك، فأحيانا شعرت أن حلمي ينافس المتسابقين في نيل إعجاب الجمهور بدلا من تقييمهم بشكل احترافي.
حتى الآن، تبدو الطريقة المضمونة لانتزاع "نعم" من حلمي هي ألا تتيح له فرصة لانتقادك، وبالتالي فإن أي "لا" سيقولها ستظهر وكأنها محاولة غير مفهومة للقضاء على موهبة يمكن أن تشق طريقها بنجاح.
أحمد سعيد على تويتر @asaied