فجأة وبدون مقدمات وبعدما ترتبط بشخصية البطل أو البطلة لمدة لا تقل عن مائتي ساعة ضمت عشرات الحلقات تجد صانع الدراما التركي يستخدم أسلوب لي الذراع ويستغفل المشاهد ويخفى البطلة الأساسية دون مبرر، وكأنه يخرج لسانه للجمهور ويقول "عليكوا واحد".
نفهم جيدا أن الأتراك عصبيين فى التعامل مع بعضهم البعض على طريقة "حظرتنا" ولكن ان يمتد العند الى بطلات المسلسلات فيتم فصلهن لأسباب مادية وترك المشاهد كأنه شخص ساذج أو فاقد الذاكرة وعليه، فذلك استخفاف بعقلية المشاهد.
كيف يتعامل المشاهد مع اختفاء بطلته المحبوبة؟ وكأن شيء لم يكن وبراءة الأطفال في عينيهم خاصة وان العند التركي يصر على عدم قتل الشخصية بل تسفيرها إلى ابنها المريض وهو ما حدث مع مسلسلين أولهم "أسميتها فريحة" والآن "حريم السلطان".
بدأت القصة عندما أصيبت الفنانة فاهيد جوردم أم فريحة بسرطان الثدي ورغم ان الشخصية أطلق عليها الرصاص من خطيب ابنتها السابق خليل، اى كان من الممكن أن تموت وننتهي الا ان المؤلف أصر على بقائها حية ولكن في الريف بلا منطقية للإحداث.
وانتهى المسلسل بلا معنى بعدما سقطت فريحة على الأرض وهى ترتدي فستان الفرح ولم نفهم هل ماتت أم لا حتى خاصة وأن الفستان لم يلوث بالدم، لتظهر بعدها في الجزء الثالث مشوار أمير وهو مسلسل جديد لا علاقة له بـ "اسميتها فريحة".
وجاء في بعض التقارير الإخبارية أن استبعاد فريحة جاء بعدما شاركت البطلة هازال كايا أو "فريحة" إلى مظاهرات ضد تعنت المنتج التركى مع النجوم وسرقة أجورهم.
وكان حل هذه المعضلة أن يظهر البطل فى بداية مشوار امير وهو يبكى على فريحة وأمها طيب "ماتوا ازاى؟ مين قتلهم ؟الام اتقتلت ازاى وهى فى بلد وفريحة فى بلد ؟ مش مهم! المهم ان نرتبط بمسلسل جديد والسلام اما المشاهد الغلبان الذى لا يزال لديه عقل ويريد ان يفهم ما الذى حدث لفريحة مش مهم المطلوب ان يسلم عقله ويمشى حافى".
تكررت نفس الأزمة اليوم مع أحدث حلقات حريم السلطان التي لا تزال تبث من تركيا حيث لم تظهر مريم أوزلى أو "هويام" سوى في مشهد واحد بظهرها، وأدته ممثلة شبيهة لها.
وأعلن المنتج أن مريم مريضة بمرض نفسي وسافرت للخارج للعلاج لكن حسب التقارير الصحفية كان الخلاف سببه الأجر.
ليبقى السؤال، كيف ستتمكن الدراما من معالجة اختفاء بطلة العمل الأساسية وأحد أهم دعائمه، ألم يكن المنتج الهمام قادر على امتصاص غضب بطلته لاستكمال العمل؟ وكيف سيتم لي ذراع الدراما مرة أخرى؟
إن الدراما التركية التي قال الجميع أنها وصلت للعالمية، أصبحت غير مسؤولة كالأطفال، وتترك المشاهد يسب الشاشة التي ربطته عشرات الساعات ثم أخرجت لسانها له.
فرغم عيوب الدراما المصرية فهي على أقل تقدير أقوى وأكثر عقلانية من دراما "حظرتنا".
وأخيرا اتجهت الدراما التركية في الآونة الأخيرة لاقتباس المسلسلات الأمريكية مثل "انتقام" المنقول من مسلسل امريكى بنفس الاسم، ومسلسل الأطباء الأقرب لـ "غرفة الطوارئ"، لعل الاقتباس يرحمنا من التخاريف التركية، ونقول ببساطة المشاهد التركي يجب ان يثور فعلا على من يسفه عقله بهذه الطريقة الفجة.