قبلة لم تكتمل وحوار مقتضب بين شخصيات من وحي المؤلف مع أجزاء من خطابات للمخلوع مبارك، ساهمت جميعها في خروج فيلم لا ينتمي للدراما ولا للوثائقية، هذه سمات فيلم "الشتا اللي فات" الذي تحول لفيلم "بطوطي" نسبة لمخرجه إبراهيم البطوط.
لم يستعرض فيلم "الشتا الي فات" أحداث الثورة المصرية بشكل مفصل، وكان تركيزه كله على "عمرو" الشاب الذي حلم بالتغيير طوال حياته ولكنه لم يتمكن من المشاركة به بسبب تحطمه نفسياً على يد جهاز أمن الدولة.
الفيلم يدور بين ثلاثة شخصيات فقط، "عمرو" و"فرح" التي قدمتها فرح يوسف و"آدم" ضابط أمن
الدولة الذي قدمه صلاح الحنفي، الاعتماد على ثلاث شخصيات فقط كان مفيد لإبراز البطل الحقيقي للفيلم وهو "الثورة" وإن أُهدر حقها في الكثير من الأوقات.
سيناريو الفيلم بدأ بستة ورقات حول الموضوع وأثناء التصوير وصلوا لتسعة، الحوار بين الفنانين كان ارتجاليا وربما كان ذلك مضرا للفيلم، خاصة المشهد الذي كانت تروي فيه فرح يوسف مساعدتها للنظام عن طريق تضليل الرأي العام، فكانت جملها طويلة وأدائها كان مفتعلا.
أما ضابط أمن الدولة فملامح وجهه ساعدته في تقديم دور الجلاد، ولكن ظلمه السيناريو في ظهور أسرته دون مبرر، للتأكيد على أن الثورة لم تنتقم منهم حينما سمحت لهم الفرصة بذلك، وعندما أشار أيضاً إلى أن قرار قطع الاتصالات يوم 28 يناير "جمعة الغضب" هو قرار فردي عارضه الكثيرون من الجهاز المنحل.
الفيلم هو أول فيلم يُعرض في دور السينما حول ثورة 25 يناير، ولكنه لم يتطرق لكل تفاصيل الثورة، فرغم تعرضه لخطاب الأول من فبراير "العاطفي" ولكنه لم يتطرق إلي موقعة الجمل التي زادت من إصرار الكثيرين على إزاحة مبارك، وهذا التجاهل يثير الكثير من التساؤلات.
مخرج الفيلم إبراهيم البطوط من أبرز المخرجين المهتمين بعناصر الصورة وتكوينها وإبراز عمق الصورة، وقد بدا ذلك جليا في المشاهد الأولى من الفيلم من خلال شاشة الكمبيوتر و"المج"، حيث نجح في إخراج صورة جيدة رغم الميزانية المتواضعة للفيلم.
انتقال البطوط بين عامي 2009 و 2011 كان سلس بدرجة كبيرة، ومنطقي في أغلب الأحيان حينما يفسر أسباب اهتزاز شخصية "عمرو" التي قدمها الممثل عمرو واكد بطريقة رائعة، فبدى مهزوز ومنعزل ومتخوف مما يحدث ومتردد بشكل طبيعي.
نهاية الفيلم المفتوحة بالنسبة لمصير الدولة بعد تنحي مبارك وكيفية عقاب ضباط أمن الدولة على الانتهاكات في حق المواطنين، جاءت جيدة لإيمان البطوط الشخصي بأن الثورة لم تنته بعد، وهذا ما وصل من خلال نظرة واكد وفرح في نهاية الفيلم من أمام ميدان التحرير.
الفيلم في مجمله جيد جداً، وتوقيت عرضه جاء مناسبا لإنعاش الذاكرة وسط حالة اللغط التى نعيشها الآن، مشاهد التعذيب بأمن الدولة جاءت صارخة وسط هدوء حوار الفيلم مما جعل التركيز عليها أكبر من الباقي.
ناقشني عبر Twitter
اعرف أماكن عرض الفيلم في دور السينما المصرية.
شاهد أغنية الفيلم