الفيلم السينمائي الناجح، هو الذي تنتهي منه ولا ينتهي منك، كالإكسير الذي تتجرعة دفعة واحدة ولكنه يستغرق وقتًا طويلًا في التغلغل الى أعمق خلاياك، وهكذا وجدت تأثير "الهوى سلطان".
كنا نلتمس الأعذار للأعمال السينمائية الرومانسية في مصر منذ عقود، فنتهمها بالفتور والسطحية والتشوه، ونعلل الأمر بسطوة الظروف الاقتصادية ونمط الحياة السريع كأسباب تقف وراء برودة مشاعر المصريين وخفوت نزعتهم الرومانسية الحالمة التي ظلت تخطف القلوب في مختلف السينمات العربية خاصة، حتى كانت جزءًا لا يستهان به في صورتنا الذهنية لدى العالم، فمن ينسى نهر الحب وأذكريني والحب الضائع والباب المفتوح ومعبودة الجماهير و إشاعة حب ودعاء الكروان وحتى حبيبي دائما والحب فوق هضبة الهرم.
تابعوا قناة FilFan.com على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنا
وإذ بفيلم "الهوى سلطان" ذو التوليفة النوستالجية ليس فقط من خلال إدخال التليفزيون والأفلام القديمة والأغاني الشهيرة معادلات حسية لمزاج الأبطال، وإنما نوستالجيا المشاعر، ليعصف بكل تلك الحجج، ويحرج صناع عشرات الأفلام الرومانسية الباهتة سرديًا وبصريًا وإحساسًا، اللهم إلا "في شقة مصر الجديدة".
صحيح أن لسطوة السوشيال ميديا وجيله الغارقين في الواقعية والنفعية والحياة العملية المادية، بالغ التأثير في شكل العلاقات العاطفية في الواقع قبل السينما.
طالع أيضا - انهيار مفيدة شيحة في جنازة والدتها
لكن الفيلم يضعنا أمام الرومانسية التي يتوق لها كل منا وتتضور أرواحنا لها جوعًا، إنها الروابط الحقيقية التي يجب أن تربط القلوب، إنها الثورة على نمط السرعة الذي يعتصر آدميتنا فيدعونا الفيلم لنتمهل ونتلذذ بمذاق مفضلاتنا الصغيرة حتى آخر قطرة.
فلم تكن تلك الأغاني والمسلسلات والحفلات الموسيقية المؤثرة وحدها دليلًا على احتفاظ أبطال الفيلم بنفس مشاعرنا الحالمة الساذجة في بساطتها، ولكن في معايشة تلك المشاعر الرومانسية و تطورها ونضجها كالوجبة الشهية على نار هادئة، في مواجهة أنماط العلاقات السريعة التيك اواي التي تبدأ بكلمة بحبك بعد ساعة من التعارف وربما تنتهي خلال أيام.
إن الأفكار التي يطرحها الفيلم تضع الكثير من العلاقات العاطفية والزوجية في مأزق، تلك العلاقات التي تبدو ناجحة ومثالية ولكنها في حقيقتها هشة ومشوشة وهامدة كالجسد بلا روح، كتلك العلاقة التي يمكن تخيلها لو أن "سارة" تزوجت الدكتور الناجح ذو الحياة المنظمة والهدوء النفسي، وهو النموذج العكسي لشخصية البطل "علي"، وبالمثل بالنسبة لعلاقة "علي" بخطيبته التي يقول لها في لحظة الانفصال "مكنتش أحلم بواحدة زيك" فهي الشخصية المرحة المنفتحة على الحياة وتجاربها ومستعدة لها فكانت أيضًا نموذج عكسي للبطلة "سارة"، ما يؤكد أن التابوهات المثالية التي تفرضها علينا الحياة لا تحقق السعادة عادة، بل ولا تعبر عن آدميتنا وفرديتنا الناقصة دائمًا وأبدًا.
تعتمد الكاتبة و المخرجة هبه يسري على ربط تصاعد الأحداث بتصاعد المشاعر داخل كلا البطلين، إذ يكمن الصراع في مراوغة كل منهما لنفسه وللآخر، حتى كانت القبلة اختيار مثالي لتمثل أعلى نقطة في تصاعد هذا الصراع، والحقيقة أنني سعدت بتوظيف تلك القبلة التي غابت عن السينما لسنوات، بالرغم من أنها لم تعجبني في ذاتها.
تلك النقطة التي ينتصر فيها الحب على كل ما يدور على السطح، فيفرض نفسه على أصحابه بصورة عفوية فجائية، ومهما رفضنا تلك اللحظة من منطلقات أخلاقية أو دينية فلن ينفي هذا آدميتها البحتة و منطقيتها داخل الأحداث، كذات الوجبة الشهية التي تطبخ على مهل حتى يجبر البخار على دفع الغطاء عاليا للخروج معلنًا عن روائحه الطيبة.
تلعب التفاصيل دور لا يقل أهمية عن خطوط السيناريو، فبداية كتبت الشخصيات كلًا على حدى، فلكل منها تاريخ خاص وسمات شكلية ونفسية تفصيلية، حتى أكاد أجزم أن هبه يسري قد اختارت لكل شخصية برج فلكي.
ومرورا بتفاصيل كالديكور المدروسة والمكتوبة بدقة مع كل مشهد، فنجد صور تخرج الدكتور خطيب البطلة في خلفية "بلور" وهو يكتب خطابه، بل وتحديدا مع جملة "اكتشفت إني مغرور" وفي مشهد البطلة "سارة" تكتب خطابها في أجواء من الوحدة وبجانب ورقة الخطاب سماعات الرأس أو الأغاني التي تؤنسها وتشكل إحدى سماتها.
أو كدس مشاهد ذات مغزى شعوري، كانت أداة مبهرة في التعبير عن عمق تلك العلاقة، ومنها مشهد الجلوس الصامت على الكنبة المتحركة للبطلين، الصمت الذي ينطق بما لا تقوى عليه الأفواه.
ولكن.. كحال أبطال العمل أو حال الإنسان منذ نزل من السماء، فإن العمل لا يمكن وصفه بالمثالي، فبداية لم يصلني شعور أن البطلين "سارة وعلي" صديقين أو اخوة كما توضح خلفية تربيتهم معًا، بل كانا حبيبين منذ اللحظة الأولى للفيلم، بل لم يكن من المنطقي تصديق أنهما لم يفكرا يومًا في بعضهما البعض كولد وبنت في فترة المراهقة مثلًا، وبالمثل بالنسبة للأم التي لعبت دورها سوسن بدر باقتدار وخفة، ليس من المنطقي عدم ورود الفكرة يومًا كأمنية منطقية حالتهما وتاريخهما معًا، خاصة وهي تزج البطلة للتفكير في الزواج والإنجاب.
وبالرغم من "شطارة" منة شلبي التي لا حدود لها، وصدق أحمد داوود ومشاعره التي تنطلق من أعماقه الى وجهه وعينيه ولغة جسده، وبساطة جيهان الشمشرجي التي تمثل بلا مجهود، وأحمد خالد صالح الذي يسهل استنباط مذاكرته لكل كلمة وكل إيماءه ونظره، كان فارق العمر الذي نعرفه مسبقًا بين منة وباقي الأبطال عائق يفصل توحدي مع الشخصيات للحظات بين الحين والآخر، وبخاصة كحبيبة لأحمد خالد صالح، وهو ما انعكس على السوشيال ميديا في منشورات توضح المفارقة بينه وبين والده كبطل أمام منة في "هي فوضى"، وهو الفارق الذي لم يكن له أن يعني شيئًا لولا أنها معلومات يعرفها الجمهور عن نجومه.
وبينما وجدت خطاب الدكتور للبطلة مثالي وغير واقعي، فلا وجود لرجل بمواصفاته يعترف بالغرور أو يدين نفسه بعدم استيعاب حبيبته، كان مشهد النهاية النقيصة الأبرز للفيلم، فبخلاف "كلاشية" نهاية قصة الحب بالزفاف، بدى مشهد ضعيف منفصل عن الأحداث، بل إن حذفه لن يؤثر على النهاية أو يفتقده المشاهد أو يفترض وجوده حتى. إذ تخيلت في ثوانيه الأولى إضافة لقطة لـ"شبشب" العمة، أو يهمس البطل للبطلة "بتحبيني أنا أكتر ولا بهاء سلطان" فترد أخيرًا "بحبك انت".
اقرأ أيضا:
دنيا سمير غانم وهند صبري ومايان السيد وياسمين صبري من بينهن … 28 صورة للنجمات بدون مكياج بدون فلتر
#شرطة_الموضة: بوسي بفستان لامع مزين بالريش في أحدث ظهور
القصة الكاملة لأزمة فيلم "الهوى سلطان" - اتهامات بسرقة الفكرة والمؤلفة تدافع عن نفسها ويسري نصر الله وأحمد داود أول الداعمين
لا يفوتك: في الفن يكشف حقيقة وليد فواز مبدع أدوار الشر
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5