انطلقت منذ أيام فعاليات النسخة الجديدة من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الـ (31)، والتي تحمل اسم الناقد "د. علاء عبد العزيز"، أستاذ الدراما والنقد بمعهد الفنون المسرحية بأكاديمية الفنون، وقد غيبه الموت فجأة منذ شهور في فبراير الماضي. يتنافس هذا العام حوالي (30) عرضا من دول عربية وأجنبية بخلاف مصر، كما في العام الماضي، ويحفل برنامج الدورة بعدد كبير من الأنشطة الموازية سواء على مستوى الورش الفنية أو المحور الفكري، وتستمر الفعاليات حتى الحادي عشر من سبتمبر الجاري.
تابعوا قناة FilFan.com على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنا
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، تختار إدارة المهرجان برئاسة "د. حسين مهران" أن يكون عرض الافتتاح من إنتاج المهرجان وبالتعاون مع دار الأوبرا المصرية. العرض بعنوان "صدى جدار الصمت"، التصميم والإخراج للفنان "وليد عوني" بمشاركة فرقة الرقص المسرحي الحديث التابعة لدار الأوبرا. على مدار ساعة، يُبحر بنا العرض من خلال مجموعة من البازلت البصرية المتجاورة، والتي تتناول أشهر المحطات المؤثرة في تاريخ القضية الفلسطينية منذ بداية الأزمة وحتى وضعنا الراهن. ولا شك في أن للقضية الفلسطينية مكانة راسخة في وعي الوطن العربي، تتوارثها الأجيال منذ نكبة تهجير المواطنين الأصليين سنة 1948، خلال هذه العقود الزمنية حدثت تطورات وتبدلات غيرت موازيين القوى، ومن ثم فنحن الآن أمام قضية بمعطيات مغايرة ووضع مأساوي أصبح واقعا مفروضا على أهالي غزة منذ اندلاع أحداث السابع من أكتوبر الماضي.
نحو مسرح راقص حديث
بدأ "وليد عوني" حياته الفنية في بلجيكا مطلع الثمانينيات، الفترة التي واكبت ظهور حركة الرقص الحديث في أوروبا، وبعد أن أتم دراسته لفن الجرافيك والفنون التشكيلية، انطلق كمساعد في تصميم الديكور والملابس والسينوغرافيا مع مصمم الرقصات العالمي "موريس بيجار"، المسرحي السويسري الشهير الذي كان له إسهام واضح في تأسيس مجموعات من المدارس المسرحية في عدد من المدن مثل "داكار. بروكسل. لوزان". كانت بداية عوني مشجعة، حتى أنه وفي أقل من عقد يُرسخ اسمه كأول مصمم عربي للرقص المسرحي الحديث باعتراف وزارة الثقافة البلجيكية، وفي مقتبل التسعينيات، يقوم بتأسيس أول فرقة للرقص الحديث في مصر تابعة لدار الأوبرا. من أشهر أعماله: "باسكوالي ودون جيوفاني لموتسارت- فرقة أوبـرا القاهرة، عنتر وعبلة وعصفور النور- باليه أوبرا القاهرة.. لبنان".
يعتمد "وليد عوني" في عرضه الجديد على مجموعة كبيرة من اللوحات السمعبصرية، وقد تشكلت أجوائها من سينوغرافيات متموجة، لا تهدأ في حركتها، هلامية أحيانا ومتقشفة للحد الأدنى غالبية الوقت، ولا شك في أن المخرج قد أدار عالمه بمهارة كانت بارعة في كثير من الأحيان، إلا أن ثمة قصدية في البهرجة كادت أن تفقد بعض الأجزاء رونقها. في سياق مُشابه، نجد أن عوني قد تطرق إلى فضاء التجريب من أقرب أبوابه؛ وربما أيسرها، مستغلا العناصر الحركية والبصرية بمشاركة الموسيقي والإضاءة لتحقيق أقصى قدر ممكن لجماليات الفرجة.
من هنا، لم يكن هناك غرابة في أن يتصدر تصميم الإضاءة لـ "ياسر شعلان" مقدمة البطولات المشتركة في هذا العمل، حيث اكتفي المخرج بتسع قطع متحركة من الديكور "بانوهات"، قام بتشكيلها وتوجيها بمعاونة التمثيل الحركي والإيقاعي للراقصين من جهة، وفي الجهة الأخرى نراه يُكمل الصورة بعدد من كوبليهات الأغاني لـ "أم كلثوم. عبد الوهاب. فيروز" وبعض الأغنيات التراثية، يتخلل ذلك مقطوعات موسيقية متعددة اتسمت في مجملها بالصخب والضجيج، ليكن هذا بمثابة معادل للوضع الراهن الخاص بالقضية الفلسطينية.
بيت له بابان.
في حديث سابق، يصف المسرحي الإيطالي الكبير "يوجينيو باربا" المسرح فيقول: "هو جزيرة عائمة؛ بوصفه جزيرة حرية، كقلعة مليئة بالأوكسجين، كمركب تُجدف ضد التيار ومع ذلك تظل في موقعها كما لو كانت ضفة ثالثة للنهر، إن المسرح مثل بيت له بابان؛ أحدهما يجعلك تدلف إلى تراثك والآخر يمكنك من الهروب منه". في إطار مشابه، ينسج المخرج عالمه الحركي عن طريق التضفير مُستعينا بأكثر من وسيط؛ سواء على مستوى تصاعد الدراما أو الفضاء المسرحي، خصوصا مع عرض لا يحتوي على حوار، بل يعتمد على مساحات من الأداء الصامت التمثيلي وغالبا يأتي بمصاحبة مؤثرات بصرية وسمعية، وعلى جانب آخر، يوظف المخرج عدد كبير من اللقطات والمشاهد الأرشيفية لحوادث شهيرة، تتداخل في بعض اللوحات حتى تحتوي الممثلين والديكور.
ويعتبر مشهد النهاية من أميز مشاهد العرض، لما فيه من مزج جيد جمع بين التوليف والطبيعة لخلق فضاء مغاير فعال، حيث يقوم برص البانوهات التسعة في صدارة المشهد، واحدا من وراء الآخر، ما يشكل جدارا فاصلا بين منطقتين، مع حركة الممثلين المتنقلة يتبين لنا أنهم مجموعة من المهاجرين أجبرتهم ظروف الحرب على اختراق ذلك العزل المفروض. وهنا يتبين لنا السبب وراء اختيار العدد تسعة لقوائم الديكور في العرض، والتي تساوي النقاط الرئيسية لخشبة المسرح، ونلاحظ أن المخرج تعامل مع كل النقاط في رسم الحركة وفق القوانين المعتادة في أهمية التوزيع؛ حيث اعتمد على التقسيم الهرمي لخشبة المسرح، فدارت غالبية الرقصات والتصميمات الرئيسية في منطقة الوسط، فيما تتداخل بقية العناصر في الخلف والمقدمة بحسب التصاعد الدرامي.
يبدأ العرض بالمهاجرين كما ينتهي، إلا أن ذلك لا يعني النهاية، حيث ماتزال القضية قائمة كتب على الأهالي توريثها جيلا بعد جيل.. "علي العهد صامدون" كما يقال، وهي الرسالة التي يضمنها العرض في النهاية، حيث ينجح المهاجرون في العبور إلى الضفة الأخرى، وفي مشهد أخير يتردد مقطع من أغنية لفيروز تحكي فيه عن الكيفية التي سافرت بها القضية أمام محاكم العدل الدولية لكن القضاة تعبوا في النهاية..، "أتعبهم طــــول النقاش فأغلقوا الــدّفاتر وذهبـــوا للنـوم .وكان في الخــارج صوت شــتاءٍ وظلام وبائســون يبحثون عن ســلام وكانت الرّياح ماتزال تقتَلع الخيــــام"..، رغم ذلك وقبل أن يُسدل الستار نستمع لصوت أم كلثوم وهي تصدح "راجعون".
اقرأ أيضا:
فيفي عبده تنضم للجزء الثاني من مسلسل "العتاولة"
حنان تكشف سبب طردها من درس ديني: قالولي الجرنال والتليفزيون حرام
خالد الجندي بعد تصريح مروة عبد المنعم عن الحجاب: اتقوا الله الإسلام بني على كل قيمة فاضلة
بعد اعتذارها … تامر حسني يرد على شذى: ولا يهمك المسامح كريم
سمر طارق لـ(في الفن): الراب والمهرجانات ليهم وقتهم وبذاكر القديم وبحب أم كلثوم ومحمد منير ,فيروز
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5