في الحلقة التاسعة من سلسلتنا "كل يوم حكاية وفصل من كتاب عن عملاق من عمالقة الفن" نقدم كتاب "محمد خان ... سيرة سينمائية" للناقد الفني محمود عبد الشكور.
تابعوا قناة FilFan.com على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنا
الفصل الأول من كتاب " محمد خان ... سيرة سينمائية" ... "حكاية العشق"
أفكر دوماً فيما يصنعه عشق السينما فى المشاهدين ؟ كيف يغيّر حياتهم؟ وكيف يُهديهم حياةً إضافيةً موازيةً، وكيف يجعل أيامهم أكثر ثراءً وبهجة؟ وفى كل مرة يأخذنى التفكير الى محمد خان.
فى البدء كان الولع بالسينما، حكايته ليست مجرد قصة مخرج كبير تركت أفلامه بصمة لا تنمحى عند جيلى والأجيال اللاحقة، قصته بالأساس هى حكاية حب متواصلة، منذ كان صبياً، وحتى يوم رحيله.
ذلك الصبى الذى شاهد الأطياف فى صباه، والذى ولد فى ذروة الحرب العالمية الثانية فى العام 1942، وجد عالماً سحرياً موازياً، اكتشف بهجة الصورة المتحركة، واكتشف فى نفس الوقت قدرته على التخيل والسرد، عندما دخل المدرسة، كان الطلاب يستمتعون بحكاياته، ويطلبون من المدرس أن يتكلم ويقص قائلين : "خان يا أستاذ .. خان يا أستاذ".
فى هذا الموقف الصغير العابر الذى كتبه محمد خان فى كتابه "مخرج على الطريق" بدايات علاقة مع الجمهور، بدايات الإحساس بكنز اسمه الخيال، وبذور فكرة أن تصنع فيلمك الخاص بطريقتك أنت عبر الحكي والسرد، وأن تأخذ من الواقع ما تحتاجه أنت فقط، تماما كما يفعلون فى الأفلام.
فى مرحلة تالية، سيؤلف محمد خان بين صوت الفيلم وصورته القادمة من سينما قريبة من بيته، سيتخيل ويحلم، وسيجعل من العناصر المتباعدة عملاً واحداً تماسكاً.
لم يكن التفكير يتجاوز متعة المشاهدة، ومتعة السرد بالكلام، أو بالمشاهدة، وحتى عندما انبهر خان فى سن الشباب المبكر بأيقونة الخمسينيات جيمس دين، فإنه لم يكن يفكر فى دراسة السينما، بل إنه لم يكن يعتقد أصلاً أن هناك دراسة للسينما وصناعة الأفلام، اكتفى وقتها بالعشق، واتجه الى الإنبهار بالممثل الأمريكى الشاب الذى مات فى سن صغيرة، فأصبح أسطورة.
فى لندن التى سافر إليها لدراسة الهندسة، اكتشف خان بالصدفة أن هناك دراسة منتظمة لصنع الأفلام، فتغيرت حياته، ترك الهندسة الى السينما، وصار العاشق خبيراً فى العشق، يحلم بأن يصنع البهجة لا أن يستقبلها فحسب.
ظلت الحياة دائما بالنسبة الى محمد خان شريطاً سينمائياً لا يتوقف، كان ينظر إلي كل شىء من خلال عدسة الكاميرا، كل شخصية أو تجربة يمكن أن تكون فكرة، و يمكن أن تتحول يوما الى دراما، كل تفصيلات الحياة ومواقفها تتحول فى عينيه الى صور وألوان وأصوات ومؤثرات.
لم يتخل أبداً عن مشاهدة الأفلام، ظل يراها فى منزله أو فى دور العرض بفرحة العاشق، وبروح الهاوى، وبسعادة من يكتشف الصور المتحركة لأول مرة، ولم يتنازل أيضا عن حلم صنع الأفلام، وسرد الحكايات، كان آخرها في العام 2016، الذى شهد عرض فيلمه "قبل زحمة الصيف"، و ظلت فى الأدراج عدة سيناريوهات تبحث عن منتج، و كأنه ينتظر صوت معجبيه وجمهوره، وهم يهتفون بصورة مغايرة :" خان يا منتج .. خان يا منتج"، بل إنه تحدث قبل رحيله عن فيلم جديد تقوم ببطولته غادة عادل، وعندما أصيب بكسور، كتب على حسابه على فيسبوك مؤكداً أنه سيخرج فيلمه، حتى لو كان جالساً على مقعد متحرك.
عشق الأفلام هو الذى أفرز تجربة خان وجيله، الجيل الذى تكوّن ودرس السينما فى الستينيات من القرن العشرين، ثم دخلوا عالم إخراج الأفلام الروائية الطويلة فى نهاية السبعينيات ، وفى النصف الأول الثمانينيات من نفس القرن، ليغيروا وجه السينما المصرية، وليدشّنوا ما أطلق عليه الناقد سمير فريد تيار "الواقعية الجديدة"، تمييزاً لهم عن أجيال مخرجى الواقعية السابقين سواء جيل الرواد كمال سليم وكامل التلمسانى، أو جيل صلاح أبو سيف وتوفيق صالح، و هنرى بركات وعاطف سالم وكمال الشيخ فى بعض أفلامهم الهامة.
فى حياة عاطف الطيب وداود عبد السيد وخيرى بشارة ما يماثل حكاية عشق محمد خان للسينما، ومن هذا الولع خرجت طاقة الصمود والإستمرار، اقتحموا السينما السائدة، وعملوا مع نجومها، واستخدموا نفس الكاميرات والأجهزة، أنتجوا أفلامهم بميزانيات عادية، وأحيانا أقل من العادية، وعرضوا أعمالهم فى نفس دور العرض المتهالكة، ولكنهم صنعوا أفلاماً مختلفة، لا تنتمى الى عالم السينما السائدة، رغم أنها جاءت من داخلها، من قلب الصناعة العتيدة، وربما أيضا فى فترة نعتبرها من فترات تراجع هذه الصناعة.
قيمة ما قدمه محمد خان ورفاقه فى هذه المفارقة: فى أنهم لم يصنعوا أفلامهم لأنفسهم، لم ينعزلوا ليجربوا أو لينتجوا أفلاما تبقى فى العلب، ولكنهم حققوا أنفسهم باستخدام الممكن والمتاح.
برهن محمد خان وجيله على أن السينما رؤية مخرج بالأساس، وأنه من الممكن أن تحقق سينما مختلفة، تعبّر عن صاحبها وبصمته، وتصل فى نفس الوقت الى المتفرج، وتعمل فى نفس ظروف الصناعة.
سبقت تجربة خان ورفاقه، تجربة أخرى مهمة فى كسر السائد والمألوف، هى تجربة جماعة "السينما الجديدة" التي ولدت فى نهاية الستينيات، التى كانت تمتلك أيضا مواهبها وأساساً نظرياً للتغيير، بل إنها جربت طرقاً جديدة للإنتاج، ولكن فيلميها "أغنية على الممر" لعلى عبد الخالق، و"الظلال فى الجانب الآخر" لغالب شعث، لم يكونا منطلقاً لأفلام تيار مستمر، مثلما حدث مع أفلام خان ورفاقه، كان هؤلاء أكثر صموداً، وأكثر قدرة على اقتحام السينما السائدة، والصبر على العمل من داخلها، والحصول من خلالها على أفضل الشروط.
نجوم السينما المصرية الذين يعرفهم الجمهور لم يعودوا هم أنفسهم فى أفلام محمد خان : ليلى علوى ليست هى التى نعرفها من قبل فى شخصية الفلاحة غير المتعلمة خيرية/ خوخة فى فيلم "خرج ولم يعد"، وعادل إمام أصبح فارس لاعب كرة الشوارع فى "الحريف"، دون أن ينطلق ليقدم "الشويتين بتوعه" كممثل كوميدى يريد أن يضحك الجمهور، و سعاد حسنى تعيش شخصية نوال المقهورة فتقدم أحد أفضل أدوارها السينمائية فى فيلم "موعد مع العشاء"، وميرفت أمين تولد من جديد فى دور منى فى فيلم "زوجة رجل مهم"، ثم تقدم وجهاً آخر تماماً فى دور امرأة تكتشف لعبة البيزنس فى فيلم " عودة مواطن"، ونجلاء فتحى، أيقونة الأدوار الرومانسية فى السبعينيات، والتى كنا نظن أنها قادمة من كوكب آخر برقّتها وبجمالها، تصبح كاميليا الخادمة القوية فى فيلم "أحلام هند وكاميليا"، و تصبح أميرة التى تسقط فى نهاية فيلم "سوبر ماركت" بعد أن وافقت على دخول مزاد البيع والشراء، ومديحة كامل تقدم دوراً مؤثراُ لا ينسى فى "مشوار عمر"، عاهرة بائسة من أصول ريفية اسمها نجاح، و لم تعرف يوماً معنى النجاح، وعادل أدهم ملك أدوار الشر يقدم ببراعة شخصية د عزمى فى "سوبر ماركت"، لا ينفعل، ولا يستخدم "لازماته" المعروفة، وإنما يتسلل بنعومة الى ما يريد، يعتمد أكثر على تعبيرات الوجه، نظرة العين، وطريقة نطق الكلمات، يبدو فيلسوفاً ومعلماّ فى معهد الإنفتاح وعلوم المليونيرات.
لم يكتف محمد خان بالنجوم القدامى، ولكنه صنع مع مخرجى جيله نجومهم الذين يعبرون عن شخصيات مصرية عادية: تألق أحمد زكى وتبلورت شخصيته الفنية فى أفلام محمد خان، من فارس فى "طائر على الطريق" الى عيد فى "أحلام هند وكاميليا" ، ومن شكرى الكوافير البسيط فى "موعد على العشاء" الى صلاح الشاب الريفى الذى يواجه عنف المدينة فى "مستر كاراتيه"، اكتشفنا أن تلك الشخصيات البسيطة، يمكن أيضاً أن تظهر فى الأفلام، ويمكن أيضاً ان تحفر لنفسها طريقاً، يحيى الفخرانى فى " خرج ولم يعد" و"عودة مواطن" جعل من الإنسان العادى بطلاً نرى فيه أنفسنا، ويرى فيه جيل بأكمله معاناته وإحباطاته.
اقرأ أيضا:
غادة عادل تحتفل بعيد ميلاد ابنتها مريم بحضور إنجي علي ووئام مجدي (فيديو)
شريهان في زيارة للمتحف الكبير - صور
ميرفت أمين ولبلبة وإلهام شاهين ومحمد ياسين من بينهم … النجوم يحتفلون بزواج المخرج عمر عبد العزيز
قائمة أغاني فرقة "المصريين" وموسيقى هاني شنودة في مسلسل "حالة خاصة"
لايفوتك: #شرطة_الموضة: أجمل إطلالات النجمات في Joy Awards ... وأسوأ الإطلالات
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5