كنت قد انتهيتُ للتو من المشاهدة الثانية لفيلمه الأقرب إلى قلبي "عطر امرأة"، وانتهيت أيضًا من آخر قطرة في زجاجة "عمر الخيام" الثانية، وبدأت التفكير في ما ينبغي عليَّ فعله في تلك الحالةِ الموزعةِ الرغبات، المشتتةِ، العَصيةِ على الثبات.
اقرأ ايضًا: "مرعي البريمو" يتجاوز الـ 4 ملايين جنيه هذا الأسبوع والإيرادات مفاجأة لفيلم "مطرح مطروح"
أطفأتُ "البروجيكتور"، وحملتُ كأسي الأخير، ووقفت أتأمل تراجع الحركة في شارع التحرير مع تجاوز عقارب الساعة الواحدة والنصف صباحًا.. كثيرًا ما أصحو على صوت "فرامل" مفاجئة وعنيفة، يتلوه صوت اصطدامٍ تختلفُ درجاتُ عنفهِ حسبَ الحادث، ولا يمر أسبوع دون واحدٍ منها، يقطع صوته سكون الليل في هذا التقاطع القريب، رغم كاميرات المراقبة، وردارات المرور المزروعة في الاتجاهين، لكن يبدو أن لا أحد يهتم بما ينال من مُخالفاتٍ في هذه الساعات المتأخرة، أو المبكرة في تصور من ينامون مُبكرًا.
وقفتُ أراقب سائق "الموتوسيكل" الذي راح يئن مما لحق به من إصابات، بينما كان سائقُ السيارة "بي إم دبليو" العالية يدخنُ سيجارة بالقربِ منه، وسط عدد غير قليل من المارة الذين انشقت الأرض عنهم دون مقدمات.. متى تجمع كل هؤلاء؟! من أين جاءوا في تلك الساعة؟!
عندما عدت إلى صالة الشقة الصغيرة، كان يحاولُ إشعالَ واحدةٍ من سجائري التي وضعتها قبل قليل فوق طاولة الكتبِ التي يتوسطها "اللابتوب"، محتلًا ما يزيد على نصف طولها بقليل، تأملَ وجهي باستغراب، ثم سألني:
* من أنت؟! كيف جئتَ إلى هنا؟!
ضحكتُ ضحكةً ممزوجةً بالدهشةِ، وأعدتُ إليه سؤالَه:
- أنتَ.. مَن أنتَ؟ هذه شقتي، أنت من ينبغي أن يجيبني الآن.. كيف دخلت إلى هنا؟! وماذا تفعل؟
فَرَك شَعره بطريقةٍ أعرفُها جيدًا، رأيتُها عشراتِ المرات، وحفظتُ مُسبباتها، وما يليها من عِبارات:
* .. أوووه، يا الله!!
تحرك ببطء ناحية الشرفة، وكأنه يستكشف المكان، فيما كانت عيناي لا تفارقانه، أحاولُ استيعابَ ما يحدثُ، أو البحث له عن تفسير.. نظر ناحية اليسار، حيث قصر عابدين، وتمتم:
*يبدو أنني شربت كثيرًا، رغم أنني لا أظن انني تناولت أي مشروب كحولي منذ سنوات طويلة؟
سحب أحد الكرسيين الخشبيين في الشرفة، وجلس على أحدهما، ثم أمسك بسور الشرفة الحديدي وسند بذقنه فوقها وهو ينظر باتجاه الحشد الذي كان قد "اتلم" في الشارع حول سائقي السيارة والدراجة البخارية، وراح يتأمل المشهد، وهو يسألني:
* من هؤلاء؟ من أين جاءوا في تلك الساعة؟
فابتسمت وأنا أقول له:
- تلك هي القاهرة إن كنت لا تعرف.. المدينة التي لا تنام، ولا تتأخر على محتاج.
* أفهم جيدًا ما تقصد بأنها مدينة لا تنام، لكن ماذا تعني بالعبارة الثانية؟! ماذا تعني بقولك "لا تتأخر على محتاج"؟
- هؤلاء الذين تراهم الآن حول سائقي السيارة والدراجة البخارية، سوف يصلحون ما بهما من أعطال إن كان الحادث قد أسفر عن أعطال، وإن لم يكن بينهم خبير.. منهم من اتصل بالإسعاف، ومنهم من ناول زجاجتي مياه لطرفي الحادث، ومن استند على كتفه من كان بحاجة إلى كتف، ومن وقف لإبعاد السيارات القادمة عن موقع الحادث، ومن شهد بمن فيهما المخطيء وحثه على مراضاة الآخر، ومن أخذ يتأمل في جمال السيارة الفاخرة، ويعدد ميزاتها كأجدع مهندس أو خبير في سوق سيارات، ومنهم من لا يفعل أي شيء سوى الفرجة.. مثلنا أنا وأنت تمامًا.
* هذا أمرٌ مدهش.. مذهل، هل تعرف أن مشهد سقوط الكولونيل فرانك سليد فوق برميل القمامة لم يكن ضمن سيناريو "عطر امرأة"؟ وأنني عندما وقعتُ على وجهي لم يتحرك أحد لمساعدتي؟!
ضحكتُ وأنا أحاول التخفيف عنه، أو تفسير ما حدث، ربما يتقبل تفسيري له:
- بالطبع لن يحدث، أظن أن جميع من يظهرون في المشهد من المجاميع، أو ممثلين زملاء لك، ولن يغير أحدهم من حركته بغير إذن من المخرج أو أحد مساعديه.. لعلك تعرف سخافات الإنتاج.
* آه.. أعرف بالطبع، ولكنهم كانوا يعرفون تفاصيل المشهد، كلهم، ويعرفون أنني ليس من المفترض أن أسقط، تدربنا على ذلك قبل التصوير، أنا أقدس البروفات، هل تعرف ذلك؟!.. وهذا آل باتشينو يسقط على وجهه فوق برميل القمامة أمامهم جميعًا!! (يضحك) ولا أحد يتحرك لمساعدته!! هل تصدق ذلك؟! (تخفت ضحكته ويتحسس عينيه وما حولهما) هل تصدق أن تلك السقطة تسببت في جرح في عيني، واضطررنا لوقف التصوير بعدها، لمجرد أن أحدًا لم يهتم! لم أشعر أن الموقف يدعو للضحك، فلم أبادله الضحكات، وأظنه أحس بعدم حماسي لمواصلة الكلام في الموضوع، فابتسم وهو ينظر إلى وجهي:
* يبدو أنك لم تصدق استغرابي للمشهد، دعنا نجرب ذلك مرة أخرى.. هل تريد أن نجرب طريقة أخرى نعيد بها الحوار؟!
ضحكتُ، بينما كنت لا أزال غيرَ مُصدقٍ لما أراه في تلك الساعة المتأخرة، وقلت له:
- العب غيرها.. رأيتك تفعل ذلك من قبل.
* فعلًا؟!.. أين؟
- في المشهد الافتتاحي لفيلم "ذي هامبلنج"، "الإذلال"، ألا تذكر ذلك؟! أنا متأكد من أنك تذكره.
ضحك بدوره، وقال:
* نعم نعم.. أذكرُ ذلكَ جيدًا، هو واحدٌ من أفضل الأفلام التي أحببتُها، حتى أنني أعيدُ مُشاهدته كثيرًا، لكنني لم أكن أتوقع أنك شاهدته..
- شَاهدتُ كل أفلامك، وتابعتُ أخبارها، وانفعلتُ بها، وأحببتها، ووقعتُ في الحب تحت تأثيرها، واستعنت بها لتخفيف حدة انفعالي من الانفصال عن من كنت أحب.. كتبتُ عن بعضها، وكلمتُ عن بعضها ابنتي، وأصدقائي، ومعارفي، وأشياء أخرى لا أذكرها الآن.. هل تريد أن أخبرك بالمزيد؟!
سطع وجهه بابتسامة هي مزيج من الرضا والزهو والخجل، ثم عاود الجلوس على الكرسي الخشبي الذي ظل ممسكًا بظهره لفترة، لكنه لم يلبث أن تحرك مرة أخرى، قام متجهًا ناحية الصالة. وأمسك بزجاجة عمر الخيام الفارغة، وابتسم وهو يقول:
* يبدو أنني تحدثت كثيرًا، أكثر مما ينبغي، وأظن أن هذه هي السبب، أليس كذلك؟!
قلت بابتسامة يغلب عليها الخبث: تلك هي الثانية.
ارتفعت ضحكته وهو يقول بلهجة المنتصر:
* أرأيت؟! عرفتُ ذلك، هي السبب، وهي التي جاءت بي إلى هنا..
اجلس.. وقل لي، من أنت وماذا تفعل في هذه الحياة؟ ولكن قبل أن تجيب أريدك أن تعدني بزيارة الأهرامات، والحديث مع أبو الهول.. هل تعدني بذلك؟
- زيارة الأهرامات ماشي، تمام، ممكن، لكن الحديث مع أبو الهول؟!
* ماذا؟
- أبو الهول لا يتحدث مع أحد.. ولا يرضى بغير قبلات افتراضية ترسمها السائحات الجميلات في صور يحتفظن بها، ويُفرجن عليها "طوب الأرض"، وربما لا يحب هذه القبلات أيضًا، ولا يهتم إن كانت القبلة لليد أم الفم أم المؤخرة، حتى الروائح المصاحبة لا يهتم بها، ولا يشمها أصلًا بعد كسر أنفه.
انجعص في عمق الكنبة السوداء التي أحاطت بكامل جسده، ثم انفرجت مساحات في وجهه وهو يميل برأسه تجاهي ويقول:
* هل تتخيل فيلمًا عن أبو الهول وقد أزعجته الروائح من حوله، بالرغم من أنه بلا أنف، كان نائمًا، واستيقظ على تلك الرائحة، فقرر التخلص مما يحيط به من رمال، والبحث عن كل النساء اللواتي وضعن أيديهن بالقرب من فمه، حتى ينقعها في محلول مطهر، تخيل معي ماذا يمكن أن يحدث في مثل هذه الحالة.. تخيل أبو الهول وهو يلف العالم بحثًا عن أنفه أولًا، فيقلب الصحراء من حوله، ثم يقرر البحث عن صاحبات الروائح، الطيبة والمزعجة، معًا. انتظر، لنفترض أن واحدة وضعت فمها بالقرب منه كما يفعلن في الصور، فأيقظته الرائحة، أحبَها، لا أحبُ إهانة النساء أو السخرية منهن في الأفلام، ليكن، لنفترض أنه أحب الرائحة، وجننته الرغبة في تقبيل صاحبة الشفاه الداكنة، تلك التي رآها وهو في لحظات الاستيقاظ الأولى.. لكنه عندما فتح عينيه، لم تكن هناك، كانت قد غادرت، ولا سبيل له للعثور عليها إلا رائحة عطرها، وأحمر الشفاه الداكن.. ما رأيك؟!
ارتفعت ضحكاتنا رغم سذاجة الفكرة.. فقلت محاولًا استفزازه:
- لا أظن أنه يوجد فيلم تعمد التقليل من المرأة، وإهانتها كما حدث في "سكارفيس".. أم أن لديك رأي آخر؟!
* بالعكس.. ميشيل (يقصد ميشيل فايفر) كانت ساحرة، وكان ذلك واحد من أجمل أدوارها، فهي مناسبة جدًا لتوني مونتانا، النموذج المكافيء له بين النساء، أنا شخصيًا استمتعت كثيرًا في المشاهد التي كنا فيها معًا.
ابتسمت بخبث متعمد، وقلت وأنا أغمز له بعيني:
- طبيعي أن تستمتع بالتمثيل معها، هذه ميشيل فايفر.
ارتفعت ضحكته، وهو يصرخ في وجهي ممازحًا:
* هي ميشيل فايفر وأنا آل باتشينو يا رجل.. يبدو أنك عجوز شقي، ما عمرك؟!
- أكملت عامي السادس والخمسين في أكتوبر الماضي.
ارتسمت ابتسامة ساحرة فوق وجهه وهو يميل برأسه قليلًا جهة اليسار، وهو يقول:
* أكتوبر!! نفس الشهر الذي ولدت فيه جولي ماري، ابنتي الكبرى، هي ممثلة ومخرجة سينمائية، ولديها شركة إنتاج.. هل تعرف أنها فازت بجائزة من مهرجان "فينسيا"؟ هل تعرف ذلك؟!
- بالطبع.. أظن أنها تسير على خطى والدها الذي تحبه.
زادت ابتسامته سحرًا، وبانت سعادة حقيقية في كل ملامح وجهه، وتصاعدت حتى وصلت موجاتها إلى باقي جسده.. قلت لنفسي "هذا ما يفعله ذكر الأبناء في الآباء، أيًا كان سلوكهم مع أهاليهم، وأيًا كانت أخطائهم، أو مشاكلهم، وأيًا كان ما يفعلونه بحياتهم".. أعرف ذلك، خبرته، ومَرنتُ نفسي على الاستمتاع باللحظات التي يغزو فيها ذكر الأبناء روحي، فأستسلم للغزو مُبتهجًا سعيدًا، أو عندما يسطو على أي حديث كما هو الحال في هذه اللحظة الملتبسة.. وقلت له:
- أعرفها جيدًا.. وأعرف كل شيء عن أولادك الأربعة، وعن والدتك ووالدك وجدتك، وتشارلي لوتون وسوني سكوت.. بُص.. في مقابلة مع جوليان شنابل قلت إنك لو كنت موسيقيًا كنت ستضع خطة للحياة مع موتسارت لمدة ستة أشهر، تسمع موسيقاه، تتعلم عزفها، تقرأ عنه، تفعل كل ذلك بكثرة وكثافة وتركيز، وأنك بعد هذه الأشهر الستة، سوف تكون مع موتسارت بروحك، فتخرج منها وقد لمسك بطريقةٍ ما، فما بالك وأنا أعيش معك منذ سنوات، أفلامك، حواراتك، ما تيسر من مسرحيات مثلت فيها أو أخرجتها.. أظن أنك إذا عرفت ذلك، فربما لن تسألني بعد الآن "أتعرف ذلك"!! هل اتفقنا؟!
ضحك وقال وكأنه يختبرني:
* فعلًا.. إذًا قل لي ماذا تعرف عن جولي ماري؟!
نظرت إلي عينيه بجدية، وقلت:
- لا أظن أن إجابتي ستعجبك.. هي ممثلة ومخرجة رائعة، شاهدت فيلمها الفائز بجائزة أفضل فيلم قصير من مهرجان فينسيا، وأعجبني، و..
قاطعني:
* لماذا تظن أن هذه الإجابة لن تعجبني؟!
- لا.. ليست هذه هي الإجابة، لم أكمل كلامي بعد.
* قل لي ماذا هنالك؟! أريد أن أعرف.
- هل أنت متأكد من أنك تريد أن تعرف؟!
بانت علامات انزعاجٍ ما على وجهه، وقال بحسم:
* بالتأكيد أريد أن أعرف.. تكلم يا رجل.
جلست على حافة السرير الصغير في ركن الحجرة الملاصقة للشرفة، وقلت بجدية ممزوجة بمحاولة لتلطيف الأمر:
- حسنًا.. ليكن، أعرف أن علاقتك بأمها، مدربة التمثيل جان تارنت، لم تكن بخير طوال فترة الحمل بها، وانتهت بالانفصال بعد أشهر قليلة من ولادتها، وأظن أن هناك، لديك أنت وحدك أسباب ما حدث وقتها، هي فتاة وشابة رائعة، لكن هناك سرٌ ما لم تبح به أنت، ولم تتحدث عنه جان، أبدًا، كما لم تشر إليه جولي ماري، ولكن..
بانت على وجهه علامات الدهشة، وراح يتمتم بهمهمات غير مفهومة، لكنه فيما يبدو قرر تغيير وجهة الحديث، فسألني بعد فترة من الصمت بدت لي طويلة جدًا، وأنها ربما لا تنتهي:
* يبدو أنك تعرف الإنجليزية بشكل جيد؟!
فابتسمت وأجبتُ بإنجليزيةٍ ركيكة: قليلًا..
فركتُ عيني وأنا أحدق في وجهه غير مصدقٍ لما يحدث، وقلت:
- أنا آسف، أرجو أن تقبل اعتذاري إن كنت قد لمست جُرحًا لا تريد تذكره، أو الحديث عنه.
فابتسم، لكنها بدت كابتسامة مُغتَصبَة، تجاهد لكي تختفي، وعاد إلى حالة الصمت والهمهمة غير المسموعة، أو المفهومة، قطعها باشعال سيجارة جديدة بدأ في تدخينها وهو يعود إلى الشرفة ثم قال:
* الجو هنا رائع.. أحب هذه الشرفة.
ظللت في مكاني، لم ألحق به.. كنت لازلت في حالةٍ من عدم التصديق لما يحدث، قلت له:
- هل أنت آل باتشينو فعلًا؟! هل هذا الحديث حقيقي؟! ماذا تفعل هنا؟!
عاد إلى كنبة الصالة السوداء، واعتدل في جلسته وهو يرد على سؤالي بسؤالٍ آخر:
* هل تريدني أن أغادر؟!
- لا لا، لا بالطبع، لا.. أنا فقط لا أعرف، هو مجرد سؤال، لا تجب عليه إن أردت.
تناول رشفة صغيرة من النبيذ، ثم انجعص في جلسته، وهو ينظر باتجاه السقف ويقول:
* بُص.. ربما لا تعرف أنني لا أحب الكلام عن حياتي الشخصية، ولا حتى كرد فعل على رأي مثل ذلك الذي قلته للتو، لكنني أحب الطريقة التي قلت بها ذلك، ولهذا سوف أدلك على الطريقة التي تساعدك على معرفة كل ما تريد. عليك فقط أن تقول لي من أنت، وماذا تريد مني، ماذا تريد أن تعرف؟ وبعدها، ليس عليك إلا أن تتبع ما أقوله لك لكي تعرف كل شيء.. كل شيء، فهل أنت مستعد لذلك؟ هل تريد معرفة من هو آل باتشينو؟ هل تريد ذلك فعلًا؟!
* بالتأكيد.
اقرأ أيضا:
الجزائر تسحب فيلم "باربي" وإطلاق هاشتاج "أوقفوا عرض باربي" على تويتر
إطلاق الإعلان التشويقي وبوسترات شخصيات فيلم "مندوب مبيعات"
أبو يشعل أجواء الساحل الشمالي في حفل "ماني فيللوز"
ميرهان حسين تستلهم شروق الشمس في أحدث جلسة تصوير
لا يفوتك: ساعة مع الفنان علي الحجار ... حكاوي وفن وغنا
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5