في عدد 8 مايو 1946 من مجلة آخر ساعة كتب محمد التابعي مقالا نقديا عن فيلم "الماضي المجهول"، وفيه وجّه عتابا مريرا لبطله ومخرجه ومؤلفه أحمد سالم، الذي نسب لنفسه تأليف الفيلم مع أنه منقول حرفا بحرف عن فيلم أمريكي اسمه "عودة الأسير"، عُرض قبل سنوات في القاهرة.
ترحم التابعي في مقاله على ذلك الزمن الذي كان فيه الكُتاب يعترفون بأن ما يقدمونه للمسرح من روايات مقتبس أو منقول عن أصل أجنبي.
واستطرد التابعي في عتابه مطالبا المؤلفين والكتاب المصريين بأن يكفوا عن "الاقتباس" والنقل من الغرب، وأن يقدموا أفلاما ومسرحيات مصرية خالصة.
نرشح لك - فنانة عربية تتعرض للطعن في الرقبة...تفاصيل الحادث وحالتها الصحية
في المقال ذكر الكاتب الكبير عدة أسماء منها سليمان نجيب ويوسف وهبي وحثهم على أمانة ذكر المصدر الذي ينقلون منه وعنه.
من يقرأ المقال يستطيع أن يلحظ "غضب" التابعي وسخطه الشديدين على حال السينما والمسرح والتأليف في مصر، وهو ما دفع سليمان نجيب لأن يرد عليه.
في عدد 22 مايو كتب نجيب مقالا بعنوان: كلنا لصوص ولكن، شكر فيه اهتمام التابعي المتأخر بحال الفن المصري، قائلا إنه وغيره يلجأون للاقتباس لأنه "لا يجدون صاويا (يقصد أحمد الصاوي محمد) أو توفيق الحكيم أو التابعي أو مصطفى أمين يكتب قصة لفيلم مصري".
يضيف: " كلنا لصوص، نعم، لكن هناك فرق بين لص يسرق فكرتك وينسبها لنفسه، وبين آخر يستأذنك في أخذ القصة وتحريرها لينفع بها جمهور وممثل ومخرج وعامل".
ثم يؤكد نجيب بك: "إنني كنت وما زلت وسأظل مقتبسا، لكن مقتبس أمين، لا أقول إن القصة من تأليفي ولا "بقلمي" ولكن فكرتها مأخوذة من رواية فلان بعد أن سمح لي باقتباسها".
وفي إشارة واضحة ليوسف وهبي يقول نجيب بك: "من بين اللصوص الذين حشرني بينهم التابعي فنان كبير استولى على روايتي "المشكلة الكبرى" وهيأ منها فيلما منذ سنتين وكسب منه ما كسب، ولم يتنازل هذا الفنان العظيم ولم يتنازل ويقول إن القصة اقتبسها أو "لطشها" من الإنجليزية المدعو سليمان نجيب".
إن من يتابع الصحافة المصرية - والفنية منها على وجه الخصوص في تلك الفترة - سوف يعرف أن يوسف وهبي بك - وهو الذي كان يعشق المعارك الكلامية والتواجد الدائم على صفحات الصحف - لم يكن ليتأخر عن الرد على ما كتبه التابعي أو سليمان نجيب.
في العدد التالي من آخر ساعة - عدد 29 مايو - كتب وهبي بك تحت عنوان: لسنا لصوصا يا سليمان بك نجيب، يقول: أخي وصديقي قرأت مقالك الممتع وسرتني صراحتك واعترافك بلصوصيتك وسطوتك على أدب الغرب، وهنا أواجهك بصراحة هل لديك ما يثبت أنك استأذنت صاحب الرواية الأصلي، فإن كنت صادقا فلا لوم ولا عتاب".
ثم يدخل يوسف وهبي فيما يخصه: "أما ما ألومك عليه هو أنك حشرتنا في زمرة لصوص الأدب، ونحن أبرياء من هذه التهمة. أنا واحد مما كتبوا للمسرح المصري وعن المجتمع المصري لم أجرؤ يوما أن أضع اسمي على رواية دون أن أكون أنا صاحب الفكرة والوضع والحوار، كما أنني إذ ألجأ للاقتباس فإنني أذكر ذلك بالبنط العريض".
ويتحدى يوسف بك صديقه اللدود قائلا: "هذه هى مؤلفاتي المصرية في متناول الجميع وعليك أن تجد لها أصلا وأنا أدفع لك عن كل رواية ألف جنيه مصري، فإن كنت أيها الزميل ممن لا يملكون موهبة التأليف فليس لك أن تتهمنا بما ليس فينا".
ويعود البك إلى قصة "المشكلة الكبرى" التي ذكرها نجيب في مقاله: "عجبا يا سيد سليمان إما انك ضعيف الذاكرة أو أنك مغالط إلى حد المبالغة، إنني قصدت مكتبك واستأذنتك في اقتباس الفكرة فأذنت لي عن طيب خاطر، ولم أكتف بذلك بل كتبت بالخط العريض في عنوان القصة على شريط السينما أنها مقتبسة من أصل للأستاذ سليمان نجيب".
في العدد التالي - عدد 5 يونيو - لم يستطع سليمان نجيب أن يرد مباشرة على ما أورده يوسف وهبي في مقاله السابق، واكتفى بمطالبة وهبي أن يكون ممثلا فقط وأن يترك التأليف.
وجاء الرد - في نفس العدد - بمقال وقعه "الناقد الصغير" (وأغلب الظن أنه محمد التابعي نفسه) عدد فيه بالاسم سوابق"اقتباسات" يوسف وهبي، مثل رواية "كارما" التي اقتبسها مرتين: مرة مسرحيا تحت عنوان "الشبح"، ومرة سينمائيا تحت عنوان "سيف الجلاد"، ورواية "سمسون" التي ترجمها هو تحت عنوان "الجبار" وقدمها للمسرح تحت عنوان "آخر العنقود"، وكذلك قصة فيلمه الشهير "غرام وانتقام" التي اقتبسها من رواية "فيدورا".
في العدد التالي - عدد 12 يونيو - رد يوسف وهبي مرة أخرى، ولكن هذه المرة على "الناقد الصغير"، وأكد أنه لم ينف "اقتباساته"، وهو إن فعلها فإنه يشير لذلك صراحة، لكن في نفس الوقت فإن له مؤلفات أصلية من صميم الواقع المصري، ومرة أخرى أبدى استعداده لمنح "آلاف الجنيهات" لمن يأتيه بنص أوروبي لبعض رواياته الشهيرة مثل: أولاد الذوات، أولاد الفقراء، أولاد الشوارع، بنات اليوم، بنت مدارس، بيت الطاعة وغيرها...
و... اكتفى "البكوات" (في حدود علمي) بذلك الحد من الخناقات عن الاقتباسات والسرقات، وإن ظل محمد التابعي بعدها لسنوات يكتب في الموضوع، وتلك قصة أخرى طويلة.
اقرأ أيضا:
ماذا قالت إيمان العاصي عن فكرة عودة حلا شيحة للتمثيل من جديد؟
دينا الشربيني تكشف تفاصيل مكالمتها مع مصطفى حسني بعد وفاة والدها … ماذا قال لها؟
أنغام ترد على جدل رقصها وظهورها بسيجارة في كليب "سيبك إنت"
أول رد من محمد رمضان على سخرية خالد سرحان.. والأخير: أدفعلك ولا اشتريت الميكروباص؟
لا يفوتك: اسمع "عمك البات" قال إيه عن ليلة تكريم الموسيقار محمد الموجي بالرياض
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5