أخيرا طرح الملحن عمرو مصطفى أحدث ألبوماته "ملوش زي" بعد أشهر طويلة امتدت لثلاثة أعوام تقريبًا من التصريحات الإعلامية التي وعد خلالها بتغيير شكل الأغنية المصرية ، وتهديد عرش نجوم البوب المصري المعروفين ومعهم -فوق البيعة- مغنيي المهرجانات والرابرز.
"ملوش زي" عنوان الميني ألبوم الذي قدم من خلاله عمرو ستة أغاني تعاون فيها جميعا مع شعراء وموزعين شباب إلى جانب البروديوسر والموزع الإسباني مارسيلو فراخمويس .
أبرز الملاحظات على الميني ألبوم هي الاستعانة بالشاعر الشاب مصطفى ناصر ليكتب خمس أغنيات كاملة من أصل ستة، بجانب أغنية واحدة كتبها عمرو يحيى وهي "تيجي تيجي" .
وبالطبع تولى عمرو مصطفى تلحين جميع أغاني الألبوم ، وهي النقطة الفاصلة تحديدًا في المشروع والتي تمثل ثغرة كبيرة في مشروع عمرو كمطرب .. لماذا؟
نرشح لك : "معايا هتبدع" .. وصفة رامي صبري لصناعة ألبوم جيد بدون "فلسفة"
عمرو مصطفى الملحن صاحب نجاحات كبيرة تخطت أي ملحن آخر خلال 10 سنوات وهي الفترة من عام 2000 وحتى عام 2011 والذي كان فارقًا في مسيرة عمرو مصطفى كملحن ومغني وشخصية فنية في المطلق ، بعد عام 2011 تغيرت الذائقة الفنية والمزاج العام للجمهور ، وتورط عمرو في تلك الحالة تورطًأ تامًا حوله إلى ظاهرة صوتية.
هذا اختياره وهو حر فيه بالطبع، ولكن تلك الظاهرة الصوتية امتدت من السياسة الى الفن بمرور السنوات ولم يعد عمرو متصالحًا مع التغيرات التي طرأت على ساحة الموسيقى ، ولا مواكبًا لها ، وهذا ظهر في أغلب ألحانه التي مازالت تسير في إطار اللاتين بوب ، والفلامنكو ، والتيمات التركية والهندية التي تشبع بها المستمع المصري والعربي بسبب عمرو مصطفى نفسه في مطلع الألفية .
التكرار لايفيد الشُطار!
نعود إلى ألبوم "ملوش زي" ، هو في الحقيقة تجربة موسيقية جيدة على مستوى الصناعة ، ولكن على مستوى الأفكار لم يقدم عمرو شيئًا جديدا، أبرز نقاط هذا التكرار هو التنميط في اختيار الكلمات ، لن أقسو على شاعر شاب مثل مصطفى ناصر، ولكن السؤال المهم ما المفردة المختلفة التي امتلكها كي يقدم نفسه للجمهور، حتى أن بعض الكوبليهات التي كتبها في الأغنيات الخمس بدت وكأنها استنساخ لكلمات أغاني سابقة من ألحان عمرو لنفسه أو لمطربين آخرين.
مثلا أغنية " غيرك مين" بدت وكأنها اقتباس صريح للأغنيات "السلو" التي لحنها عمرو مصطفى في مطلع الألفية مثل "صدقني خلاص" و "برتاح معاك" حتى الكلمات جاءت قديمة تقليدية مثل : " ده انا ما صدق قلبي لاقاك بقالي عمر جديد و حكايه نصيبي من الدنيا دي معاك".
تبرز أزمة عمرو مصطفى في مواكبة تطور الموسيقى في أغنيات أخرى كثيرة رغم محاولات الموزع الاسباني مارسيلو فراخمويس إضفاء لمساته وأصواته الجديدة في بناء التوزيع ، ولكن اللحن بالأساس مستهلك كما هو الحال في أغنية "كان عنده حق" التي بدأت بجملة صولو توحي بأننا سنستمع لأغنية من قالب التانجو ثم تبلور القالب ليصبح لاتين بوب، ولكن الأغنية بشكل عام هي الأفضل في الألبوم من وجهة نظري.
إعادة إنتاج الزمن
على نفس النهج سار عمرو في أغنية "هحكيلك قدام" التي تنتمي للاتين بوب موسيقيا، وتبدأ بصولو وتريات جيد جدا في لحن تصاعدي تقليدي وكلمات أكثر من تقليديه عن حالة عشق وغزل ووعود مكررة ، حتى أغنية "تيجي تيجي" رغم أنها جيدة على مستوى التوزيع الذي نفذه محمود صبري ، ورغم أن القالب اللحني للأغنية رشيق وسريع ولكن عمرو مكصطفى نفسه لحن للشاب مامي أغنية منذ عشرين عاما بعنوان "تيجي تيجي" ، صحيح الأغنيتين مختلفتين تمامًا ، ولكن منذ الذكاء أن تختار اسم آخر .
توزيع أغاني الألبوم في المجمل جيد جدا ، ولكنه ليس جديدًا ، وهذا هو الفارق بين الجيد والجديد ، فعمرو مصطفى قدم ميني ألبوم جيد موسيقيًا ، يخاطب ذائقة جمهور الألفينات والتسعينات جيل عمرو مصطفى نفسه ، ولكنه لا جديد يذكر ، حتى على مستوى الكلمات التي أصبحت جوهر معادلة النجاح لأي أغنية الآن ظل عمرو مصطفى أسيرًا للكلمات التي كانت تخاطب العشاق منذ 20 عاما وأكثر ، وهذا يدفعني لطرح سؤال آخر حول الجمهور الذي يستهدفه عمرو مصطفى بأغانيه وربما بألحانه أيضًا ؟!
لن أكون قاسيًا لو سألت سؤالأ آخر .. هل أستهلك عمرو مخزونة الموسيقي ولم يعد يملك القدرة على مواكبة التغيرات التي طرأت على ساحة الموسيقى وذوق المستمع؟ الواضح أن عمرو مصطفى لم يصل بعد لسنة 2023 .
اقرأ أيضًا لمصطفى حمدي:
"الهرشة السابعة"... عن اختياراتنا التي لم تظلمنا
بعد إذن "الإنترنت"... لماذا يحب جمهور الشارع "جعفر العمدة"؟