يغزل محمد سليمان عبد المالك، في مذكرات زوج، أزمتي منتصف العمر والزواج ببراعة، ليس فقط كفكرة أو حوار عميق معبر على لسان بطله الرئيسي، بصفة خاصة، وباقي شخصياته بصفة عامة، ولكن بسيناريو يتصاعد ويزداد إمتاعا مع الوصول إلى الحلقة السابعة.
هذا السيناريو، الذي اقتبس الفكرة العامة فقط من مذكرات زوج للكاتب الراحل أحمد بهجت، حتى الآن أحد أفضل ما كتب محمد سليمان (إلى جانب سيناريو مسلسل رسايل)، كذلك كان أحد أفضل مسلسلات رمضان في تقديم شخصيات لها ملامح محددة وعميقة منذ الحلقة الأولى.
يتنقل المسلسل بين الكوميديا والتراجيديا، فلا تستطيع أن تحسبه على واحدة منهما، لا يغرق في الكوميديا، بل يجعلها حسب الموقف، ورغم ماسأة البطل، فالتراجيديا ليست سوداء قاتمة، لا يهدف العمل إلى خلق حالة من الكآبة من الزواج، بالعكس تماما، لذا جعل بطلة عمله، رغم ما فيها من عيوب، شخصية تستحق أن يعود إليها الزوج، ولا يرغب ولا يفكر في الطلاق منها.
هو فقط يريد لبطله أن يعيد اكتشاف نفسه، أن تدوي أجراس الإنذار في كل مكان، لكي يشعرون به ويحسون بوجوده، ولا يمكن أن تشعر بقيمة الحضور إلا في أوقات الغياب، لا أن يهد المعبد كما قيل على لسان إحدى الشخصيات.
لا يعرف بطل العمل خطواته بوضوح، لكنه ليس إنانيا، يلقي بمسؤولياته خلف ظهره، ويذهب لكي يلهو، بل يفعل المحاولة الأخيرة قبل إعلان الوفاة، ليست وفاة بمعناها الفعلي، ولكن أن يعيش الإنسان بجسد فارقته كل ملذات الحياة، وحياة زوجية كُتبت شهادة وفاتها لكنها تبدو أنها على قيد الحياة بدافع المسؤوليات والأولاد فقط.
كان بطل المسلسل يعيش روتينا قاتلا، جسد بلا روح، إلى أن مسته الكهرباء، الهزة القوية من الكهرباء لم تقتله بل أعادته إلى الحياة، وفي القلب منها حياته الزوجية، التي وإن كان اختارها بعقله فإن مقومات استمرارها حاضرة، لكن الكهرباء مسته هو فقط دون زوجته، لذا فإن كل المحاولات باءت بالفشل، ولم يبق له إلا الخروج من البيضة ثم الطيران.
ساعد سليمان في أن يصل بما رسمه في السيناريو، إدراك طارق لطفي لتفاصيل شخصيته، ليس هو فحسب، بل عائشة بن أحمد أيضا، التي تقدم أداءً جيدا للغاية، شاهدت كيف تحولت الشخصية الجامدة الواثقة من نفسها مع اختفاء زوجها؟، وكيف عبرت عنه بأداء ولغة جسد وصوت؟.
خطوط درامية أخرى كذلك، تقدم تنويعات مختلفة، "خالد الصاوي وسما إبراهيم" شخصان عاقلان ناضجان ظنا أن خبراتهما ودراستهما لعلم النفس والأبراج ووضع الخطوط العريضة قبل الزواج قد تمكنهما من أن يعيشا حياة زوجية مختلفة، تكون استثناءً قبل أن يكتشفا أنهما مثل آخرين عند أول اختبار، إلى جانب نماذج أخرى يكون فيها أحد الطرفين خائفا من الزواج بسبب عقدة في كل حالة مختلفة عن الأخرى، "عمر الشناوي وسارة شاهين"، "جلا هشام وحازم إيهاب".
إلى جانب هذا، فإن ما ساعد محمد سليمان كثيرا في الوصول بمسلسه وما يريد مناقشته حتى الآن، بعد مرور 7 حلقات إلى بر الأمان، المخرج تامر نادي، وهو سينارست إلى جانب كونه مخرجا، الذي أدرك جيدا نوعية المسلسل الذي يقدمه، ونجحا كذلك في الخروج بمشاهد كوميدية وأخرى تراجيدية دون افتعال في أي منهما.
لا يهدف العمل رغم كل ما جاء به مؤامات لا تقود في النهاية لزواج سعيد، إلى محاربة فكرة الزواج، بل على العكس تماما، هو يشرّحه في أكثر من ثنائية فقد يجد أحد نفسه في أي منها.
ورغم محاولات الأبطال، ورغم محاولتنا في الحياة، لن نصل إلى زواج سعيد مثالي، فهذه فكرة يصبو إليها الجميع، كما يصبون إلى الخلود، لذا فأقصى ما يمكن الوصول إليه هو مساحة كبيرة من التفاهم و"هندلة" الحياة بما يتيح لكل شخص من الزوجين أن يكون أكثر سعادة وراحة.