"ادي العيش لخبازه" مثل شهير جميعنا يعرفه، ويعرف تكملته وهى: "ولو أكل نصه"، ويدعو هذا المثل إلى ترك الشيء لمن يفهم فيه ويتقنه، حتى يتمكن من إنجازه على أكمل وجه، فيخرج كاملا صحيحا وفي أسرع وقت، لكن ما فعله أحد العاملين بقناة "دريم" الفضائية في مباراة "القمة" بين الأهلي والزمالك مساء الجمعة 16 إبريل 2010، كان عكس ذلك تماما.
كان لي نصيب، أن أستمع عن طريق صدفة -غير سعيدة- إلى تعليق محمود بكر على الشوط الأول من المباراة، قبل أن أطلب ممن كنت أجلس معهم لمشاهدة المباراة تحويل المحطة، وفجأة وخلال المباراة سريعة الإيقاع، وبينما كل فريق يحرز هدفا يرد عليه الفريق الآخر بهدف سريع، إذا بكابتن محمود بكر يخبرنا أن محمد خضر مدير عام قنوات دريم، طلب منه أن يعلن لمشاهدي القناة عن المسلسل الجديد الذي اشترت القناة حق عرضه حصريا "عرض خاص"، وهنا كانت المأساة.
فكل ما تذكّره المعلق الكبير اسم المسلسل، وكان عليه أن يقوم بارتجال إعلان على الهواء، فقال: مسلسل "عرض خاص" هيتزاع على "دريم"، وده مسلسل متصور تصوير سينمائي، واحد هيقول لى يعني إيه مسلسل متصور تصوير سينمائي، وإيه الفرق بينه وبين اللى متصور تصوير تليفزيوني، هقول له: اللي متصور تصوير سينمائي يعنى صورته أحلى وأعمق".
ويا ليته صمت عند هذا الحد واكتفى بالمعلومة الرائعة التي قدمها للجمهور، "تصوير سينمائي يعنى صورته أحلى وأعمق"، ولا أعرف من أين أتى بهذه المعلومة الجهنمية، وسامح الله من أعطاها له.
المهم، استرسل بكر في استعراض معلوماته وخبراته السينمائية، فأوهم المشاهدين في البداية أنه سيكمل الشرح في تقنيات التصوير السينمائي والفرق بينه وبين التصوير التليفزيوني، فقال جملته المشهورة: "واحد هيقول لي" -رغم إن والله العظيم ما حد سأل ولا فكر حتى يسأل- وطرح أحد تساؤلاته المتخيلة ولم أسمعه من صدمة إجابته السابقة، وأفقت على إجابته التي بالطبع لا تخلو من الكوميديا المعروفة عنه، إذ قال: هقول له لا مش وقته بقى نتكلم فى الموضوع ده دلوقتى، ولا أدري سبب طرح السؤال أساسا، طالما يعرف أنه "مش وقته" ويجب علينا التفرغ لمتابعة المباراة، بدلا من هذه المهاترات الفنية.
أعرف أن القناة تريد استغلال وقت المباراة للإعلان عن المسلسل، للاستفادة من نسبة المشاهدة العالية التي يحققها التليفزيون في هذا التوقيت، لكن ألم يكن كافيا الإعلان الذي قدمته القناة عن المسلسل بصور جميع أبطاله أسفل الشاشة أثناء المباراة؟!
هل أسلوب التعليق على المباراة الذي لا يعتمد على أي شيء سوى قدرة المعلق على مواصلة الحديث لمدة 45 دقيقة ويزيد بدون توقف، تصلح للإعلان عن الفنون بل والتصدي أيضا لشرح أدق الاختلافات بين تقنياتها؟!
السادة الإعلاميون، السادة المعلقون، السيد محمود بكر، لا تأخذكم الجرأة للحد الذي تتحدثون فيه عما لا تعرفون، حتى لا يكون الحديث لمجرد الحديث، أرجوكم تذكروا هذا المثل جيدا: "ادي العيش لخبازه".
استمع لمجموعة طريفة من تعليقات محمود بكر