أطلقت أخت الفنان الراحل أحمد زكي، وهي بالمناسبة أخت غير شقيقة من أمه، ادعاءات تصل في تقديري حد التطاول، على شخص الكاتب الصحفي محمد توفيق، مؤلف كتاب "أحمد زكي 86" الصادر لأكثر من عام الآن، عن دار ريشة للنشر والتوزيع.
تَرَكَت السيدة "منى عطية" أكثر من 300 صفحة ونحو 40 فصلًا، وتوقفت عند بضعة أسطر في فصل عنوانه "في بيت الست وطنية" ضمنها المؤلف معاناة أحمد زكي في طفولته وصباه، نتيجة معيشته المضطربة في بيوت أقارب والدته، ومنهم جدته ألماظ وخاله عبد المنعم، قبل أن تضيق به بيوت هؤلاء، فيخبره خاله بانتقاله ليعيش في بيت غرباء ولكن أصلاء، الست وطنية وزوجها محمود راتب.
مرور سريع على نشأة وطفولة وصبا مبدع كبير، له ملمح دون شك وأنت تستعرض سيرته الفنية الاستثنائية المتفردة، ولكن رأت فيه السيدة "منى عطية" أخت أحمد زكي، ما اعتبرته تعديًا على الحق الأدبي لمورثيها الأم والأخ، بعبارات إساءة واحتقار وتلفيق أحداث، منصوص عليها في كتاب "أحمد زكي 86" على حد قولها.
نقاط حاسمة على حروف قاطعة في مواجهة ادعاءات باطلة، قبل أن نخرج بالموضوع إلى ظاهرة عامة، صارت مزعجة مؤخرًا إلى أبعد الحدود، ألا وهي سلوك ورثة المبدعين في التعامل مع إرثهم.
كما نوهت فإن كتاب "أحمد زكي 86" عمره الآن أكثر من عام، ويتناول بالأساس السيرة الفنية لـ أحمد زكي، عبر سنة 86 التي جاءت بشكلٍ وآخر فاصلة في مسيرته الفنية الفذة، فقد قرأ في هذا العام نحو 50 سيناريو، واتفق مبدئيًا على 22 عملًا فنيًا، وبدأ تصوير 3 أفلام هي "زوجة رجل مهم" و"أربعة في مهمة رسمية" و"المخطوفة"، بينما كان يُعرَض له في دور العرض 4 أفلام هي "البرئ" و"البداية" و"شادر السمك" و"الحب فوق هضبة الهرم"، وإلى جانب فيلمين مستمرين بدور العرض من عامين سابقين هما "سعد اليتيم" و"الراقصة والطبال".
أكتفي هنا بذكر أسماء الأفلام دون التطرق لمؤلفيها وصناعها وأبطالها، دليلًا على أهميتها ومكانتها ليس فقط في مسيرة أحمد زكي الفنية، ولكن في تاريخ السينما المصرية على مداره.
على الناحية الأخرى، وطوال رحلة أحمد زكي الفنية الطويلة، لم نعرف له يومًا عائلة سوى عائلة المخرج الراحل أحمد فؤاد، عندما انتمى لها بزواجه من ابنته الفنانة الراحلة هالة فؤاد، وحدث أن انفصلا بعدما أنجبا هيثم، لتحتضن عائلة أحمد فؤاد الطفل هيثم طويلًا بعد رحيل أمه، وصار الأمر هكذا حتى تُوفي تباعًا الجد والجدة والخال هشام فؤاد، ليشاء القدر حتمية تقارب أحمد وهيثم حتى يعوضا ما فاتهما عبر سنواتٍ طوال.
ومن جديد يشاء القدر رحيل أحمد زكي، فلا يتبقى لنا من رائحته إلا هيثم، نعيش معه مكانة أبيه في قلوبنا، حتى تُوفي هيثم أحمد زكي منذ نحو ثلاث سنوات، وبعد تداعيات متنوعة متعلقة بإرث هيثم، ظهر في الصورة من يتمسحون في اسم أحمد زكي، بشكلٍ أو آخر، ومن قريبٍ أو بعيد، ليُفاجَأ كاتب موهوب وباحث مجتهد مثل محمد توفيق، بما ينغص عليه حياته، ويتجاوز في حق كتاب أخذ من عمره عامًا كاملًا، واحتفى به الجميع من عشاق أحمد زكي، وفي المقدمة منهم أصدقاءه الكتاب والنقاد والفنانون.
وبقدر ما كانت صدمة محمد توفيق في صدارة المشهد، بقدر ما تجدد الاحتفاء به وبكتابه "أحمد زكي 86"، ولكن هذه المرة دعمًا مستحقًا في المقام الأول، فما ذكره في كتابه عابرًا عليه لم يكن إلا حقائق، حكاها الفنان الراحل نفسه تفصيلًا مرارًا وتكرارًا على مدى سنوات عمره.
فإذا توقفنا عند سلوك ورثة المبدعين بشكل عام في السنوات الأخيرة، نجد أن هؤلاء الورثة يمكن تصنيفهم في ثلاث فئات، الأولى ورثة مهمومون بمشروع ومنجز مورثهم، يقدرونه حق قدره ويدركون قيمته أيما إدراك، يضعونه على أجندة حياتهم اليومية، يفكرون ويجتهدون ويسعون في كل اتجاه، ولا يرجون سوى دوام إحياء سيرته بما يليق به.
وفي المقابل فئة ثانية، تضم ورثة يجهلون أول ما يجهلون قيمة مورثهم وإبداعه، وبالتالي لا يمثل إرثه لهم سوى طاقة قدر وانفتحت كما يتصورون، فلا تجد منهم إلا سلوكًا ملؤه الطمع والانتهازية، رغبة جامحة في الاستحواذ على ثروة لها في واقع الأمر قيمة مطلقة، بحكم اتصالها بجماهيرية عريضة امتدت جيلًا من بعد جيل، وتشكل وزنًا لا يُستهان به من إبداع المورث.
أما الفئة الثالثة، فهي الفئة المنقسمة على نفسها، بعض الورثة تنطبق عليه صفات الفئة الأولى، والبعض الآخر تنطبق عليه صفات الفئة الثانية، فتجد فريقًا مهمومًا بإيحاء سيرة المورث وإبداعه، وفريقًا محمومًا بجمع المال دونما أي اهتمام حتى بقراءة الفاتحة على روح المورث وإبداعه، وكلاهما له حق في الإرث أو هكذا يتصور على أسوأ الفروض.
لابد من تشكيل تيار رأي عام في مواجهة هذه الظاهرة المزعجة، ظاهرة أطماع الورثة الانتهازيين، المهددة في كل وقت بزوال إبداع حقيقي ثري عابر بقيمته وطبيعته للأجيال، تيار مضاد يمثل جماهير كبيرة لا يُستهان بها، لها حقوق في كل مبدع ساهمت دائمًا في توهجه طوال مسيرته الإبداعية، ومعه مراجعة القوانين المتصلة بالميراث والملكية الفكرية، وبحيث لا يتعامل مثل هؤلاء الورثة في النهاية مع الإبداع، كما يتعاملون مع عقار أو سيارة أو رصيد في البنك.
اقرأ أيضا:
بسم الله نبدأها بطاعة الله... سالي عبد السلام وزوجها يؤديان مناسك العمرة - صورة
كارمن سليمان: لم أخضع لعمليات تجميل.. وخلعت حجابي قبل الشهرة
نيو لوك ليلى أحمد زاهر في أحدث ظهور.. شعر أقصر ولون أفتح
كارول سماحة: اختلاف الأديان بيني وبين زوجي لم يشكل عائقا
لا يفوتك- حلقة خاصة بمناسبة عيد ميلاد الهضبة عمرو دياب
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ