حوار- رانيا الزاهد:
طارق صالح مخرج من اصول مصرية، وولد في السويد ويحمل الجنسية السويدية، ولكنه دائما ما يحمل القصص والروايات المصرية بداخله ويقدمها في أعماله السينمائية.. وعلى الرغم من أن صالح تلقى تعليمه الجامعي في مصر بكلية الفنون الجميلة بجامعة الاسكندرية وانتقل بعدها للعمل في القاهرة قبل ان يستقر في الخارج ويعمل كمخرج سينمائي، إلا انه لم يعد متمكنا من الحديث باللغة العربية ، كان هذا أول ما لفت انتباهي ونحن نستعد للحديث عن فيلمه المثير للجدل "صبي من الجنة" والذي فاز بجائزة أفضل سيناريو من مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الـ75 .. تفاصيل كثيرة تحدث عنها طارق لـ FilFan.comحول الفيلم والجدل الذي أثاره والصدام مع الأزهر والاحتفاء الدولي بقيلمه
قدمت فيلما عن أكبر مؤسسة دينية اسلامية في مصر والوطن العربي، ما هي مصادر المعلومات التي استندت اليها في البحث عن الازهر وطرق ومعايير اختيار الامام الأكبر وما يدور داخل أروقة الازهر خاصة وانك غير مقيم في مصر ؟
جدي درس في الازهر وكان دائما يحدثني عن هذا الكيان منذ صغري لذلك كان لدي دائما شغف به وكنت استمع لكل ما يقوله ويحكيه عن دراسته هناك، وقراءت الكثير عن تاريخ الازهر، وجمعت عن طريق القراءة العديد من القصص، وعندما كنت ادرس في مصر، في كلية الفنون الجميلة جامعة الاسكندرية، ثم عملت لفترة في القاهرة بمجلة "لايف" وحتى بعدما رحلت عن مصر واستقريت في الخارج، كنت اعود لمصر كثيرا كلما سنحت لي الفرصة، لاني اعتبر مصر بلدي الثاني، وعندما ازور القاهرة اشعر كانني في بلدي.
هذا ثان فيلم لك عن مصر، هل ذلك لانك تحب الحديث عن القضايا المصرية أم أنك تجد بها نوعية الموضوعات المبهرة بالنسبة للمواطن الاوروبي فتصبح بذلك قصص اكثر تشويقا واكثر امبيعا في الخارج؟
بالنسبة لي كل فيلم اقدمه يعتبر تجربة شخصية ويلامس شيء ما بداخلي، وخلال العمل على الفيلم لا افكر بالجمهور ومتطلبات السوق، ولكن ابحث عن القصص المثيرة بالنسبة لي. وعن"صبي من الجنة" في البداية لم أكن اعمل على كتابة سيناريو لفيلم ولكن كنت اكتب رواية لأني اعرف أنني لن استطيع السفر لمصر والتصوير في الازهر وذلك مستحيل، وحتى العمل عليه كفيلم وثائقي كان صعب ويحتاج للعديد من المصادر والتصاريح التي لن استطيع الحصول عليها ولن اضمن موافقة الشيوخ والعلماء على المشاركة ايضًا، لذلك في النهاية قررت ان اقدمه كفيلم روائي طويل وهذا يرجع في النهاية لحبي وتقديري للازهر فعلى المستوى الشخصي احب الشيخ الطيب واعتقد انه شخص ذكي لذلك قررت عمل الفيلم عن الازهر وعملية اختيار الامام الاكبر.
الشعب الذي هاجم محمد صلاح ليس غريبًا عليه أن يهاجم فيلمي!
الفيلم تم تصويره في تركيا ولكن شاهدنا العديد من اللقطات التي تم تصويرها بكاميرا الموبايل في شوارع مصر خلال شهر رمضان أي منذ أسابيع قليله،كيف استطعت الحصول على هذه اللقطات؟
نعم استطعت الحصول على بعض اللقطات للافتات الشوادر التي تقام في شوارع مصر خلال رمضان لبيع المنتجات الغذائية واعطاء شعور للمشاهد انه تم تصويره بالفعل في مصر، ولكن لن استطيع الافصاح عن مصدر هذه الفيدوهات حتى لا اتسبب في مشاكل عديدة للمصدر . لذلك اعتمدت على العديد من الحيل الاخراجية والتقنيات العالية في التصوير والمؤثرات البصرية حتى استطيع الوصول لنتيجة مشابهة للواقع في مصر.
كمصرية، لم استطع الشعور بالروح المصرية في الفيلم لا عن طريق الحوار او أداء الممثلين الذي كان أقل من المتواضع، لماذا لم تستعن بممثلين مصريين؟
نعم اعلم ذلك، وعلى المستوى الشخصي انا احب الممثلين المصريين فهناك العديد من النجوم العظماء، ولكن اعلم انه من الصعب بالنسبة لهم الظهور في فيلم لي وقد حاولت الوصول لبعض منهم ولكنهم رفضوا لانهم يراعون مصالحم وانا مقدر سبب رفضهم، فهم يريدون العمل مع ويحبون العمل معي لأنني مخرج كبير، ولكن اعرف ان هناك اسباب مختلفة وراء هذا الرفض، فعندما صورت "حادثة النيل هيلتون" كانت هناك نفس المشكلة.
سبق وذكرت أنك تعلم أن افلامك لا يمكن عرضها في مصر لماذا؟
لا أعلم لماذا لا يتم عرض افلامي في مصر، ولكن لدي شعور ان الوضع السينمائي والثقافي والاجتماعي في مصر اليوم غير مفهوم بالنسبة لي، فقد سبق وهاجمو فيلم "ريش" للمخرج عمر الزهيري وهو فيلم رائع وفاز بجوائز وتم تقديره بشكل كبير فلماذا لن يهاجموا صبي من الجنة ؟.. انه شعب يهاجم محمد صلاح وهو نموذج رائع وقصته من القصص الملهمة، فما كل هذا الغباء في مهاجمة اشياء عظيمة، لماذا يهاجم المصريون النجاح بأي شكل من الاشكال ؟! الوضع غير مفهوم بالنسبة لي في مصر ولا احاول فهمه، فهناك العديد من المخرجين المصريين يعملون في الخارج، ونحن فعلا لا يوجد لدينا مشكله مع الحكومة المصرية ولكننا نريد الحفاظ على قدرتنا بالتعبير بحرية عن اي شئ نريده.
الوضع الثقافي والسينمائي في مصر غير مفهوم بالنسبة لي ولا أعرف سبب منع أعمالي من العرض
الرقابة في مصر ترفض بعض المشاهد في افلامك، هل فكرت في الاستماع لهذه الملاحظات حتى تستطيع عرض أفلامك للجمهور المصري؟
كنت أود ذلك، لكن في هذا الفيلم ما هو الشئ الذي قد يكون حساسا او محظورا بالنسبة لك، أو لي ، فانا لا اختلق مشكلة من عدم او قصة خيالية ولكنها احداث تتم على ارض الواقع فما الذي يجعلها محظورة على الشاشة اذا كانت تحدث على ارض الواقع، انا اقدم قصة واعلم انه في السابق الحزب الوطني كان له وجهة نظر فإذا تم انتخاب الرجل الخاطئ في هذا المنصب الحساس قد تحدث كوارث ويمكن لهذا الخيار التسبب في انقسام الدولة والازهر ايضًا كان له وجهة نظر فهو لا يريد ان يتم حكمه من قبل الحكومة او الحزب الوطني، وهذه القصة ليست في مصر فقط، ففي كل دول العالم هناك دائما صراع بين الاجهزة والاحزاب السياسية والدينية وهي مشكله سياسية عالمية ولكن قد تكون في مصر يتم التعامل معها بشكل اكثر حساسية.
هل فكرت أن حساسية هذا التعامل تأتي من مكانة وتأثير الازهر التي تدركها الانظمة السياسية في مصر على مر العصور، فمثلا لو وصل لحكم الازهر شيخ يدعم التفكير الداعشي، واصدر بيانا بهذا الصدد، سيتأثر به ملايين المسلمين في جميع دول العالم؟
نعم بالطبع ادرك خطورة ذلك، واوافقك الرأي تماما واعلم جيدا ابعاد الموقف لذلك سبق وذكرت ان الحزب الوطني كان له وجهة نظر في محاولات التدخل بشكل غير مباشر عن طريق الالاعيب التي قدمتها في الفيلم للتأثير في عملية الاختيار، لذلك ادرك ايضًا ان الشيخ الطيب من اكثر الشخصيات الحكيمة والموثوق فيها واحترمها واقدرها على المستوى الشخصي. وفي النهاية أنا أعتز بمصريتي، وأحب أن يتم التعامل معي على أنني مخرج مصري ولست سويديا لأنني أحب مصر واحب الحديث عنها دائما.
اقرأ أيضًا :
"لايسيء للإسلام" .. ماذا قالت الصحافة العالمية عن فيلم "صبي من الجنة" بعد عرضه في كان؟
طارق الشناوي : أرحب بعرض "صبي من الجنة" في مصر ولجنة مهرجان كان غاب عنها ضعف السيناريو
/a>