قبل رمضان من كل عام يبدأ الحديث عن كثرة المسلسلات ومدى تأثيرها على الجمهور وتضييعها للوقت بل وقد يطالب البعض بالإقلال من عددها العام المقبل ، وطبعاً من أجل "السبوبة" لا حياة لمن تنادي!
ولكن أعتقد أن هذا أصبح غير هام مع وجود هذا السيل من الدراما كل عام وكأنه مقرر وأمر أساسي ، لذلك الأهم هو معرفة إهتمامات الناس.
ويبدأ الجمهور يقول الكلام المعتاد مثل "أنا مابتابعش غير مسلسل يحيى الفخراني بس" على إعتبار إنه ضمان لجودة المسلسل ، وآخر "لأ أنا بموت في يسرا ومن بعد حياة الجوهري وهي أحسن واحدة في رمضان" ، "إنما نور الشريف مالوش حل بيحب كده يبقى عصامي ويبني نفسه من تحت الأرض وكمان ضامن إني هتفرج على حاجة كويسة" ، "أنا بقى بشوف كل المسلسلات بس بتدخل الأحداث في بعضها"!
هذا هو مربط الفرس كما يقول البعض ، فمن أراء الناس قد تدرك أن هذا الموسم الذي يشبه موسم الصيف والعيد للسينما فقد أهميته ، فلا يمكن لأي فرد ذو قدرات طبيعية ولا يتميز بأية إمكانيات خارقة أن يتابع هذا الكم المهول من الدراما ويتذكره ، لأنه في المعتاد يشاهده لتضييع الوقت فقط!
ويا لحظك العاثر إذا كان لديك طبق فضائي "دش" في منزلك ، لأنك خلال رمضان ستشاهد المسلسل الواحد أكثر من عشرين مرة على كل القنوات الأرضية والفضائية والبحرية.
أنا لا أريد "وقف حال" القنوات أو أحسد توزيع المسلسل الكبير - حاشا لله - ولكني أتحدث عن معاناة الجمهور والتي قد تتحول إلى مأساة بسبب فقدان الذاكرة!
والسؤال هنا هو لماذا "حرق" هذه الكمية الكبيرة من الدراما خلال رمضان؟ رغم إنها في الغالب أفضل من باقي المسلسلات المعروضة خلال العام!
ولكني أرى أمراً قد يكون غريباً بعض الشيء ، فصناع المسلسل بكل تأكيد لا يهتمون بإعجاب الناس بالمسلسل أو عدمه ، لأن المنتج في إعتقاده أن المتفرج يهتم بإيجاد إسم ممثل كبير في التتر و"خلاص" ، وبه سيرى الناس المسلسل ، والمهم هو أن يقوم القائمين على العمل بـ"مطَ" المسلسل الذي لاتصلح أحداثه إلا لخمس عشرة حلقة ويجعلوها ثلاثين ، أو يحولوها إلى ثلاثية على غرار ثلاثية محفوظ! وطبعاً يضعوا مشاهد "مالهاش أي لازمة" ، يمكنك أن تقصهم من الملسلسل دون أن يتأثر السياق ، وربنا يزيد من الإعلانات وحقوق العرض التي تحسب بالساعة ، و"الساعة بخمسة جنيه والحسابة بتحسب"!
هذه الاختراعات من مواسم وغيره هي حجج ليس إلا ، فالعمل الجيد يطرح نفسه بقوة في أي وقت ، كذلك العمل الطويل الممل لن ينجح إذا عرض في رمضان أوعلى شاشات السينما في العيد.
مثل الكلام المعتاد الذي تسمعه على لسان الفنانين من نوعية الفيديو أفضل من السينما لأن فيه تمثيل مش كله ضحك - وده طبعاً إذا مكنش معروض عليه سينما - وإذا مكنش معروض عليه فيديو يقول "التليفزيون بيحرق الممثل" .. أهي كلها إختراعات!