طرحت نانسي عجرم أحدث ألبوماتها بعنوان "نانسي 10 " والذي يعد عاشر ألبوماتها الغنائية خلال مسيرة فنية امتدت لأكثر من 15 سنة .
لم تكن نانسي عجرم على امتداد هذا المشوار تمثل حجر زاوية في عملية صناعة الموسيقى ، حتى أن انتاجاتها الغنائية – رغم غزارتها- ظلت محصورة في مساحة تقييم لم تخرج عن إطار "الترفيه" ، والمغنية اللطيفة التي تمتلك حضورًا إعلاميا طاغيا وشعبية جارفة لا تستند على إنتاج فني حقيقي ، ولكنه ناجح في مخاطبة جمهور يمثل ذوقه علامة استفهام كبيرة .
جربت أن أسمع ما تقدمه نانسي عجرم هذا العام على سبيل الفضول ولكن التجربة كانت بها بعض الملاحظات التي تعكس تطورا ملحوظا في تعامل نانسي مع مشروعها الغنائي.
- يضم الألبوم 14 اغنية تم تصويرها جميعا ، وهذا يعكس الثراء الانتاجي والاهتمام الكبير بالمعادل البصري حتى لو كانت هناك جزء من الفيديوهات المصورة اعتمد على ظهور نانسي بمفردها في مشاهد تأمليه مع عرض كلمات الأغنية ، ولكن في المجمل كان هناك وحدة بصرية في جميع الأغاني منحت الألبوم هوية بصرية واضحة .
- أكثر ما سيثير انتباهك كمستمع التميز الواضح على مستوى التوزيع الموسيقي خصوصا في الأغاني التي تولى توزيعها باسم رزق والذي قدم قوالب موسيقية متنوعة مابين الصالصا بمزجهما بالدبكة اللبنانية في أغنية مثل "مية وخمسين" ، وكذلك مزج روح الروك بإيقاع المقسوم القاعد في أغنية "ماتعتذر" .
- تظل بصمة الموزع اللبناني هادي شرارة هي الأكثر وضوحا وتميزا في الألبوم خاصة وأنه يمتلك في توزيعاته أصواتا متفردة لا يقدمها غيره مقارنة مثلا بما قدمه الموزعان المصريان محمد مصطفى وأحمد ابراهيم في الألبوم ، نجح شرارة في تقديم تصور متطور جدا لإيقاع المقسوم المصري في أغنية "سلامات" من ألحان محمد يحيى، وفي اغنية "بدى حدا حبه" أظهر شرارة تمكنا واضحًا من استخدام خطوط الوتريات بشكل يمنح الأغنية قيمة فنية أكبر من لحن زياد برجي .
- حرصت نانسي عجرم على وجود مساحة كبيرة من التوازن بين الأغاني المصرية ، واللبنانية ، ولم يخل الألبوم من أغنية واحدة خليجية لمخاطبة جمهور الخليج .
- أغنية "علشانك" التي تعاونت فيها نانسي عجرم مع الثلاثي شادي نور كشاعر وبلال سرور كمؤلف والموزع هاني يعقوب ، بدت وكأنها محاكاة واضحة لأغاني سميرة سعيد وإن كانت الأغنية لطيفة وتحمل روح الإيقاع الهندي ممتزجا بموسيقى اللاتين بوب .. ولكنني حتى الأن لم أفهم الجملة التي كتبها شادي نور في الأغنية .. " حبك سفاح .. حبك مانجا وتفاح" ، توصيف للحب لايمكن تفسيره سوى بـ "الأي كلام بيتقال ياعم الحاج" .
- الجملة اللحنية في مقدمة أغنية "أنا جاية معاك" للملحن وليد سعد ، هي نسخة طبق الأصل من الجملة اللحنية في مقدمة أغنية "ماتيجي هنا وانا احبك" التي غنتها نانسي منذ 7 سنوات للملحن وليد سعد أيضًا ، حتى توزيع احمد إبراهيم لم يختلف كثيرا عن توزيع طارق مدكور للأغنية السابقة وإن كانت موسيقى مدكور التي مر عليها سبع سنوات أكثر رشاقة وخفة وشقاوة من توزيع "أنا جاية معاك" .
- أغنية "حبك بيقوي" واحدة من أفضل أغاني الألبوم على مستوى التوزيع الموسيقي وإن كان اللحن والكلمات ليسا على نفس المستوى.
- ألبوم "نانسي 10" تجربة موسيقية جيدة ، تحمل نضجًا واضحًا ، وإن كانت هناك بعض الأغاني التي عانت من تكرار الأفكار وتشابه التيمات وخصوصا ما قدمه بعض الملحنين ممن يفترض أنهم "كبارا" في صناعة الأغنية المصرية للأسف الشديد ، ولكنني سأتوقف طويلا أمام الكلمة التي صورتها نانسي عجرم في فيديو يحمل اسم الألبوم وهي تسأل نفسها "كم مرة جربت تهرب وكم مرة رجعت على ذات النقطة" .