حوار: طاهر البهي
لم أكن أعلم أن هذا الحوار سيكون الأخير بيننا، صحيح أنني فزعت من وهن صوته وقوله لي: "اعذرني إن تأخرت في الرد"، ولكنه كان كعادته يقظا، قويا في فكره، شجاعا في رأيه، هذا الحوار لم ينشر وكنت أنتوي استكماله في حلقات.. لم أكن أدري أنه أراد أن يودعني بهذه الكلمات.. رحمة الله عليك يا أبي وحيد حامد.
مشواره الحافل بالأعمال السينمائية والتليفزيونية والإذاعية أثرى وجدان المشاهد المصري والعربي بل وتخطى الحدود؛ حيث تعرض أعماله في دول العالم باعتبارها أعمالا تخاطب الإنسان أينما وجد، في هذا الحوار له، كشف الكاتب المقاتل وحيد حامد عن رأيه وامتنانه للمرأة المصرية التي وصفها بـ "القوية"، كما تحدث لأول مرة عن والديه وبصفة خاصة السيدة والدته.. وعدد من القضايا التي ناقشناها معه في عجالة.
في البداية سألته عن تكريمه "إنجاز العمر" وحصوله على الهرم الذهبي من مهرجان القاهرة السينمائي.. كيف يراه في هذه المرحلة من حياته.. وماهي مشاعره عن هذا التكريم وهل جاء متأخرا؟
بنبرة تكشف عن طبيعته الهادئة وتواضعه الجم قال: في رأيي أن التكريم جاء في وقته تماما، وأشكر القائمين على مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن هذه اللفتة الكريمة، أما مسألة تأخرها، فأنا ليس عندي هذا الشعور المتزايد بالذاتية، ولكني أيضا أحمل قدر كبير بالرضا عن مشواري وعما قدمته خلاله، هذا التكريم جعلني أفتح باب الحساب مع نفسي، فأجد بكل حياد أنني قدمت عطاء طيبا، وأنني بكل تواضع قدمت "اللي عليا" قدر استطاعتي.
ما أهم ما يميز مشوار الكاتب وحيد حامد من وجهة نظر ذاتية؟
يستمر في الفضفضة قائلا: أهم ما في مشواري أنني لم أكذب على الناس!
قدمت نماذج نسائية إيجابية للمرأة المصرية وليست ديكورا في أعمالك.. من هن النماذج التي تتوقف عندها؟
كانت ولا تزال وجهة نظري عند التصدي لنسج خطوط شخصية نسائية في عمل أقدمه، هو أن تكون المرأة قوية.. هذا شرطي عند الكتابة عن المرأة المصرية، فهي بالفعل كما أراها ولازلت عند قناعتي بها، أن المرأة المصرية العظيمة تتمتع بقوة لا يستهان بها، أدلل على ذلك من أعمالي شخصية الفنانة يسرا عندما واجهت الوزير أحمد زكي، وتستطيع أن تجد هذه القوة واضحة وضوح الشمس في شخصية سوسن بدر طوال أحداث عمل أراه مهما لي هو "إحكي يا شهرزاد" من إنتاج العام 2009 من تأليفي وإخراج يسري نصر الله، وبطولة منى زكي، محمود حميدة وحسن الرداد وسوسن بدر، وهو فيلم ينتصر لقضية المرأة بشكل منصف وربما لم ينتبه إليه البعض من هذه الزاوية، أيضا هناك شخصية مهمة جدا قدمتها للفنانة ليلى علوي في الفيلم السينمائي "كل هذا الحب"، وهو فيلم سينمائي إنتاج سنه 1988.على ما أذكر بطولة نور الشريف مع ليلى علوى، ويحيى شاهين، حتى عندما قدمت شخصية الراقصة لـ نبيلة عبيد، كانت شخصية قوية تلعب أدوارا متعددة.
أتصور أن هذا قليل من كثير قدمته عن قوة المرأة وتأثيرها في المجتمع؟
نعم، فهناك على ما أذكر الآن شخصية قدمتها الفنانة معالي زايد عن أحد أعمالي، كانت تتصدى فيه للظلم.
قدمت نماذج لنساء من بحري ومن قبلي..لماذا تتميز المرأة الجنوبية بالقوة والصلابة؟
هذا صحيح إلى حد بعيد، ومنشأه من وجهة نظري أن البعض من رجال الجنوب هاجروا إلى المدينة، وتركوا للزوجة والأم معظم مهامهم من زراعة الأرض وتربية الأبناء، حتى تنوعت أدوارها داخل وخارج البيت.
بالمناسبة نحن لا نعلم شيئا عن والدي وحيد حامد الذين شجعاك على الابداع والتميز؟
قد تندهش أن علمت أن والدي ووالدتي لا يجيدان القراءة ولا الكتابة؛ فهما أميان من ناحية الأبجدية، ولكني أعتبرهما علماء في فنون الحياة والتربية، فقد تركا لي حرية الاطلاع والقراءة وملء البيت بالكتب والمجلات، لم ينهرني أحد منهما، لأنني أقرأ طول النهار وجزء من الليل في غير الكتاب المدرسي، وفي نفس الوقت لم يقصرا في تعليمي، ولم يطلبا مني العمل في الحقل مثل غالبية أبناء القرية، كانا سعداء بي وجعلاني استمر في القراءة بشكل مبالغ فيه مع منحي القروش الكافية لشراء ما أحتاج اليه من كتب ومجلات ثقافية.
لا يمكن أن يكون الحوار مع وحيد حامد دون أن نسأله عن صورة السينما والدراما التليفزيونية حاليا؟
قال بنبرة أسى: أصارحكم.. "أنا مش مبسوط" من معظم ما يعرض، أشاهده فقط بحكم عملي.
الحكم يشمل كل الإنتاج؟
لا طبعا أقول معظمه، فخلال العام الماضي شاهدت مسلسل "100 وش"، كان لطيف وتقدر تتابعه!
هل هي مشكلة ورق أم إنتاج أم آداء تمثيلي؟
أقول بلا تردد.. كل ما ذكرته من عناصر مجتمعة، الورق غير جيد في معظمه، الإنتاج ليس بالسخاء المطلوب، حتى آداء الممثلين فيه حاجة مش مضبوطة!
من هو الكاتب الذي يبشر بالخير؟
مع الأسف.. معظمهم بيبدأ بشكل جيد ثم يتنازل، لكن هناك بعضهم جيد جدا مثل مريم نعوت وتامر حبيب.
يشكو تلاميذك من غياب صالونك الأسبوعي بمقرك المفضل؟
صالون السبت قائم ولكن في الفترة الأخيرة ظروفي الصحية منعت انعقاده.. ادعوا لي.
اقرأ أيضا:
آخر ما قاله وحيد حامد: ابني سدد ديني وانفقت كل ما أملك على المهنة
الصلاة على جثمان وحيد حامد وتشييعه من مسجد الشرطة.. صور