لطالما كان فوز الأفلام بالجوائز أمراً محيراً لكل من صناع الأفلام والجمهور، فهناك أفلام يتفق الجميع على جودتها لكنها لا تفوز بجوائز، وهناك أفلام يتعجب الكثيرون من مجرد قبولها في مهرجانات كبيرة.
ولذلك كان فوز فيلم "ستاشر" للكاتب والمخرج سامح علاء بنجمة مهرجان الجونة والسعفة الذهبية لمهرجان كان، هو مفاجئة بكل المقاييس.
اقرأ أيضا: بعد سعفة مهرجان "كان".. فيلم "ستاشر" يحصد نجمة الجونة الذهبية
العام قبل الماضي، فاز فيلم مصري قصير آخر بنجمة مهرجان الجونة لأفضل فيلم قصير، وهو فيلم "متعلاش عن الحاجب"، للمخرج تامر عشري والمؤلف هيثم دبور.
لا يقتصر التشابه بين الفيلمين على فوزهما بنفس الجائزة، فمضمونهما متشابه إلى درجة مثيرة للتأمل.
يدور فيلم "متعلاش عن الحاجب" حول فتاة منقبة تعيش فى صراع نفسي بين رغبتها في القيام بعملية تجميل لكي تزيد من فرص زواجها، وبين حرمانية هذا الفعل وعقابه الآثم فى الآخرة.
يدفع الصراع الفتاة إلى القيام بكتابة بوست على Facebook، تسأل فيه صديقاتها عن الفعل الذي يتمنين القيام به إذا لم يكن محرماً، لتكون أغلب الإجابات هي الإنتحار، لنكتشف أن الفتاة نفسها تريد أن تنتحر.
أما فيلم "ستاشر"، فيبدأ برسالة من فتاة حبست في بيتها لمدة شهرين، لنكتشف بعد ذلك أنها انتحرت، ونتابع رحلة حبيبها لرؤيتها للمرة الأخيرة، ولفعل ذلك، يرتدي النقاب ليتمكن من دخول البيت.
التشابه بين الفيلمين ليس تشابهً في القصة، بقدر ما هو تشابه في رؤية صانعي الفيلمين للمجتمع المصري والعربي بشكل عام. فالتيمات التي يناقشها الفيلمين واحدة، وهي الضغط المجتمعي، والكبت، والانتحار، فكيف كان تناولهما لهذه التيمات؟
1- الضغط المجتمعي
في "ستاشر"، فأن الضغط المجتمعي المتمثل في العادات والتقاليد يرفض علاقة الشابين ببعضهما كما يرفض مقابلة الشاب لحبيبته حتى بعد أن ماتت.
نفس الأمر يتكرر في "متعلاش عن الحاجب"، فهي ذات العادات والتقاليد التي تمنع الفتاة من أن تقوم بعملية تجميل بسيطة تتمثل في تحديد حواجبها، بل حتى تمنعها من البوح بمشاكلها التي تؤرق عليها حياتها.
2- الكبت
النقاب في الفيلمين ليس مجرد مظهر ديني، بل هو تعبير عن الكبت الناتج عن الضغط المجتمعي الواقع على أبطال الفيلمين.
فذلك الضغط هو ما دفع بطلة فيلم "ستاشر" إلى إخفاء علاقتها العاطفية، وهو نفسه الذي دفع أهلها إلى حبسها لمدة شهرين دون أن ترى أي مخلوق.
أما في "متعلاش عن الحاجب"، فنقاب الفتاة له عدة دلالات، الأول هو تدينها، والثاني هو عدم تقبلها لشكلها، والثالث أنه نقابها صار كالقناع الذي تكبت خلفه نواياها البريئة، خوفاً من عدم تقبل المجتمع لتلك النوايا.
3- الانتحار
كانت النتيجة النهائية والحل الوحيد لبطلتي الفيلمين هو سلب حياتهما ليتحررا من الضغط المجتمعي وقيوده.
بطلة "ستاشر" تبعث رسالة وداع لحبيبها وندرك أنها انتحرت مع الوقت، أما بطلة "متعلاش عن الحاجب"، فنحن نكتشف نيتها المبطنة بالانتحار عن طريق عدة تلميحات موزعة على طول الفيلم دون أن تشي بذلك صراحة.
بالطبع لا يمكن وصف الانتحار بأنه القرار الأسهل على بطلتي الفيلم، لكنه بلا شك كان هو الحل الوحيد للخلاص.
تشابه الفيلمين ليس مصادفة، وليس متعمد لنيل الجوائز، ففي النهاية هما قصتين ينتميان لنفس المجتمع، بعقده وصراعاته.
اقرأ أيضا: